أثار الخبر الذي أوردته مجلة "جون أفريك" الفرنسية بشأن تعديل محتمل قد يطال حكومة عزيز أخنوش التي لم تكمل عامها الأول بعد، جدلا واسعا في الساحة السياسية الوطنية، بين ما ينظر إلى ما أوردته المجلة الفرنسية أنه حقيقة، وبين ما يعتبر ذلك مجرد تكهنات تفتقد إلى أساس موضوعي. ومن بين ما أثاره خبر "جون أفريك" من جدل كبير، هو حديث المجلة عن احتمال إعفاء وزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي من مهامه، بالإضافة إلى إعفاء مماثل قد يطال زميله في الحزب ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي. سيناريو إعفاء وهبي مستبعد بشأن الإعفاء المحتمل لعبد اللطيف وهبي، شدد وزير سابق، تحدثت إليه "العمق"، على أنه "لا يمكن أن يعفى وزير العدل عبد اللطيف وهبي لثلاثة أسباب؛ أولها أن حقيبة وزارة العدل ليست بتلك الأهمية القصوى حيث لا يرتبط أداؤها بمواضيع تستحق تجديد المسؤولية. وثانيا، يضيف المصدر ذاته، والذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن عبد اللطيف وهبي لم يأت ما يستوجب الإعفاء، مبرزا أن تفسير الإعفاء المحتمل بسبب تصريحاته فهو أمر قد يضر حزبه فقط، لكن لا يضر الدولة في شيء. أما السبب الثالث وفق المسؤول الحكومي السابق، ف "إن كون حزب الأصالة والمعاصرة الثاني في التحالف الحكومي، فهو وحده سبب كفيل في أن يجعل أمينه العام عبد اللطيف وهبي بعيدا عن أي إعفاء خلال أي تعديل محتمل". سيناريو عودة "البام" للمعارضة! استبعد أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس أمين السعيد، أن يعود حزب الأصالة والمعاصرة إلى صفوف المعارضة في حال تأكد احتمال إعفاء وهبي وميراوي، مرجحا أن الحزب سيظل في الأغلبية الحكومية. واعتبر السعيد أن "التعديل الحكومي سيؤثر سياسيا على الانسجام الحكومي باعتباره أحد العناصر القوية التي تتغنى بها حكومة عزيز أخنوش، وهو ما يعني خسارة حزب الأصالة والمعاصرة الذي شارك لأول مرة في التدبير الحكومي منذ تأسيسيه". وأشار إلى إعفاء الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصر، قد يؤثر على الوضع الداخلي للحزب، ويمكن أن يحيي الأصوات داخل حزب الأصالة والمعاصرة المطالبة برحيل عبد اللطيف وهبي". سيناريو إلحاق "الاتحاد" بالأغلبية بخصوص سيناريو دخول الاتحاد الاشتراكي إلى الحكومة، شدد أمين السعيد، على أنه "لا يمكن أن يلتحق بصفوف التحالف الحكومي دون أن يجد موطئ قدم من خلال إعفاء وزراء في تعديل حكومي محتمل". وتساءل السعيد، هل هذا التعديل أو هذه التغييرات من شأنها أن تعالج ما أسماه "الحضور الباهت لرئيس الحكومة" في النقاش العمومي، وتواضع قرارات الحكومة بمختلف فرقائها، وهل إعفاء وزيرين من الحكومة، يمكنه أن يضخ نفسا جديدة في باقي الفريق الحكومي؟. وأضاف: "بلغة الاقتصاد والسوق، ما هي الجهات الرابحة والأطراف الخاسرة من التعديل الحكومي المرتقب؟، مبرزا أن مطلب التعديل الحكومي تنادي به أساسا أحزاب المعارضة طمعا في إجراء تعديل حكومي لتشكل بديلا عن الأحزاب المشاركة في التحالف الحكومي. من المستفيد من التعديل الحكومي؟ يثير الحديث المحتمل عن قرب إجراء تعديل حكومي، تساؤلات بشأن الجهة التي قد تستفيد من هذا المطلب، حيث يعتبر أمين السعيد، في هذا السياق، أن "المغرب يعرف نقاشا عموميا يمكن المغامرة نظريا بتقسيمه إلى ثلاثة توجهات شبه متناقضة؛ الأول: اتجاه غير مؤطر مؤسساتيا ينشط بشكل كثيف داخل وسائل التواصل الاجتماعي بخلفيات سياسية غير مكشوفة، يطالب برحيل رئيس الحكومة عزيز أخنوش، دون استحضار أثار ذلك على المشهد السياسي". أما الاتجاه الثاني، وفق المصدر ذاته، فتمثله الأطراف السياسية المشاركة في الحكومة، حيث يرتكز على فكرة المبادئ والضمانات الدستورية، ويعتبر أن الحكومة تحتاج لمدة كافية لمحاسبتها على توجهاتها، ثم اتجاه ثالث، يستند على خطاب التكتيك والاستراتيجيات السياسية، تمثله بعض التعبيرات المنتمية لأحزاب المعارضة التي تنتقد العمل الحكومي طمعا في إجراء تعديل حكومي لتشكل بديلا عن الأحزاب المشاركة في التحالف الحكومي. داخل هذه التوجهات السياسية والمجتمعية الثلاث، أبرز السعيد أنه "يمكن التساؤل ما إذا كانت الحكومة الحالية قد استنفذت الزمن السياسي الكافي لإحداث تعديل على بعض مكوناتها. مضيفا أنه "وبعيدا عن سرديات الشعارات التي تبحث عن حلول سحرية لأثار أزمة عالمية ترخي بظلالها على جميع الدول، فإن "حكومة عزيز أخنوش تحتاج لمزيد من الوقت حتى نحاكمها ونُسائلها دستوريا وسياسيا". وشدد السعيد، على أنه "في المقابل، فإن ارتباك الحكومة، وضعف تواصلها وحداثة تجربة وزرائها وغياب الأثر السياسي لجميع القرارات المتخذة منذ تنصيبها، يشكل حجة قوية للأطروحة المطالبة برحيل رئيس الحكومة". وأضاف: "إذا نجح التوجه المحتمل في إعفاء وزير العدل ووزير التعليم العلي والبحث العلمي والابتكار، فإنه "نسبيا يعد حزب الاستقلال من أبرز الأطراف المستفيدة إلى جانب الأطراف الحزبية المعارضة التي تسعى للمشاركة في الحكومة، خاصة حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وكذا الحركة الشعبية". وأكد المحلل ذاته "أن التعديل الحكومي لن يجيب عن الأصوات المطالبة برحيل عزيز أخنوش، بقدر ما سيزيد من التشبث بهذا المطلب الذي أصبح يخترق منافذ التواصل الاجتماعي"، منبها إلى أن "حكومة عزيز أخنوش تحتاج أن تقدم جوابا عمليا حول مواضيع ذات الأولية في النقاش العمومي وحول العلاقة الملغومة بين رئيس الحكومة السياسي وعزيز أخنوش رجل الأعمال، وإشكالية الارتفاع المهول لنسبة البطالة لدى الشباب المغربي ومستقبل السياسات الاجتماعية وفق التصور الملكي".