تعرض المغرب خلال الأيام الماضية وهو يواجه أسوأ كارثة بسبب الزلزال الذي ضرب مناطق مختلفة وتسبب في خسائر مادية وبشرية كبيرة، لهجوم فرنسي وجزائري عبر وسائل إعلام البلدين خاصة بعد رفض المملكة المساعدات القادمة من الجزائروباريس. وفي كلمة تم تصويرها وبثها على حسابه بمنصة "x"، وجه الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون خطابا مباشرا إلى الشعب المغربي، متحديا الأعراف الديبلوماسية، مثيرا بذلك غضب المغاربة، الذين اعتبروه "تطاولا على سيادة المغرب"، و"خرقا لحدود اللباقة والبروتوكول"، مؤكدين أنه "لا صفة له لمخاطبة الشعب المغربي". وفي هذا السياق، قالت صحيفة "جون أفريك" الفرنسية في مقال وقعته الناطقة السابقة باسم بعثة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور والحائزة على جائزة رايدنهاور الأمريكية لكاشفي الحقيقة لسنة 2015، عائشة البصري، (قالت) إن هذه الحادثة أثارت تساؤلات كثيرة مرتبطة بالأزمة الفرنسية المغربية التي كشف عنها الزلزال. وقالت البصري إن هذه الأزمة التي تعيشها العلاقة بين البلدين ليست بسبب التوترات البسيطة حول تجميد تأشيرات الدخول للمغاربة، ولا إلى قضية بيغاسوس، ولا حتى إلى التهديد بربط مساعدات التنمية ب "عودة المهاجرين غير الشرعيين"، بل إلى الموقف الغامض لفرنسا من مسألة الصحراء المغربية. وشدد الملك محمد السادس، في خطابه يوم 20 غشت 2022، على أن ملف الصحراء المغربية هو النظارة التي ينظر منها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس صدق الصداقات ونجاعة الشراكات. ودعا الملك محمد السادس، في خطابه الذي وجهه إلى الشعب المغربي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، بعض الدول، خصوصا شركاء المملكة، إلى توضيح موقفها من قضية الصحراء المغربية بشكل لا يقبل التأويل. وأشارت الكاتبة المغربية ذاتها إلى أن الموقف الفرنسي لم يعد يرضي المملكة، وأن الرباط تريد موقفا واضحا من باريس بشأن الوحدة الترابية للمملكة. وأضافت البصري أن حكومة ماكرون اختارت استراتيجية التقارب مع الجزائر، التي، كما نتذكر، تشن حربا بالوكالة ضد المغرب منذ عام 1975. ويستقبل النظام الجزائري على أراضيه الانفصاليين المسلحين التابعين لجبهة البوليساريو الذين يشنون حربا تمولها الجزائر هدفها الوحيد إنشاء دولة مستقلة عن المغرب في الصحراء. ولذلك فمن الطبيعي تماماً أن تثير شراكة فرنسا مع الجزائر ودفء علاقاتها مع جبهة البوليساريو ردود فعل في الرباط. وأشارت إلى أن الغياب الطويل للسفير المغربي في باريس، والتأجيل المتواصل لزيارة الرئيس الفرنسي إلى المغرب، دليل على أن العلاقات الدبلوماسية وصلت اليوم إلى نقطة "الانهيار"، وذلك لأن الرباط لم تعد تقبل بحجة "الحياد" تجاه الصحراء. وتحتفظ بشراكتها الاستراتيجية للدول التي تعترف بسيادتها على هذه المنطقة، كما كان الحال مع واشنطن وتل أبيب، وإسبانيا وألمانيا، التي تدعم الحكم الذاتي في الصحراء الذي يدعو إليه المغرب باعتباره الحل الوحيد الممكن والمتصور للنزاع. أما بالنسبة للعلاقات المغربية الفرنسية، فهي لم تعد على الإطلاق كما كانت. وخسرت فرنسا لصالح إسبانيا مكانة الشريك التجاري الرئيسي للمملكة المغربية، والتي استفادت منها منذ استقلال البلاد. كما أن الوضعية التي تحظى بها اللغة الفرنسية في النظام التعليمي بالمغرب ستفقده تدريجيا، إذ سيتم تعميم تدريس اللغة الإنجليزية عند الالتحاق بالسلك الإعدادي في عام 2025. وختمت الإعلامية مقالها بالقول إن المغرب، البلد ذا السيادة، والشريك الموثوق به، والدولة الوحيدة المستقرة والصلبة في منطقة تعاني من أزمات متواصلة، قد اختار خياره وهو يطالب الآن شركاءه الأوروبيين بالاعتراف بأنه لا يوجد مستقبل للصحراء إلا في إطار سيادة المملكة ووحدة أراضيها، مؤكدة على أنه حان دور فرنسا لمراجعة موقفها بشأن الصحراء وتحمل النتائج.