يوسف أيت أقديم يكتب: هل تٌنذر إدانة مارين لوبان بنهاية الديمقراطية في فرنسا؟    الجيش الملكي يرفع التحدي أمام بيراميدز المصري في ربع نهائي الأبطال    أكثر من 1500 شخص يستفيدون من عفو ملكي بمناسبة عيد الفطر    الادخار الوطني بالمغرب يستقر في أكثر من 28 في المائة على وقع ارتفاع الاستهلاك    انخفاض جديد مرتقب في أسعار الغازوال بداية أبريل    أمير المؤمنين يؤدي صلاة عيد الفطر بمسجد أهل فاس بالرباط ويتقبل التهاني بهذه المناسبة السعيدة    مسيرة حاشدة في طنجة تُحيي عيد الفطر تضامناً مع غزة    الرئيسان الفرنسي والجزائري يؤكدان عودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها بعد أشهر من التوتر    أكثر من 122 مليون قاصد للحرمين الشريفين في شهر رمضان للعام 1446    العفو الملكي يشمل عبد القادر بلعيرج بعد 17 عامًا من السجن بتهمة الإرهاب    الجيش يختتم الاستعدادات في القاهرة    منتخب الفتيان يستعد لمواجهة زامبيا    أكثر من 122 مليون مسلم اعتمروا بالحرمين الشريفين في شهر رمضان    عامل إقليم بولمان يؤدي صلاة عيد الفطر وسط حشود كبيرة من المصلين بمصلى ميسور    اختتام فعاليات الدورة الرابعة لملتقى تجويد وحفظ القرآن الكريم في اكزناية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    بعد إدانتها.. التجمع الوطني الفرنسي يطلق عريضة لدعم لوبان    الطقس غدا الثلاثاء.. سحب كثيفة وأمطار متفرقة    ارتفاع عدد الحجاج والمعتمرين إلى 18.5 مليون في 2024    الجزائر ترضخ للضغوط الفرنسية وتنهي أزمتها مع باريس    القهوة في خطر.. هل نشرب مشروبًا آخر دون أن ندري؟    حادث خطير في طنجة يوم العيد.. إصابة شابين في اصطدام دراجة نارية بسيارة مركونة    في ظل تراجع الصادرات إلى المغرب.. مربو المواشي الإسبان يطالبون بفتح أسواق جديدة    تعزيزات مشددة ليلة عيد الفطر تحبط محاولات للهجرة السرية إلى سبتة المحتلة    كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة (الجولة 1/المجموعة 1).. منتخب زامبيا يفوز على تنزانيا (4-1)    "المطارات" ينبه إلى التحقق من رحلات    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال ميانمار إلى 2065 قتيلا    اتفاق ينصف حراس أمن مطرودين    الإمارات تقضي بإعدام قتلة "كوغان"    الجيش الملكي في اختبار صعب أمام بيراميدز بالقاهرة    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    المصور محمد رضا الحوات يبدع في تصوير إحياء صلاة عيد الفطر بمدينة العرائش بلمسة جمالية وروحية ساحرة    ترامب يزور السعودية منتصف ماي المقبل    ست حالات اختناق بسبب غاز أحادي أكسيد الكربون ليلة عيد الفطر    نبيل باها: الانتصار ثمرة عمل طويل    الملك محمد السادس يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك بمسجد أهل فاس بالمشور السعيد بالرباط    الملك محمد السادس يتوصل بتهانئ ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة عيد الفطر المبارك    وكالة بيت مال القدس تتوج عمليتها الإنسانية الرمضانية في القدس بتوزيع 200 كسوة عيد على الأيتام المكفولين من قبل المؤسسة    كأس العالم لسلاح سيف المبارزة بمراكش: منتخبا هنغاريا (ذكور) والصين (سيدات) يفوزان بالميدالية الذهبية في منافسات الفرق    صفقة ب367 مليون درهم لتنفيذ مشاريع تهيئة وتحويل ميناء الناظور غرب المتوسط إلى قطب صناعي ولوجستي    ما لم تقله "ألف ليلة وليلة"    إشباع الحاجة الجمالية للإنسان؟    