يستذكر المغاربة ضحايا الطرد التعسفي الجماعي من الجزائر سنة 1975، الذكرى ال47 من المأساة الإنسانية التي عاشوها بعد قرار النظام الجزائري بتهجيرهم صبيحة عيد الأضحى يوم 18 دجنبر 1975، وهي المأساة التي لم تعترف بها السلطات الجزائرية إلى حد الآن. فبعد مرور زهاء نصف قرن على الواقعة، تطالب العائلات التي عاشت "بشاعة" المأساة باعتراف السلطات الجزائرية بمسؤوليتها عما وقع، وتشدد على ضرورة جبر الضرر المعنوي والمادي جراء الظلم الذي تعرضوا له، رغم مرور كل هذه العقود. كما يجدد ضحايا الترحيل التعسفي مطالبتهم للنظام الجزائري بتسوية قضيتهم الحقوقية والإنسانية، مع تقديم اعتذار رسمي للدولة المغربية ولهذه الفئة من المغاربة الذين طُردوا تعسفيا من منازلهم وممتلكاتهم، معتبرين أن هذه المأساة الإنسانية لم تندمل جروحها رغم مرور 47 عاما. وفي الوقت الذي تواصل فيه جمعيات الضحايا فعالياتها ومراسلتها الوطنية والدولية لتسليط الضوء على ما وقع، يشدد "التجمع الدولي لدعم العائلات ذات الأصل المغربي المطرودة من الجزائر" المعروف اختصارا باسم "CIMEA"، على أن التذكير بهذه المأساة هو أحد واجبات حفظ الذاكرة وليس مجرد رثاء. وأوضح التجمع الدولي أن الأمر يتعلق بطرد 45 ألف عائلة مغربية بشكل تعسفي وبدون سابق إنذار، في وقت كان فيه العالم الإسلامي يحتفل بعيد الأضحى المبارك، وهي مناسبة تكتسي طابعا مقدسا، وتترجم فيها قيم الإحسان ويسود خلالها التسامح إتجاه الآخرين. وأشارت إلى أنه لم يشفع لهاته العائلات المغربية المرحلة قسرا، كونها استقرت بشكل قانوني في الجزائر منذ القرن 19 ومشاركة جزء كبير منهم في حرب التحرير الجزائرية التي اندلعت في نونبر 1954، وراح ضحيتها مئات المغاربة في ميدان الشرف. لجنة تقصي الحقائق وفي هذا الإطار، طالب "CIMEA" ب"الإسراع بإحداث لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول هذا الملف، كما سبق وأن تعهدت بذلك كافة الفرق البرلمانية التي جرى التواصل معها بهذا الشأن ورحبت بهذه المبادرة المدنية وعبرت عن دعمها لها". وقال التجمع الدولي في بلاغ له، إن فرق المعارضة بمجلس النواب، شرعت في اتخاذ التدابير المتعلقة بترجمة تعهداتها في هذا المجال، معبرا عن أمله في أن تساهم فرق الأغلبية بدورها في إخراج هذه اللجنة النيابية إلى النور. وكان كل من التجمع الدولي لدعم العائلات ذات الأصل المغربي المطرودة من الجزائر، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، قد تقدما بمذكرة من أجل إحداث لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول مأساة المغاربة الذين تم طردهم من الجزائر بشكل تعسفي، وبدون سابق انذار. وبحسب المصدر ذاته، فإن هذه المبادرة التي تندرج في اطار تفعيل اتفاقية الشراكة والتعاون المبرمة ما بين التجمع الدولي والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، تسعى إلى مساهمة المؤسسة التشريعية في توثيق هذه الفاجعة وضمان حق الضحايا في جبر الضرر المعنوي والمادي الذي لحقهم وما يزال من لدن الحكومة الجزائرية. وشدد البلاغ على أن الجزائر، "المسؤولة الوحيدة عن هذه المأساة، تواصل التضليل والتعتيم على الملف وغض الطرف عن إقامة هؤلاء المواطنين المغاربة بصفة شرعية على مدى عقود خلت، وتأسيس عدد كبير منهم أسرا مختلطة جزائرية مغربية، ومنهم من حمل السلاح خلال حرب التحرير في مواجهة الاستعمار الفرنسي". واعتبر البلاغ أن إحداث لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول المغاربة المطرودين من الجزائر "يكتسى أهمية بالغة، خاصة على مستوى توثيقها من قبل مؤسسة دستورية وازنة، مما ستكون لها قيمة حاسمة في إعادة الاعتبار لكرامة آلاف المغاربة وإثارة ثقل مسؤولية الجزائر الملقاة على عاتقها، وتسليط الضوء على الفاجعة، وتجميع المعطيات التي بحوزة مختلف الإدارات والمصالح العمومية، أو لدى الهيئات أو الأشخاص الذاتيين والمعنويين. كما أن إحداث لجنة نيابية حول هذا الملف، يضيف البلاغ، "من شأنه أن يشكل مساهمة في حفظ ذاكرة الضحايا المباشرين وغير المباشرين، مع استشراف كل الإمكانيات لرد الاعتبار إليهم ومساعدتهم على الوصول لكل وسائل الانتصاف الممكنة، وإعداد وثيقة مرجعية، ستكون الأولى من نوعها صادرة عن مؤسسة دستورية، تتوفر فيها كل المواصفات لدعم جهود الضحايا في ترافعهم على الصعيد الدولي". وفي نفس السياق، جدد التجمع الدولي لدعم العائلات ذات الأصل المغربي المطرودة من الجزائر، مطالبته لكل "الهيئات والمنظمات الوطنية والدولية والقوى الحية الذين تحركهم مبادئ وقيم السلام والعدل، إلى الضغط على السلطات الجزائرية للاعتراف بالخروقات التي طالت هؤلاء المواطنين، وتذكيرها بمسؤولياتها الواضحة في المأساة التي يعيشونها، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقتهم". يُشار إلى أن التجمع الدولي لدعم العلائلات المغربية المطرودة من الجزائر، هو هيئة مدنية مستقلة تأسست في 21 فبراير 2021، تضم ضحايا مباشرين وغير مباشرين ومدافعين ومدافعات عن حقوق الإنسان، خاصة من مغاربة العالم الذين كانوا ضحايا هذا الوضع، وبإسناد ودعم فعاليات مغربية حقوقية.