هل هي بداية تفكّك الإطارات النقابية المرتبطة بقطاع التعليم !؟ كل المؤشرات التي صاحبت احتجاجات الأساتذة منذ مطلع شهر أكتوبر الماضي، تؤكد أن النقابات التعليمية فقدت ما تبقّى من قواعدها، وباتت تمثيليتها لا تسري على نساء ورجال التعليم، خصوصا وأنهم خلقوا لأنفسهم إطارات مستقلا عبارة عن تنسيقيات بملفات مطلبية محددة، وعلى رأسها ملف إسقاط النظام الأساسي. عزلة النقابات زكتها ردود فعل غاضبة من طرف الشغيلة التعليمية، بسبب شعورها ب" الخذلان " نتيجة السماح بتمرير قانون أساسي تعتبره إجحافا في حق أزيد من ثلاثمائة ألف إطارا تربويا، وتكريسا لمسلسل الهدم الذي تعيش على إيقاعه المنظومة التربوية، في وقت كان يُفترض أن تلتحم كل القوى الحية من أجل النهوض بالمدرسة المغربية، وإعادة الاعتبار للمنتسبين إليها. نقابة الاتحاد العام للشغالين، التابعة لحزب الاستقلال، دعت إلى تعليق الأشكال الاحتجاجية التي انخرطت فيها الأطر التعليمية، مع أنها لم تكن طرفا في الاحتجاجات، كما أن تمثيليتها ضعيفة إلى منعدمة في الوسط التعليمي، وما عرّى عورتها دعوة عدد من فروعها إلى مواصلة الاحتجاج، ودعم نساء ورجال التعليم في برنامجهم الاحتجاجي الأسبوعي، ما دامت الجهة المعنية لم تبادر إلى فتح حوار جدّي، لأن النّية في معرض البيان لا فرق بينها وبين سوء النية، وفي اللفظ الدارج " اللي عضو الحنش يخاف من الحبل " ! النقابات التعليمية لم تعد قادرة على مواكبة تطلعات قواعدها ( إن وُجدت أصلا )، لأن الوعي النقابي الحقيقي تنتجه إكراهات العمل، وتغذيه غياب شروط الممارسة، أمّا التفرّغات النقابية، وتسلّق المواقع، والبحث عن فرصة التقرّب إلى أصحاب القرار، فإنها لن تنتج وعيا بقدر ما تنتج فعلا انتهازيا، وقدرة على تمويه الشغيلة، والتحايل عليها، وهذا الأمر اصطدم بصخرة الواقع، وما عادت النقابات اليوم قادرة على احتواء وعي القواعد، والتحكّم في نضالاتها الميدانية. نحن اليوم أمام خيارين؛ إما أن تكون التنظيمات المهنية ناطقة باسم من تمثلهم، وقادرة على أن تضمن استقلاليتها الذاتية والموضوعية اتجاه السلطة التنفيذية، وإمّا أن تصبح المسألة النقابية مجرد مسلك سالك نحو التسلق " الانتهازي " بعيدا عن رهانات المدرسة وقلق العاملين بها.