جلالة الملك والتنمية الإفريقية ساهمت خطابات جلالة الملك في تطوير الفكر الديمقراطي والحقوقي والتنموي والمدني والسياسي والثقافي والاقتصادي والبيئي على المستوى الإفريقي بالتعاون مع الدول الإفريقية. مؤصلا جلالته لمرجعية دبلوماسية مبنية على الطموح والوضوح، ودينية ترتكز على الوسطية والاعتدال، وعلى التعاون والتضامن والشراكات جنوب جنوب ورابح رابح. مما جمع بين الرأسمال المادي وغير المادي الذي يصنع التوازن. إن التعاقد والشراكة مع الدول الإفريقية تهدف إلى بناء صرح إفريقي متين، مساهم في البناء الإنساني بدون إفراط ولا تفريط. في أفق بعد جيوسياسي، واستراتيجية تنموية واضحة. مستحضرين الأبعاد الحضارية والتاريخية والثقافية. كل هذا كان له عائد متميز على مستوى قضية الصحراء المغربية، وما حققته الدبلوماسية المغربية التي يقودها جلالة الملك في هذا المجال. والتي يعرفها الأفارقة منذ قرون، مستأنسين بها لأنها تتطور دون تغيير لجدورها التاريخية وتراكماتها الحضارية. إن ما ذكرنا تجلى في الاستقبالات التاريخية التي يستقبل بها جلالة الملك أثناء زياراته التاريخية لمجموعة من الدول الإفريقية، وتوقيع أكثر من 1000 اتفاقية مع هذه الدول التي تتخذ البعد الثنائي والمتعددة الأطراف. وهذا راجع للمصداقية التي تتصف بها المملكة المغربية. ومما يثلج الصدر أن المغرب يستوعب أكثر من 16 ألف طالب من إفريقية منهم أكثر من 50 في المئة ممنوحين. وهؤلاء الطلبة عندما يتخرجون يتقلدون مناصب مهمة داخل بلادهم، وينشرون الفكر الحضاري المتميز للمملكة المغربية. وأهم هذه القيم الحوار بين الدول والشعوب من أجل التعاون على نشر منظومة السلم والأمن والحرية والكرامة والتعاون والتضامن وغيرها من القيم التي نحتاجها في البناء التنموي الإفريقي الهادف. إن جلالة الملك رسم معالم رؤية حضارية للفكر والمعرفة والفعل لحضور فاعل داخل القارة الإفريقية وشتان بين الحضور العلمي المؤثر والحضور الفارغ المبني على العنترية المزيفة الذي تتسم به سياسة خصوم وحدتنا الترابية. ومن المحاور التي نظر لها جلالة الملك وفعلها في علاقته بإخوانه الأفارقة: السياسة الملكية بإفريقيا وانعكاساتها على الداخل والخارج، ووحدتنا الترابية والوطنية. وللذكرى نؤكد على ما قاله جلالة الملك يوم 31 يناير 2017، بأديس أبابا بإثيوبيا في القمة 28 للاتحاد الإفريقي: – مدى حاجة المغرب إلى إفريقيا ومدى حاجة إفريقيا للمغرب. -إن منظورنا للتعاون جنوب-جنوب واضح وثابت فبلدي يتقاسم ما لديه دون مباهاة أو تفاخر. -لقد اختار المغرب سبيل التضامن والسلم والوحدة، وإننا نؤكد التزامنا من أجل تحقيق التنمية والرخاء للمواطن الإفريقي. التضامن والتعاون بين الدول الإفريقية مهما كانت البنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية والتنموية والبيئية، فإنها لا تعطي ثمارها إلا بالامتداد الأفقي والعمودي على المستوى الإفريقي بناء على ركني التضامن والتعاون. ومن المعلوم استراتيجيا لا تنمية بدون أمن واستقرار، ومن تم رفع المغرب سياسة التعاون في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب، وبسط معالم السلم والأمن والاستقرار. وهذا التعاون يؤسس لمفهوم الوحد الإفريقية. وهذا ما يفسر الزيارة الملكية لأكثر من 50 في المئة من الدول الإفريقية، والتي تحمل أكثر من دلالة مادية وغير مادية. إن المتأمل في المشاريع المبنية على الشراكات