قال الناشط الحقوقي والمحامي بهيئة مراكش، محمد الغلوسي، إن التمديد لرئيس المجلس الوطني للصحافة، عن طريق لجنة مؤقة تحل محل أجهزة المجلس لمدة سنتين (نصف ولاية المجلس)، جاء استمرار ل"تبادل المنافع الحزبية والامتيازات وتوظيف المؤسسات لتلبية تطلعات نخب متلهفة للريع". واعتبر الغلوسي إعلان الحكومة حالة الإستثناء في مجال الصحافة، بعد تأسيس لجنة مؤقتة لتحل محل المجلس الوطني للصحافة، والتي خلفت ردود فعل واستنكارات من طرف هيئات مهنية ونقابية وسياسية وحقوقية شتى، ومعارضة من طرف فرق برلمانية، (اعتبرها) مرحلة "تؤسس للرأي الواحد وتقصي كل الأصوات المعارضة". وأضاف الحقوقي المذكور، في تدوينة على حسابه الخاص "فيسبوك"، أن الخطير في الموضوع هو كون الحكومة أطلقت على اللجنة إسم "المؤقتة" من باب "التمويه فقط"، وأن هذه اللجنة في الحقيقة "غير ذلك، إذ ستصبح دائمة وستسند لها مهام تقريرية وستستغرق ولايتها نصف ولاية المجلس الوطني للصحافة"، وفق تعبيره. وتابع الناشط الحقوقي أن رئاسة هذه اللجنة ستسند إلى رئيس المجلس الوطني للصحافة السابق، يونس مجاهد، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، بينما تم إقصاء فيدرالية الناشرين وأصوات أخرى منتقدة للوضع التنظيمي والتدبيري للمجلس الوطني للصحافة. وقال الغلوسي إن واقعة التمديد لرئيس المجلس الوطني للصحافة، جاء في إطار استمرار قواعد تبادل المنافع الحزبية والامتيازات والريع، وتوظيف المؤسسات لخدمة المصالح الشخصية وتلبية تطلعات نخب متلهفة للريع. وتابع الغلوسي أن بعض ممن يغدق عليهم من المال العام والريع، يديرون ظهورهم لكل القواعد الديمقراطية والأخلاقية ويصفق للحكومة وهي تدوس على القانون في واضحة النهار لتوسيع قاعدة الموالاة والمتزلفين الذين يأكلون مع الذئب ليلا ويبكون مع الراعي نهارا، بحسب تعبيره. وزاد المتحدث أنه على الأقلام الصحفية الحرة والمؤسسات الإعلامية المنتصرة للقيم والأخلاق المهنية أن تنتفض ضد رغبة الحكومة ومن يقف إلى جانبها من القطاع في تكريس وتعميق الريع بقطاع الصحافة من أجل إخراج هياكل تنظيمية على المقاس. واسترسل أن المجتمع يراهن على الصحافة الحرة لتشكل ضميره، تعكس همومه وتفضح كل مظاهر الفساد والرشوة والزبونية باعتبارها سلطة رابعة مستقلة عن كل السلط. وصادقت الحكومة، الخميس، على هذا المشروع، بالرغم من المعارضة الشديدة لهذا لمضامين هذا المشروع، والذي أبدته عدة هيئات مهنية للصحافة، على رأسها الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، ونادي الصحافة، إلى جانب فرق برلمانية. ونص مشروع هذا القانون على إحداث لجنة مؤقتة تحل محل أجهزة المجلس الوطني للصحافة وتحدد مدة انتدابها في سنتين ابتداء من تاريخ تعيين أعضائها ما لم يتم انتخاب أعضاء جدد خلال هذه المدة". ويقضي المشروع بأن تتألف اللجنة المذكورة، من رئيس المجلس الوطني للصحافة المنتهية مدة انتدابه، يونس مجاهد، بصفته رئيسا، إلى جانب نائبته، فاطمة الزهراء الورياغلي، بصفتها نائبة لرئيس اللجنة، ورئيس لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية، محمد السلهامي، ورئيس لجنة بطاقة الصحافة المهنية، عبد الله البقالي. وسيعين رئيس الحكومة ثلاثة أعضاء من بين الأشخاص المشهود لهم بالخبرة والكفاءة في مجال الصحافة والنشر والإعلام، كما ستضم اللجنة قاض ينتديه الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية. كما ستعين رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان ممثلة عن المجلس في هذه اللجنة المؤقتة، فيما سيحضر ممثل السلطة الحكومية المكلفة بالتواصل، اجتماعات اللجنة بصفة استشارية، حسب مشروع القانون. وبحسب المشروع ذاته، فإن رئيس اللجنة ونائبته وأعضاء اللجنة، يتمتعون بنفس المنافع المخولة لهم خلال مهامهم في المجلس الوطني للصحافة، ويخضعون للواجبات نفسها. ويتولى رئيس اللجنة ممارسة مهام رئيس المجلس الوطني للصحافة، حيث تضع اللجنة في أول اجتماع لها نظاما داخليا يحدد كيفيات سيرها وتنظيمها، وفق مشروع القانون الذي تتوفر "العمق" على نسخة منه. وفي أولى ردود الفعل، طالبت كل من الفيدرالية المغربية لناشري الصحف والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، بتجميد مشروع قانون "اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر"، ونددتا بمحاولة "السطو" على مؤسسة للتنظيم الذاتي. ووصفت الهيئتان، في بلاغ مشترك، مشروع القانون ب"الاستئصالي وغير الدستوري"، مشيرة إلى أنه "مسيئ لصورة المملكة الحقوقية، ويعد تراجعا خطيرا على استقلالية الصحافة في بلادنا، من خلال تدخل الجهاز التنفيذي في التنظيم الذاتي للمهنة". وقالت الهيئتان إن المشروع جاء بحل "تلفيقي"، في الوقت "الذي كان الرأي العام المهني ينتظر تفعيل مقتضيات المادة 54 من القانون المحدث للمجلس، واستدعاء لجنة الإشراف على الانتخابات التي يترأسها قاض"، داعيتان إلى تجميده.