شل المحامون مختلف محاكم المملكة، اليوم الثلاثاء، بعدما خاضوا إضرابا على الصعيد الوطني، مع احتجاجات متزامنة داخل المحاكم، تنديدا بما يعتبرونها "قرارات انفرادية" من طرف وزارتي العدل والاقتصاد والمالية، من أجل "الإجهاز على مهنة المحاماة" وفق تعبيرهم. فعلى الساعة الحادية عشرة صباح اليوم، تظاهر آلاف المحامين بشكل متزامن بمختلف محاكم المملكة، وقرروا خوض مقاطعة شاملة لكافلة الجلسات ولصناديق المحاكم، احتجاجا على ملفات "مسودة قانون المحاماة" و"امتحان الأهمية" و"التسبيق الضريبي". ووفق ما عاينته جريدة "العمق" بمدن الدارالبيضاءوالرباط وطنجة وتطوان وفاس ووجدة والجديدة، فقد رفع المحامون شعارات غاضبة في وجه وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، وفي وجه وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، بسبب ما يصفونها ب"خطة ممنهة للإجهاز على مهنة المحاماة". ويحتج المحامون المغاربة على مسودة مشروع القانون المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة، المعد من طرف وزارة العدل، حيث يتهمون الوزير عبد اللطيف وهبي، بإقصائهم وفرض مشروع أحادي، إلى جانب رفضهم منهجية امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة. كما يعارض المحامون المقتضيات الضريية الواردة بمشروع قانون المالية لسنة 2023، والتي قالوا إنها "ماسة بمبدأ العدالة الضريبية وتضرب في العمق رسالة الدفاع وخصوصية مهنة المحاماة، كما تمس بشكل سافر حق التقاضي المجاني المضمون دستوريا للمواطنين المغاربة". وينص مشروع "مالية 2023" على استخلاص الضريبة على الدخل لدى المحامين، من خلال استخلاص تسبيق بقيمة تتراوح بين 300 و500 درهم عن كل ملف (ابتدائي، استئنافي، النقض). وتعتبر الحكومة أن هذا هو الحل الأمثل لتحصيل الضريبة على الدخل بسبب استحالة حساب القيمة الإجمالية لدخل المحامي في نهاية السنة بسبب تشعب الملفات، وفق ما جاء على لسان الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع. غير أن المحامين اعتبروا أن الحكومة، باعتماد "التسبيق الضريبي" في مهنة المحاماة، "لم تراعى إطلاقا خصوصية المهنة، وحق المواطن الدستوري في اللجوء الآمن إلى مرفق القضاء، والوضعية الكارثية التي أصبحت تعيشها مهنة المحاماة في السنوات الأخيرة". يأتي ذلك بالرغم من الوساطة التي قادها رؤساء الفرق والمجموعة البرلمانية، من أجل تذويب الخلافات بين الحكومة والمحامين، حيث عقد الطرفان اجتماعا بمقر مجلس النواب، أمس الاثنين، إلا أن خلاصات اللقاء لم ترق تطلعات المحامين ودفعتهم لإعلان استمرارهم في الاحتجاج طيلة هذا الأسبوع. يُشار إلى أن هذه الاحتجاجات جاءت بدعوة من جمعية هيئات المحامين بالمغرب، ونقابة المحامين بالمغرب، وفدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب، فيما يُرتقب تنظيم احتجاج وطني بالعاصمة الرباط، غدا الأربعاء. وانتهى اللقاء المذكور بالاتفاق على تشكيل لجنة من مكتب جمعية هيئات المحامين، تتكون من رئيس الجمعية ونائبيه ونقباء الدارالبيضاء وطنجة وخريبكة، من أجل الحوار مع وزارة الاقتصاد والمالية. كما قرر مجلس هيئة المحامين بالدارالبيضاء، التوقف عن العمل طيلة أيام الأسبوع ابتداء من فاتح نوبنر 2022 بمختلف المحاكم، مع مقاطعة الصناديق والجلسات وإيداع المقالات عبر المنصات الرقمية، باستثناء المقالات والطعون المرتبطة بأجل. وكان المئات من المحامين قد تظاهروا أمام مقر وزارة العدل بالرباط، أكتوبر المنصرم، رفضا لمشروع قانون المحاماة الذي يقولون إن الوزارة "انفردت" بصياغته دون الرجوع إلى الهيئات والتنظيمات الممثلة لأصحاب البدل السوداء، كما عبروا عن رفضهم لمنهجية امتحان الأهلية.