كشفت المعطيات التي تضمنها مشروع قانون مالية 2023، عن توجه الحكومة نحو سحب أهم ميزة يتميز بها نظام المقاول الذاتي وهو الإعفاء شبه الكلي من الضريبة على الدخل، وهو ما جعل هذا النظام محل إقبال كبير من طرف عدد من المغاربة، وخاصة فئة الشباب. وينص النظام الحالي على أن المقاول الذاتي يؤدي الضريبة على الدخل على أساس رقم المعاملات المصرح به، حيث إن هذه النسبة هي 0,5% بالنسبة للأنشطة الصناعية والتجارية والحرفية و1% بالنسبة للخدمات، فيما يظل معفيا من الضريبة المهنية طيلة فترة 5 سنوات الأولى. غير أن الإعفاء شبه الكلي من الضريبة على الدخل، لن يستمر مع قانون المالية الجديد في حال المصادقة عليه، حيث اقترح المشروع تسقيف الإعفاء في حدود 50 ألف درهم سنويا، وهو ما يعني أن المداخيل الشهرية للمقاول الذاتي التي تفوق 4166 درهم، ستصبح خاضعة للضريبة على الداخل التي تفوق 27 بالمائة. وبإمكان هذا الإجراء الجديد أن يدفع كثيرا من الشباب إلى التخلي عن هذا النظام، خاصة وأن مبلغ 50 ألف درهم قليل بالمقارنة مع صفة مقاول، حيث إن موظفا صغيرا في قطاع معين يمكن أن يجني أكثر من 50 ألف درهم سنويا، وهو ما سيجعل كثيرا من الشباب يفكرون في البحث عن وظيفة عوض دخول عالم المقاولة بتعقيداته الكثيرة. إلى ذلك، أشارت مصادر مطلعة أن لجوء الحكومة إلى تسقيف الإعفاء من الضريبة على الدخل في حدود 50 ألف درهم سنويا بالنسبة للمقاولين الذاتيين، مرده تحول هذا النظام إلى وسيلة للتهرب الضريبي، سواء من طرف المقاولات بشكل مباشر، حيث تحولت أزيد من 69 ألف مقاولة خلال الثلاث سنوات الماضية إلى نظام المقاول الذاتي بهدف الاستفادة من الإعفاء الضريبي أو عن طريق استغلال الشركات له من أجل شراء وبيع فواتير وهمية. وأوضحت المصادر التي تحدثت إليها جريدة "العمق"، أن عدة شركات تطلب من المستخدمين الجدد الاشتغال بنظام المقاول الذاتي بهدف تجاوز أداء الضريبة على الدخل التي تصل نسبتها إلى %37.1 بالمائة (حصة الأجير + المشغل)، في حين تقوم أخرى بشراء وبيع فواتير وهمية من هؤلاء المقاولين الذاتيين، مقابل دفع 200 درهم عن كل فاتورة بقيمة 10 آلاف درهم. وأكدت مصادر الجريدة أن عددا مهما من تلك المقاولات الذاتية بدأت تنشط فقط في شراء وبيع الفواتير، وهو ما يفوت على خزائن الدولة مئات الملايين من الدراهم، إذ أن فاتورة مثلا ب 10 آلاف درهم بشكل قانوني ستخضع لنظام ضريبي يتجاوز 30% أي ما قيمته 3000 درهم، في حين أن فواتير المقاولات الذاتية لن تكلف سوى 200 درهم أو أكثر قليلا بناء على التفاوض. وفي سياق ذي صلة، سبق لوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والكفاءات أن كشفت في معطيات رسمية أن عدد المقاولين الذاتيين الذين يصرحون بنتائج نشاطهم الاقتصادي بانتظام يتراوح ما بين 50 ألفا و80 ألفا مقاولة من أصل أزيد من 374 ألف مقاول ذاتي مسجل بشكل رسمي.