احتضنت قاعة الندوات بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، جامعة محمد الخامس، اليوم الخميس، ندوة وطنية حول موضوع " 19 سنة من تطبيق مدونة الأسرة: التقييم والاستشراف"، تم خلالها رصد أهم الإشكالات التي تطرحها مدونة الأسرة على مستوى النص، والواقع العملي، وتقديم مقترحات وتوصيات استشرافا لأي تعديل سيطالها. وفي هذا السياق، قال أستاذ القانون الخاص، عبد المنعم أبقال في كلمته ''إن التعديلات التي ثمة في قانون الأسرة في سنة 1993 وفي 2004 توضح أن قانون الأسرة هو نص قانوني وضعي قابل للتعديل والتغير ولا علاقة له بالطابع المقدس المطلق، مضيفا أنه نتاج اجتهاد فقهي صادر في زمان ومكان يختلف عن واقع وراهن المرأة والأسرة المغربية، على اعتبار أن القانون بمثابة المرآة للمجتمع، تتجدد نصوصه وتتطور ارتباط بالتحولات التي يعرفها ذلك المجتمع''. من جانب آخر، اعتبر فؤاد مسرة، أستاذ القانون الخاص، أن ما تنص عليه مدونة الأسرة بخصوص الحالة التي يقوم فيها الزوج والزوجة بطلب الطلاق، وما يقتضيه ذلك من المحكمة بفتح مسطرة الشقاق تلقائيا، يخالف الواقع العملي لأن العمل القضائي لم يسجل أن أي محكمة قامت تلقائيا بفتح مسطرة طلاق الشقاق، مضيفا أن النص القانوني لهذا المقتضى معيب ويخالف الأحكام الواردة في المسطرة المدنية والتي تنظم التقاضي، لأن المحكمة لا يمكن أن تحكم بأكثر مما طلب منها. كما تقدم، مسرة، بمقترح تعديل للمادة 45 من مدونة الأسرة، بما يجعلها تنص على أنه إذا ثبت للمحكمة توفر طالب الإذن بالتعدد على الشروط الواردة في المادة 41 أي المبرر الموضوعي والقدرة المالية، تشعر الزوجة آنذاك بأحقية الزوج بالتعدد. ونبه إلى أن هذا المقترح تم تقديمه لتجاوز إشكالية معمول بها حاليا تتمثل في أخذ موقف الزوجة تجاه طلب التعدد، بالرفض أو القبول، قبل أن يتطرق القاضي للتحقق من الشروط الواردة في المادة 41، قائلا'' ما الغاية من أن تبدي الزوجة رفضها للتعدد، ثم تجد المحكمة أن الشروط الواردة في المادة 41 غير مكتملة، وبالتالي فلا داعي لإحراج الزوجة وإبدائها للرأي والمسطرة غير مكتملة بعد''. وبخصوص موضوع طلب الإذن بزواج القاصر أوضح عضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، عبد العالي ايت بلحاج، أن الشرط الذي حددته المادة 20 من مدونة الأسرة والمتمثل في استماع القاضي للقاصر أو نائبه الشرعي وما يخول ذلك من معرفة لمجموعة من الأمور حول ذلك الزواج وحول القاصر وما يمنحه كذلك للقاضي من صورة تقريبية عن السن الحقيقي، قد أفرز إشكاليات على مستوى الواقع العملي، إذ إن نص المادة، حسب ايت بلحاج، لا يلزم القاضي بالاستماع للقاصر. وأضاف المتحدث أن المشرع لم يلزم توقيع طلب الاذن للقاصر للأم، بل اقتصر فقط على توقيع الطلب من طرف الولي دون استحضاره لإمكانية غياب الزوج. واستحضار منه لما ينص عليه القانون من ضرورة وجود مصلحة للقاصر في الزواج وعلى اعتبارها ركيزة بالغة الأهمية ومعيارا نسبيا يتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص، وبكون القاضي يتعين عليه أن يكون حذرا في تقدير المصلحة التي هي مناط للترخيص ولا يعطي هذا الترخيص إلا إذا توفرت الشؤون اللازمة، مع تبيان المصلحة في المقرر القضائي لمنح الاذن وتعليله تعليلا كافيا، قدم عبد العالي آيت بلحاج مجموعة من المقترحات. وأوصى بتحديد السن الأدنى للزواج الذي لا يمكن السماح بالنزول عنه، وبإعادة صياغة نص المادة 20 من مدونة الأسرة بما يضمن ضرورة إجراء البحث الاجتماعي عن طريق المساعدة الاجتماعية، وبضرورة اللجوء إلى الخبرة وعدم الاكتفاء بالشواهد الطبية المدلى بها من دوي القاصر مع تحسيس الأطر الطبية بخطورة هذا الخبر، وبأهمية تخويل القاضي المكلف بالزواج الحق في إثارة الدفع بعدم الاختصاص. كما اقترح ضرورة البحث في ظروف الخاطب الاقتصادية والاجتماعية وما يفيد أخلاقه وربط الاذن للقاصر بضرورة الزواج بالخاطب المشار إليه في الإذن وليس غيره، وعدم تخويل الإذن بزواج القاصر لشخص مطلق سابقا خاصة إن كان مطلقا من قاصر، ومنع تزويج القاصر بشخص اغتصبها أو هتك عرضها بعنف أو دون عنف.