أكد الباحث والمفكر، أحمد عصيد، أن الاتفاقية الثلاثية التي وقعها المغرب مع كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل والتقارب مع إسبانيا كان لها دور مهم في توتر العلاقات المغربية الفرنسية. وأضاف عصيد، في مداخلة له على هامش ندوة فكرية من تنظيم مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد حول العلاقة بين المغرب وفرنسا، "أنه بالإضافة إلى هذه الاتفاقية الثلاثية، ساهم التقارب بين الرباط ومدريد واللقاءات المتواصلة التي عقدها الجانبان مع التوقيع على عدد من الاتفاقيات في مختلف المجالات، (ساهم) في تأزيم العلاقة بين الرباطوباريس". وأشار المتحدث ذاته إلى أن هذا التقارب جعل باريس تشعر أنها لم تعد في طليعة المشهد في العلاقات الخارجية للمغرب، خاصة أن هذا الأخير رتب، على حد قوله، علاقاته مع عدد من الدول الأوروبية على غرار هولندا وألمانيا، معتبرا أن العلاقات التاريخية وحجم التبادلات التجارية التي جمعت الرباطوباريس زادت من حجم الصراع بين البلدين. واستعرض الكاتب والمفكر المغربي مختلف مراحل التوتر التي مرت منها العلاقات بين المغرب وفرنسا، بداية برفض الرباط قبول المطرودين من فرنسا وهو في وضعية غير نظامية، إضافة لقرار باريس حرمان 50 في المائة المغاربة من التأشيرة وأخيرا زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للجزائر ومنافسة الشركات المغربية لنظيرتها الفرنسية داخل القارة الإفريقية، خاصة سيطرة البنوك المغربية على عدد من الدول في القارة السمراء، م أزعج، على حد تعبيره، باريس والشركات والرأسمال الفرنسي. كما تطرق الكاتب المغربي إلى تزايد الوعي الاستغلالي لفرنسا في عدد من البلدان الإفريقية، الأمر الذي دفع الإعلام الفرنسي، حسب عصيد، إلى نشر معطيات ومعلومات تضر بمصالح المغرب، خاصة الترويج إلى أن الفوسفاط المغربي يحتوي على مواد سامة وتقديم دراسة من أحد المختبرات لتأكيد هذا الأمر. ودعا عصيد فرنسا إلى إعادة التفكير في علاقاتها بمستعمراتها في ظل تراجع النموذج الاقتصادي والثقافي الفرنسي الذي ساد في عدد من الدول، من بينها المغرب، بعد الاستقلال، معتبرا أن الزمن أظهر أن هذا النموذج لا يطابق الحقيقة والواقع المغربي. وأضاف قائلا: "المغرب تربطه بفرنسا نوع من الأبوة الثقافية حيث ترك الفكر الفرنسي بصمة قوية خاصة لدى النخبة المغربية في القرن الماضي، كما أن الفلسفة الفرنسية طبعت التعليم والجامعة المغربية بشكل قوي ما ساهم في ظهور نخبة مغربية بفكر فرنسي". وطالب أحمد عصيد بالعمل على إعادة التوازن في العلاقة بين الرباطوباريس وعقد لقاء دولي بين النخبتين المغربية والفرنسية، معتبرا أن هذا الأمر لن تأتى دون إثبات الذات أمام الآخر وانتزاع الاعتراف منه والترسيخ الديمقراطي في التجربة المغربية وذلك عبر تقوية الجبهة الداخلية.