لماذا نقرأ بينما يُمكِننا المشاهدة؟    عفو ملكي عن عبد القادر بلعيرج بمناسبة عيد الفطر 1446 ه.. من هو؟    مطالب لربط المسؤولية بالمحاسبة بعد أزيد من 3 سنوات على تعثر تنفيذ اتفاقية تطوير سياحة الجبال والواحات بجهة درعة تافيلالت    طواسينُ الخير    ادريس الازمي يكتب: العلمي غَالطَ الرأي العام.. 13 مليار درهم رقم رسمي قدمته الحكومة هدية لمستوردي الأبقار والأغنام    كأس إفريقيا.. المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يطيح بأوغندا بخماسية نظيفة    المعهد العالي للفن المسرحي يطلق مجلة "رؤى مسارح"    الموت يفجع الكوميدي الزبير هلال بوفاة عمّه    دراسة تؤكد أن النساء يتمتعن بحساسية سمع أعلى من الرجال    منظمة الصحة العالمية تواجه عجزا ماليا في 2025 جراء وقف المساعدات الأمريكية    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    انعقاد الدورة الحادية عشر من مهرجان رأس سبارطيل الدولي للفيلم بطنجة    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    هيئة السلامة الصحية تدعو إلى الإلتزام بالممارسات الصحية الجيدة عند شراء أو تحضير حلويات العيد    أكاديمية الأوسكار تعتذر لعدم دفاعها وصمتها عن إعتقال المخرج الفلسطيني حمدان بلال    تحذير طبي.. خطأ شائع في تناول الأدوية قد يزيد خطر الوفاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الناتو" والتأثير الأمريكي وحرب أوكرانيا
نشر في العمق المغربي يوم 14 - 12 - 2022

اعتراف سانا مارين رئيسة وزراء فلنلندا بأن "أوروبا ليست قوية بما يكفي للتصدي للغزو الروسي لأوكرانيا دون دعم من الولايات المتحدة"، يبدو لافتاً بالنسبة لبعض المراقبين، رغم أنه يمثل في حقيقة الأمر تأكيد لواقع قائم بالفعل. رئيسة وزراء فنلندا، التي تنتظر بلادها البت في طلبها الإنضمام إلى حلف "الناتو"، استبقت تصريحها بالقول إنها يجب أن تكون "صريحة بشكل كبير"، وأن أوروبا يمكن أن تقع في "ورطة" من دون الولايات المتحدة.
المسألة هنا لا تتوقف ولا ترتبط بالتقديرات الإحصائية أو المقارنات الكمّية، فالولايات المتحدة قدمت منذ بدء الحرب في أوكرانيا نحو 5.18 مليار دولار دعماً لكييف، ناهيك عن الدعم الإستخباري والمعلوماتي والسياسي أيضاً، وهذه المساعدات تفوق مجمل المساعدات التي قدمتها الدول الأوروبية بأكملها لأوكرانيا، إذ يفترض أن يكون الإتحاد الأوروبي قد قدم حتى نهاية العام الجاري حوالي 2.7 مليار يورو دعماً نقدياً منذ بداية الأزمة في فبراير الماضي، حيث لا يزال الإتحاد الأوروبي يدرس آلية جديدة لدعم أوكرانيا مالياً بعد التباطؤ الواضح في الوفاء بالتعهدات الأوروبية التي سبق الإعلان عنها في بداية العام الجاري.
المعضلة ليست فيما مضى فقط بل تكمن أيضاً فيما هو آت حيث تحتاج أوكرانيا خلال العام المقبل إلى نحو 38 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم أعلنت إدارة الرئيس بايدن إستعدادها لتغطية نصفه، بينما لا يزال الإتحاد الأوروبي بحاجة إلى الموافقة على 3 مليارات يورو متبقية من حزمة مساعدات بقيمة 9 مليارات يورو وٌعدت بها أوكرانيا في عام مايو الماضي. كما لا تزال أوروبا تناقش صياغة خطة مساعدة أوكرانيا، وصرف الأموال لها، حيث يختلف أعضاء الإتحاد الأوروبي حول ما إذا كانت المساعدة على شكل منح أو قروض ميسرة، وأيضاً حول الضمانات التي يجب أن تتوافر لإقتراض الأموال.
