أجرت الحكومة تعديلات واسعة النطاق على مشروع قانون مدونة الطيران المدني، استجابة لتوصيات المنظمة الدولية للطيران المدني، ولملائمة النظام القانوني المؤطر للطيران المدني الوطني مع المعايير والممارسات الموصى بها دوليا، لا سيما تلك المنصوص عليها في اتفاقية "شيكاغو" وملحقيها 19 وكذا القواعد المنصوص عليها في الاتفاق الأورو متوسطي المتعلق بالخدمات الجوية الموقع في بروكسل بين المغرب والمجموعة الأوروبية بتاريخ 12 دجنبر 2006. ويهدف مشروع القانون الذي أعدته وزارة النقل واللوجستيك، وأحالته على الأمانة العامة للحكومة، إلى مراجعة الإطار القانوني المطبق على كل من: الطائرات، والمطارات، والملاحة الجوية، وحماية البيئة والحد من الإزعاجات في مجال الملاحة الجوية المدنية، ومستخدمي الملاحة الجوية المدنية، والنقل الجوي، والتعويض الممنوح للمسافرين ومساعدتهم في حالة رفض الركوب والإركاب أو إلغاء الرحلة أو تأخير مهم فيها، وأمن الطيران المدني، والتحقيق التقني حول حوادث الطيران المدني وعوارضه، والبرنامج الوطني لسلامة الطيران المدني، والاختصاص ومعاينة المخالفات والمساطر، والمخالفات والعقوبات. ووفقا لمشروع القانون الذي اطلعت "العمق" على مضمونه، فإن أهم التعديلات انصبت على التنصيص على توجيه إنذار إلى طالب الاستفادة من اعتماد تصميم الطائرات وإنتاجها وصيانتها بضرورة تقديم خطة إصلاح بهدف الاستجابة للشروط المذكورة في المادة 26 داخل أجل لا يتجاوز شهر واحد ابتداء من تاريخ التبليغ قبل وقف الاعتماد في حالة عدم الاستجابة لهذه الشروط. ونصت التعديلات الجديدة على منح سلطة القيام بكل أشكال المراقبة والتحقيق إلى المفتشين والأعوان المؤهلين من قبل السلطة المكلفة بالطيران المدني وكذا الولوج بدون قيد وبشكل غير محدود للمطارات والمنشآت والتجهيزات والوثائق والوسائل التي لها علاقة بهذه المهام، أو إلى أي أرض تقع خارج مطار، ومخصصة لأغراض الأعمال التجارية المتصلة بمطار، وكذا القيام بإجراء مقابلات وطلب تقديم معلومات. وبموجب مشروع القانون الجديد يمكن توقيف الشهادة التقنية للناقل الجوي أو أي وثيقة أخرى مرتبطة بشروط استغلال الطائرات أو تقييدها عندما يتبين عدم مراعاة متطلبات هذا القانون أو النصوص المتخذة لتطبيقه. كما نص على إمكانية اعتراف المملكة المغربية بالشهادات والإجازات وسندات الملاحة الجوية المسلمة من طرف دولة أخرى، وكذا إمكانية إثبات بيع الطائرة بعقد عرفي. ونص المشروع المذكور على تضمين المقتضيات الخاصة بتصميم المطارات إجراءات السلامة وكذلك إجراءات الأمن والتسهيلات المتضمنة في البرنامج الوطني لأمن الطيران المدني والبرنامج الوطني لتسهيلات النقل الجوي، وكذا على أن تحدد اتفاقية الامتياز الأجزاء والمنشآت التي لا يمكن للمستفيد منها منح امتيازات استغلالها إلا بعد موافقة السلطة المكلفة بالطيران المدني. ومن التعديلات الجديدة تكليف السلطة المكلفة بالطيران المدني بجميع الإجراءات المتعلقة، بما في ذلك التعويضات المالية، المتعلقة بنزع الملكية للتسوية العقارية الضرورية لإنجاز أشغال البناء أو التوسعة محل الإذن، إضافة إلى خضوع مسطرة تسليم الاعتماد لمبدأ المنافسة وفقا للشروط. كما نص مشروع القانون على إدلاء مشغل كل مطار أو مديره أو مستعملي المطارات للسلطة المكلفة بالطيران المدني، بناء على طلب منها بكل المعلومات أو الإحصائيات ذات الصلة المتعلقة بالأنشطة التي يزاولونها، مع خضوع هذه المعلومات والإحصائيات للسرية التامة طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل. ونصت التعديلات كذلك على إمكانية تقديم خدمات الملاحة الجوية من طرف الأشخاص الخاضعين للقانون الخاص أو أغلبية رأسمالها للدولة، وكذا إمكانية السلطة المكلفة بالطيران المدني فرض عقوبات في حالة إخلال بشرط أو أكثر من الشروط التي تم على أساسها منح المصادقة على خدمات الملاحة الجوية. ومن ضمن التعديلات "التنصيص على إمكانية السلطة المكلفة بالطيران المدني تسليم سند الملاحة الجوية المطابق لسند الملاحة الجوية المسلم من طرف المؤسسات العسكرية المغربية طبق شروط تعادل على الأقل الشروط المحددة في هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه"، و"توسيع دائرة المخالفات للقواعد المعمول بها في مجال السلامة، التي يتم بمقتضاها فرض عقوبات تأديبية على مستخدمي الملاحة الجوية". وتنص مشاريع قانون الطيران المدني على خضوع الناقلين المستفيدين من إذن باستغلال خدمات النقل الجوي لمراقبات منتظمة للتأكد