توالت خلال الأيام القليلة الماضية قرارات السلطات الأمنية في مختلف المدن المغربية، بمنع جماهير عدد من الأندية بالبطولة الاحترافية لكرة القدم من التنقل نحو مدن أخرى، تفاديا لإمكانية نشوب أحداث شغب. وقررت السلطات الأمنية منع عدد من جماهير الفرق من التنقل نحو مدن أخرى، خاصة في المباريات بالغة الحساسية بسبب العلاقة المتوترة بين أنصار مجموعة من الفرق المغربية، وهي آلية تجدها السلطات حلا للحد من أحداث الشغب سواء داخل الملاعب أو خارجها. وسيطرت أعمال "شغب وتخريب" سواء داخل الملاعب أو خارجها، منذ انطلاق الموسم الكروي من البطولة الاحترافية لكرة القدم، نهاية الأسبوع الماضي، على عدد كبير من المباريات، حيث أسفرت مجموع العمليات الأمنية التي قامت بها السلطات المختصة عن توقيف أزيد من 500 شخصا، على خلفية اشتباههم في أفعال لها علاقة بالشغب الرياضي وحيازة أسلحة بيضاء. وتتوزع أصابع الاتهام بين من يحمل المسؤولية للجهات الأمنية وضعف مقاربتها مع الأحداث الرياضية والسماح للقاصرين بالولوج للملاعب، وبين من ينتقد أدوار الفصائل في تأطير المشجعين، إضافة لرأي ثالث يحمل المسؤولية للأسرة والتربية وضعف المستوى التعليمي. وتسهر السلطات الأمنية على مواجهة هذه الأعمال التخريبية بإجراءات استباقية قبل المباريات الكبيرة والحساسية، لمنع حدوث شغب بين الجماهير، فهل تتجه السلطات نحو المنع التدريجي لتنقل الجماهير؟ منع تنقل الجماهير قررت السلطات الأمنية بمدينة الرباط عدم السماح لجمهور حسنية أكادير بالتنقل إلى مدينة الرباط خلال المباراة التي سيحل فيها الفريق السوسي ضيفا على الجيش الملكي، لحساب الجولة 7 من البطولة الاحترافية لكرة القدم، مساء غد الخميس. ويأتي هذا القرار لتفادي وقوع أي انفلات قد يحدث بين جماهير الفريقين بسبب العلاقة المتوترة بينهما، خاصة بعد الاحداث التي رافقت تنقل جمهور الجيش لأكادير لتشجيع فريقها في نهائي كأس العرش ضد المغرب التطواني، نهاية الموسم الماضي، إذ نشبت شجارات عنيفة بين جماهير أكاديروالرباط وتطوان، خلفت أضرارا جسيمة وإصابات متفاوتة الخطورة. وكان جماهير الجيش الملكي و"جمعية جمهور العاصمة" وجهوا نداء للسلطات المحلية باتخاذ قرار المنع، "للحفاظ على المكتسبات التي حققها جمهور الجيش هذا الموسم والذي بات يضرب به المثال في الانضباط والتشجيع". كما قررت السلطات الأمنية لمدينة طنجة منع تنقل جماهير المغرب الفاسي إلى مدينة طنجة، لمتابعة مباراة فريقها أمام اتحاد طنجة، الجمعة المقبل لحساب الجولة 7 من البطولة الاحترافي، حيث عمدت السلطات لاتخاذ قرارات استباقية لتفادي أي مواجهات بين الجمهورين من أجل ضمان مرور المباراة في أجواء رياضية جيدة. ويأتي هذا القرار بعد أحداث الشغب التي رافقت مباراة الفريقين في الموسم الماضي، حيث نشبت صراعات بين جمهوري الفريقين، أصيب على إثرها مجموعة من الأنصار ورجال الأمن، كما تم اعتقال عدد منهم، من بينهم قاصرين. في سياق متصل، دعت عدد من الفعاليات الرياضية بمدينة وجدة، السلطات المحلية والأمنية بالمدينة، إلى التدخل لدى الجهات المختصة من أجل منع جماهير الوداد الرياضي من التنقل إلى مدينة وجدة، لمساندة فريقها خلال مواجهته يوم السبت المقبل أمام "سندباد الشرق" بالمركب الشرفي، لحساب الجولة السابعة من البطولة الوطنية الاحترافية. وجاء هذا الطلب من طرف الفعاليات الرياضية، لتفادي سيناريو أحداث "الشغب والتخريب" التي شهدتها مدينة وجدة خلال المواجهة التي جمعت بين الفريقين الموسم الماضي، حيث أسفرت هذه الأحداث عن مقتل شاب جراء تعرضه لضربات طائشة بواسطة الحجارة من طرف محسوبين على جماهير الوداد الرياضي، مع إلحاق الضرر بممتلكات عامة وخاصة بمحيط الملعب. هل تتجه السلطات للمنع التدريجي لتنقل الجماهير نحو المدن ؟ أكد حمزة الكوندي، الباحث في السياسات الرياضية، في تصريح لجريدة "العمق"، أنه "بالعودة إلى القرارات المتعلقة بمنع تنقل بعض الجماهير الى بعض المدن، فالقرار يتخذ، على حد قوله، بطريقة تشاركية، ما بين مكاتب الأندية وجمعيات الأنصار وممثلي الجماهير المستقلين عن تنظيمات الألتراس، مع المصالح الخارجية لوزارة الداخلية وممثلي الأمن وبناء على مجموعة من المعطيات، يأتي على رأسها الصراع بين الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي". وبالنسبة لقضية المنع التدريجي للتنقل بين المدن، استبعد الكوندي هذه الفرضية، معللا ذلك بأن هناك أندية تنعش خزينتها من تنقلات جماهير الأندية الكبرى، ومن جهة أخرى فإن هذا القرار لو كان بالإمكان اتخاذه، لتم اتخاذه أيام المنع. وأضاف قائلا: "لا يمكن القول أن هذا الإجراء سيحد من الشغب بقدر ما يمكن القول أنه سيكون حلا لتفادي بعض الأحداث، اعتبارا لكون الشغب لا يرتبط فقط بالعنف الممارس بين جماهير ناديين مختلفين بل قد تكون نتيجة الصراع بين جمهور نفس النادي". لفتيت: منع تنقل الجماهير أحد الحلول لمواجهة الشغب أكد وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أن السلطات تتجند في المواجهات المحتمل وقوع أحداث شغب فيها، عبر أخذ الاحتياطات اللازمة للحد من تداعياته على الأمن العمومي، إضافة لمنع تنقل الجماهير للمدن الأخرى بل وإجراء عدد من المباريات دون جمهور. وشدد لفتيت، في جواب سابق له بالبرلمان، أن الدولة تتبنى مقاربة زجرية مثلما حدث بمواجهة الجيش الملكي والمغرب الفاسي في كأس العرش التي عرفت أحداث شغب دامية بالمركب الرياضي مولاي عبد الله بالرباط، مشيرا إلى أنه يتم، من جهة ثانية، العمل على تأطير المشجعين حتى لا يصبح، على حد تعبيره، بنيويا مثل دول أخرى. وأكد وزير الداخلية أن مقاربة الدولة في مواجهة ظاهرة شغب الملاعب تقوم على عدة مرتكزات، من بينها القانون 9.9 لزجر العنف المرتكب داخل الملاعب أثناء المباريات الرياضية، مشيرا إلى أنه بالموازاة مع هذا القانون فقد تم تحديث الملاعب الرياضية للحماية من هذا العنف.