المعضلة الأوروبية لا تقتصر على تقديم الأموال سواء كانت منحاً أو قروضاً بل تشمل أيضاً تراجع القدرة على تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، إذ تؤكد التقارير تراجع مخزونات الأسلحة بسبب سحب كميات كبيرة منها لتقديمها لأوكرانيا، ما يعني أن هناك حاجة أوروبية ملّحة لإعادة بناء القدرات الدفاعية، وتشجيع الصناعات المرتبطة بهذا القطاع من أجل تلبية الإحتياجات في وقت تعاني فيها دول القارة بسبب أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا وانقطاع إمدادات الغاز الروسية.
هذه المعضلة ليست وليدة حرب أوكرانيا، فالجميع يذكر النقاشات الحادة بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والقادة الأوروبيين بشأن مخصصات الدفاع الأوروبية، حيث يلاحظ أن الولايات المتحدة قد أنفقت نحو 3.7% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020 على ميزانية الدفاع، في حين بلغت هذه النسبة لدى بقية أعضاء حلف "الناتو" نحو 1.77% فقط. صحيح أن هناك مايمكن وصفه بإستفاقة أوروبية للإهتمام بالإنفاق الدفاعي عقب حرب أوكرانيا، حيث أعلنت ألمانيا تخصيص نحو 113 مليار دولار إضافية لميزانية الدفاع، وتتجه لرفع مساهمتها في ميزانية "الناتو" إلى 2% من الدخل القومي، وهناك توجه بريطانيا لزيادة مخصصات الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.2 % قبل نهاية العقد الحالي، ولكن تبقى هذه الأرقام بحاجة إلى وقت كي تحقق مفعولها، ناهيك عن تحققها فعلياً على أرض الواقع.
معضلة "الناتو" تكمن بالأساس في ضعف مساهمات الأعضاء في ميزانية الحلف، الذي يعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي، حيث يحتاج الحلف إلى أن تصل مساهمات جميع الدول الأعضاء في ميزانيته إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الأقل كحد أدنى، لتعزيز الجاهزية العسكرية للحلف، وهو مطلب يظل بعيد المنال في عدم قدرة بعض الأعضاء على الوفاء بهذه الإسهامات، ناهيك عن عدم قناعة البعض الآخر بوجود حاجة فعلية لذلك.
محصلة كل هذه السجالات تنعكس في مواقف الحلف وسياساتها حيال الأزمات والقضايا المختلفة، وبالأخص أزمة أوكرانيا، حيث لاحظ الجميع في أزمة سقوط صاروخين روسيين في قرية بولندية الشهر الماضي، مدى ارتهان الحلف للقرار الأمريكي، فبمجرد إعلان واشنطن أن الصاروخين لم ينطلقا من روسيا والتوجه نحو احتواء الأزمة تراجع أعضاء حلف "الناتو" عن مواقفهم التي اتسمت بقدر كبير من التصعيد ضد روسيا على خلفية هذه الحادثة، وعاد الجميع للحديث بلغة واحدة هي أن الصاروخ أوكراني. صحيح أن هذا هو الواقع والحقيقة، ولكن هذه الحقيقة لم تعلن أوروبياً سوى بعد إعتمادها في واشنطن، وإدراك أعضاء "الناتو" أن الولايات المتحدة لا تعتزم تبني موقفاً تصعيدياً ضد روسيا بناء على هذا التطور.
مجمل هذه الشواهد تؤكد أن الموقف الفنلندي، الذي يتسم بقدر عال من الصراحة، ليس سوى إنعكاس لحقيقة التأثير والدور الأمريكي داخل حلف "الناتو"، ما يعني إستمرارية الإرتباط العضوي خلال المدى المنظور على أقل التقديرات بين واشنطن وحلفائها الأطلسيين، وصعوبة إنسلاخ هؤلاء الحلفاء من النفوذ الأمريكي في القرار الأطلسي، أو حتى الحد منه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.