من استمرار توفُّرهم على القدرات المالية والبشرية والتقنية وذلك طبقا للكيفيات المحددة بنص تنظيمي، وكذا إمكانية السلطة المكلَّفة بالطيران المدني تطبيق عقوبات، في حالة عدم احترام شرط أو أكثر من الشروط التي على أساسها تم منح المصادقة، أو عندما لا يقوم الناقل الجوي بالإجراءات التصحيحية. إلى جانب ذلك، نصَّت التعديلات الجديدة على توفُّر كل ناقل جوي أجنبي يستغل خدمات النقل الجوي المنتظم ويستَعمل مطارا واحدا أو أكثر مفتوحا للحركة الجوية أن يتوفَّر على تمثيلية بالمغرب وعلى عقد للمناولة الأرضية بكل مطار يستعمله. أما إذا كان يستغل خدمات النقل الجوي غير المنتظم، فيجب أن يتوفَّر على الأقل على عقد للمناولة الأرضية بكل مطار يستعمله. ونصَّ مشروع القانون على اعتبار السلطة المكلَّفة بالطيران المدني هي السلطة المختصة بأمن الطيران المدني وإمكانية فرضها عقوبات في حالة الإخلال بإجراءات الأمن أو عدم احترام التدابير التصحيحية الضرورية، مع منحها سلطة وضع وتطبيق وتحديث البرنامج الوطني لمراقبة جودة أمن الطيران المدني واتخاذ إجراءات تصحيحية في حق كل من لم يتقيَّد به. وتضمنت التعديلات وجوب قيام الناقلين الجويين الذين يستغلون خدمات النقل الجوي التجاري انطلاقا من المطارات المفتوحة للحركة الجوية بوضع وتطبيق وتحديث برنامج أمن مكتوب للناقل الجوي وعرضه على السلطة المكلَّفة بالطيران المدني من أجل المصادقة عليه، مع إمكانية هذه الأخيرة إلزامهم بالإدلاء بهذا البرنامج المصادق عليه من طرف السلطة المختصة ببلده، وبوضع وتطبيق وتحديث برنامج أمن وفقا للبرنامج الوطني لأمن الطيران المدني. وبموجب هذه التعديلات يتم تسمية الجهة المكلَّفة بإجراء التحقيقات التقنية بمكتب التحقيق التقني حول حوادث الطيران المدني وعوارضه، مع منحه صلاحية إجراء دراسات تقنية تهدف إلى الرفع من مستوى سلامة الطيران المدني، وذلك عبر إصدار توصيات السلامة. في نفس السياق، تم النص على قبول مكتب التحقيق مشاركة ممثل لكل دولة عضو في منظمة الطيران المدني الدولي لديها ضحايا أو جرحى كانوا على متن الطائرة لممارسة الحقوق والامتيازات المخولة له، إضافة إلى إمكانية استعانة مكتب التحقيق للقيام بالتحقيقات التقنية بمحققين تقنيين ينتمون إلى هيئات عمومية أو غير عمومية أو متعاقدين، معتمدين من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالطيران المدني. ووفقًا لمقتضيات مشروع هذا القانون فقد تم النص على استقلالية رئيس مكتب التحقيق في القيام بالتحقيقات التقنية، علاوة على المنع الكلي للكشف عن التسجيلات الصوتية في قمرة القيادة أو تسجيلات الصور المأخوذة في الطائرة ونشرها للعموم أو الإفصاح عن سجلات التحقيق لأغراض أخرى غير التحقيق التقني في الحادث أو العطل. ونص المقتضيات الجديدة على توجيه التقارير عن الحادث أو العطل المنجزة من طرف المحققين التقنيين إلى السلطات المختصة بالتحقيقات التقنية للدول المعنية بالحادث أو العطل، مع منح صلاحية القيام بالتحقيق إلى الأعوان المعينين من طرف مدير أو مستغل المطار، بالنسبة للمخالفات المتعلقة بمخططات ارتفاقات الملاحة الجوية ومخططات التعرض للضوضاء. ورفع مشروع القانون الجديد من قيمة الغرامات المالية في حق مرتكبي بعض المخالفات، كما نص على فرض غرامة مالية تتراوح ما بين 10.000 إلى 100.000 درهم في حق كل ناقل جوي قام بخدمة للعمل الجوي في المغرب دون الحصول على ترخيص مسبق من السلطة المكلفة بالطيران المدني، وكذا مالك أو مستغل لطائرة خاصة ثبت في حقه استعمال طائرته لأغراض تجارية. التعديلات الجديدة نصت أيضا على فرض غرامة مالية تتراوح بين 20.000 و100.000 درهم في حق كل شخص لم يلتزم بخطط الملاحة الجوية وخطط التعرض للضوضاء المشار إليها في المواد 130 و131 و158 من هذا القانون، إضافة إلى النص على عقوبة السجن من شهرين (2) إلى سنتين (2) وبغرامة من عشرة آلاف (10000) درهم إلى عشرين ألف (20000) درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من منع الخبراء التقنيين المشار إليهم في المادة 248 أعلاه من أداء مهامهم. وخول مشروع قانون الطيران المدني، السلطة المكلفة بالطيران المدني إعداد ونشر نصوص إضافية قابلة للتنفيذ، ذات طابع تقني، مثل الدوريات والمنشورات التقنية والمذكرات المتعلقة بالسلامة والأمن، لدعم أنشطة الإشراف على السلامة والأمن وفرض تنفيذ فوري لتدابير السلامة والأمن وضمان الالتزام بالسياسات والالتزامات الوطنية للطيران المدني ولا سيما عند اكتشاف قصور.