حذرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية من خطورة الدعوات التي برزت مؤخرا بخصوص تعديل مدونة الأسرة، والتي تدعو إلى المناصفة في الإرث، معتبرة أن الأمر يتعلق ب"جرأة غير مسبوقة" ستزعزع استقرار الأسرة والتماسك الاجتماعي، وستهدد استقرار الدولة المغربية، وفق تعبيرها. جاء ذلك في بلاغ أصدره الحزب، اليوم الثلاثاء، توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه، وذلك بعد اجتماع استثنائي للأمانة العامة للحزب، يوم الجمعة المنصرم، لمناقشة الدعوات الرامية إلى المناصفة في الإرث. وقال الحزب إن تلك الدعوات تأتي "ضدا على النص القرآني الصريح المنظم للإرث، وضدا على مقتضيات دستور المملكة، وفي تحد صارخ للإطار الواضح والثابت الذي حدده جلالة الملك أمير المؤمنين حفظه الله في سياق حديثه حول مدونة الأسرة". وفي هذا السياق، أدان الأمانة العامة، بقوة، "مثل هذه الدعوات الشاردة إلى المناصفة في الإرث"، معتبرة أنها تشكل "جرأة غير مسبوقة وتحد صارخ للآيات القرآنية الصريحة للمواريث". وأوضحت أن آيات الإرث هي "آيات قطعية الثبوت قطعية الدلالة، وتؤكد أن سماحة الإسلام لا تسمح بأي حال بتجاوز هذه الآيات ولا بالاجتهاد في أمور محسومة بنصوص قرآنية قطعية". واعتبر البلاغ أن الدعوات للمناصفة في الإرث "خروج عن الإجماع الوطني والثوابت الجامعة للأمة المغربية، كما حددها الدستور المغربي الذي ينص على أن المملكة المغربية دولة إسلامية، وأن الإسلام دين الدولة، وأن الهوية المغربية تتميز بتبوإ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها". وتابع: "الملك، بصفته أميرا للمؤمنين وحامي حمى الملة والدين، ما فتئ يؤكد عليها في كل مرة من خلال قولته المشهورة، كما وردت في خطابه بمناسبة ذكرى عيد العرش لسنة 2022 في حديثه عن إصلاح مدونة الأسرة: وبصفتي أمير المؤمنين، فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية". ووصفت الأمانة العامة لحزب "المصباح، مثل هذه الدعوات بأنها "شاردة وغريبة عن قناعات المجتمع المغربي المسلم وانتظاراته الحقيقية، فضلا عن كونها مرفوضة لدى المجتمع". وحذرت من أنها "تشكل خطوة خطيرة ستؤدي إلى زعزعة نظام الأسرة المغربية وضرب أحد مرتكزات السلم الاجتماعي والأسري ووضعه على سكة المجهول، وتهديدا للاستقرار الوطني المرتبط بما استقر عليه نظام الإرث في المجتمع المغربي طيلة أزيد من 12 قرنا". وأشارت إلى أن "مثل هذه الدعوات النشاز لا علاقة بقناعات وانتظارات المجتمع المغربي المتشبث بدينه وثوابته الوطنية الجامعة المحصنة بالدستور وبإمارة المؤمنين، وأنها ليست سوى خطوة يائسة وتطبيق لأجندات خارجية". وترى أن تلك الدعوات تشكل "تحديا صارخا لاستقلال القرار الوطني وانتهاك فج للسيادة الوطنية لفرض نموذج غريب للأسرة قائم على الانحلال والصراع والتفكك، وفرض منطق مادي وإباحي فرداني لا يعير للأسرة القائمة على الزواج الشرعي أي اعتبار". وفي هذا الصدد، حذرت الأمانة العامة مما أسمته "الخطورة الكبيرة لمثل هذه الدعوات -من حيث يدري أصحابها أو لا يدرون- ليس على الأسرة المغربية فقط، بل على الدولة والأمة المغربية كلها، لكون مثل هذه الدعوات وفضلا عن كونها ستخلق الفتنة وستؤدى إلى تقويض التماسك الأسري والاستقرار المجتمعي". واعتبرت أن الهدف الأساسي وغير المعلن لتلك الدعوات، "يبقى هو المس بقدسية النص القرآني وتحطيم سمو الشريعة الإسلامية، وهو ما سيؤدي لا قدر الله إلى تخريب أسس نشوء واستمرار ووحدة واستقرار الدولة المغربية القائمة على الدين الاسلامي السمح والبيعة لولي الأمر وإمارة المؤمنين، وهما الأساسان المرتبطان بالنص القرآني وبالشريعة الإسلامية". بالمقابل، ثمنت الأمانة العامة "النقاش العمومي والحوار المسؤول الذي يميز عمل مجموعة من الفاعلين الذين يقاربون إصلاح مدونة الأسرة، في احترام تام للثوابت الجامعة للأمة المغربية وللإطار الذي حدده جلالة الملك لهذا الإصلاح". ودعت جميع المؤسسات الوطنية وجمعيات المجتمع المدني إلى الالتزام بهذه الثوابت، "بما يحقق إصلاحا ينسجم مع هوية وقيم المجتمع المغربي المسلم ويضمن وحدة الأسرة واستقرارها والمحافظة عليها باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع ويصونها من التهديدات والإملاءات الخارجية".