من وجهة نظر شخصية، علمية و أكاديمية، و بعيدا عن الجدل الدائر حول أحقية التمثيلية في المفاوضات مع الوزارة الوصية و الحكومة بشأن مطالب الشغيلة التعليمية، فإنه يمكن القول بأن الحكومة و الوزارة الوصية قد اعتكفتا فعليا بحر هذا الأسبوع على تجويد مضامين النظام الأساسي الذي أثار امتعاض الجماهير الأستاذية مند ما يناهز ثلاثة أشهر و ما واكب هذا السخط و الاحتقان من جهة و عدم التفاعل الآني معه من جهة أخرى، من توقفات دورية عن الدراسة، أدى فاتورتها تلاميذ المؤسسة التعليمية العمومية بشكل خاص و كذا أسرهم الذين يواكبون لحظة بلحظه مجريات الحوار الدائر إلى حدود كتابة هذه الأسطر بشكل عام. و الحقيقة أن ما ''يعاب '' على هذا التفاعل من طرف مختلف الفرقاء، الذي لا يمكن وصفه مجملا إلا بالإيجابي، أنه لم يأت مباشرة بعد اندلاع الأزمة و اشتعال لهيب الحراك التعليمي، إذ أن منطق شد الحبل بين مختلف المتدخلين، الذي طبع هذه الأزمة مند صدور النظام الأساسي المثير للجدل، و كذا التخبط الملاحظ في تدبيرها مند بدايتها، ساهما بشكل ملموس في تأجيج الاحتقان و التوتر و كأن اللغة السائدة بين مختلف الأطراف في الفترات الأولى من هذا الحراك كان يطغى عليها منطق "لا للي الدراع" و "الكلمة للأقوى". ولعل تغليب صوت المنطق خلال هذا الأسبوع، بغض النظر عن أحقية وقانونية التمثيلية في المفاوضات مع الحكومة والوزارة الوصية، كان المحرك الرئيسي للسير بعجلة المفاوضات في الاتجاه الصحيح، بغض النظر عن تشبت هاتين الأخيرتين بعدم سحب النظام الأساسي الذي كان المطلب الأول و الأساسي للجسم الأستاذي. والواقع أن منطق إعادة النظر في مواد هذا النظام بما يستجيب فعليا للمطالب الفئوية المرفوعة يصب في نفس الغاية التي تنشدها نظرية السحب؛ إذ أن السحب يفضي بالضرورة إلى استصدار مرسوم يروم تحقيق هذه الغاية ومن تم إرجاع القانون المعني، الذي تطلب زهاء السنتين على صياغته، بطريقة غير مباشرة إلى طاولة الحوار وإعادة النظر في مواده المثيرة للجدل وهي نفس النتيجة التي تبنتها الوزارة الوصية والحكومة بحر هذا الأسبوع دون المرور من مسطرة السحب. إذ أن المخرجات الجارية بشأن تعديل مواد هذا القانون سوف تدرج في إطار مراسيم تكميلية ومن خلالها سوف يتم سحب عدد من المواد المثيرة للجدل وكذا تعديل أخرى تماشيا مع المطالب الفئوية المرفوعة. و لعل ما تم الإعلان عنه إلى حدود مفاوضات يوم الخميس ينم عن إرادة قوية تهدف الطي النهائي لهذا الملف. إلا أنه و في أفق البلوغ الفعلي لهذه الغاية، و من أجل بث مزيد من الثقة، وجب التركيز على ضرورة استحضار جميع الاتفاقات السابقة بشأن بعض الفئات المتضررة (على سبيل المثال لا الحصر، الدكاترة الموظفين)، و الالتزام بمخرجاتها و محاضرها الموقعة و الملزمة. وفي هذا الصدد ومن أجل إغناء التفكير حول ماهية وآليات حل الملفات الفئوية العالقة، التي تتعدد الأسباب بشأن حلها حسب الجهات الوصية، فإنه من الممكن مثلا، من أجل الخروج من هذا المنعطف، الالتزام بتسوية هذه الملفات على دفعتين حسب الأقدمية العامة للفئات المعنية في أفق حلها نهائيا، يليها استصدار قوانين موازية ومقبولة، متوافق بشأنها مع الشركاء الفعليين، تدفع بالمعالجة الآلية لتلك الملفات في المستقبل وتساهم بالتالي في ضمان السير السليم للتعلمات.