بناء على الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف تركز على البعد التضامني. نحو مشاريع استثمار الهجرة إيجابيا ومواجهة التطرف، والتقليص من الكوارث البيئية، ومجالات الطاقة نحو أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا والذي ستستفيد منه أكثر من 11 دولة إفريقية حتى يربط بين قارتين. كل هذا يوحد دول إفريقية من أجل المواكبة العالمية مع المنظمات الإقليمية والدولية. وما وقع في الكوب 22 بمراكش خير مثال على ما نقول. إن المعول على إفريقيا أن تكون صوتا واحدا، واستثمار التنوع في غنى القارة بدل التنافر، لذلك من أجل مواجهة كل هذه التحديات من اللازم أن تعمل إفريقيا بصيغة الجمع. لذلك يتقاسم المغرب مع شرفاء العالم تجربته في مجال مواجهة مجموعة من التحديات. ومن تم قدمت شهداء مساهمين في نشر السلام العالمي عن طريق القوات الأممية. إن التطرف الديني أزمة فكرية، لذلك يجب أن يواجه بمقاربة شمولية، محورها الاستراتيجي هو البعد الثقافي والديني، ومن تم أصبح الاجتهاد الديني داخل المغرب قدوة لمجموعة من الدول على المستوى العالمي. نستحضر هنا مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة. إذن مزيدا من دبلوماسية الوضوح والطموح، ومزيدا من الشراكات جنوب-جنوب ورابح-رابح، ومزيدا من الديموقراطية وحقوق الإنسان، ومزيدا من التمكين لمشروع الحكم الذاتي كحل سياسي ودائم ومتوافق عليه، وطرد الجمهورية الوهمية من الاتحاد الإفريقي لأنها منعدمة شروط القانون الدولي لقيام الدول. الاستثمار بإفريقيا ورش مفتوح إن العمل على تنمية إفريقيا يتطلب استثمارا شاملا ومدروسا وعادلا حتى تعم الاستفادة، خاصة وأن إفريقيا اليوم تتوفر على مؤسسات جامعة لكل الدول الإفريقية سياسيا واقتصاديا وثقافيا. خاصة والعالم اليوم بدأ يتحرك بعد التخفيف من قيود كوفيد.19. وأول خطوة هو بذل مجهود من أجل الحصول على التمويل المشترك من أجل إنجاز الاستثمار المشترك يعم عائده على الجميع. والبحث عن بنية تشريعية ملائمة، ومستوى عال من التطور التكنولوجي خاصة على مستوى رقمنة الإدارة. خاصة في واقع مضطرب وبائيا وأمنيا خاصة الحرب الحضارية بين معسكرين-روسياأوكرانيا نموذجا-. إضافة إلى تحديات التغييرات المناخية. وتفاوت المواد الأولية من منطقة إلى أخرى. لقد أبدع المغرب في مجال الطاقات المتجددة، وبذلك تميز إقليميا ودوليا. وتتوفر إرادة قوية خاصة من المؤسسات المالية، على تعميم مشروع نور بورززات من أجل سد حاجيات الساكنة الإفريقية الكهربائية والتي تقد بأكثر من مئتي مليون مستفيد. وللإشارة فإن المغرب هو ثاني دولة استثماريا على المستوى الإفريقي، والأول على مستوى شمال وغرب إفريقيا. ويستثمر المغرب أكثر من نصف استثماراته بالقارة الإفريقية. ونظرا لهذه الجدية والمصداقية فقد اعتبر المغرب شريكا استراتيجيا للبنك الإفريقي للتنمية الذي يخصص أكثر من 10 في المئة من استثماراته للمملكة المغربية. وهذا ما ينعكس وطنيا وقاريا وعالميا. وتسعى الدول الإفريقية تنمية روح التكاملية بين دول القارة الإفريقية على المستوى التواصلي والتقني والطاقي وغيره من القطاعات بناء على أولويات محددة في استراتيجية خطة تنمية القارة الإفريقية. مستثمرين في ذلك Africa50. وهي منصة استثمارية تساند إفريقيا على النمو عبر التنمية الرقمية. إضافة إلى المجهودات التي تقوم بها مجموعة من المصاريف المالية الإفريقية.