أفاد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج محمد صالح التامك، اليوم الخميس بسلا، أن 15 سجينا استفادوا من برنامج "مصالحة " في دورته التاسعة، ليصل العدد الإجمالي إلى 222 مستفيدا منذ انطلاق البرنامج سنة 2017. وسجل السيد التامك، في كلمة بمناسبة حفل اختتام هذه الدورة التي استمرت ثلاثة أشهر ونصف، أنه تم الإفراج عن 156 منهم، بينهم 116 بموجب عفو ملكي، إضافة إلى تخفيض العقوبة لفائدة 15 نزيلا آخرين، لتصل بذلك نسبة الاستفادة من العفو الملكي السامي 63.27 بالمائة. وذكر المندوب العام أنه في إطار مقاربة النوع تم توسيع برنامج " مصالحة " ليشمل النساء المعتقلات بموجب قانون مكافحة الإرهاب خلال دورته الخامسة المنظمة سنة 2019، حيث استفادت منه 10 نزيلات من أصل 13 من هذه الفئة، أي بنسبة مشاركة تجاوزت 77 بالمائة، لافتا إلى أنه قد تم الإفراج عن جميع المستفيدات من هذه الدورة الخاصة، 08 بعفو ملكي ونزيلتين بنهاية العقوبة خلال فترة تنفيذ البرنامج. وعن الأبعاد المؤسسة لبرنامج " مصالحة "، قال التامك إنها تتمثل في "المصالحة مع الذات، والمصالحة مع المجتمع، والمصالحة مع النص الديني، والمصالحة مع النظم والمعايير المنظمة للمجتمع في علاقته بالفرد وبالمؤسسات الشرعية المؤطرة للحياة العامة". وشدد على أن " البرنامج يكرس المبدأ الذي قامت عليه تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في صيغة جديدة تتميز بكون مفهوم (المصالحة )، الذي يقوم عليه، يجعله مبادرة صادرة عن النزلاء الذين تحمل المجتمع أضرارا مادية ومعنوية بسبب أفكارهم المتطرفة أو أعمالهم الإرهابية ". وبحسب المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج فإن " الاستفادة من البرنامج تقتضي من السجناء المعنيين إرادة واستعدادا لتصحيح مفاهيمهم وأفكارهم ". واعتبر أن هذا البرنامج فريد من نوعه على المستوى العالمي، إذ نال استحسان العديد من الشركاء الإقليميين والدوليين، مشيرا إلى أنه يدخل ضمن الاستراتيجية العامة التي وضعتها المملكة المغربية، تحت قيادة الملك محمد السادس، بصفته أميرا للمؤمنين، الخاصة بتدبير الحقل الديني والقائمة على التعاليم الإسلامية الحقة المبنية على الوسطية والاعتدال والانفتاح والتسامح ونبد كل أشكال التطرف والعنف. من جهتها، أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان، السيد آمنة بوعياش، أن هذا " البرنامج يعبر عن انخراط الدولة في الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب وادماج المعتقلين على خلفية هذه القضايا "، مضيفة أنه " يعمل كذلك على خلق الشروط الذاتية والموضوعية للتصالح مع ذواتهم ومجتمعهم ". وأشارت السيدة بوعياش إلى أن " الإرهاب هو ضد الحياة، وما يخلفه من أضرار نفسية عميقة وفقدان ضحايا أبرياء "، مبرزة في السياق ذاته انخراط المجلس الوطني لحقوق الانسان في مواكبة برنامج "مصالحة" منذ انطلاقه قبل خمس سنوات، و"العمل على إبراز ثقافة حقوق الإنسان وعدم تعارضها مع قيم الدين الإسلامي ". كما سجلت " مواظبة كافة السجناء المعنيين بهذا البرنامج على الحضور والاهتمام بالتحصيل والإستفادة والفهم"، مشددة على أن الهدف الأسمى يتمثل في أن تكون كل دورة مناسبة لتفكير متواصل واستشراف لحياة واعدة. بدوره، وصف الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أحمد عبادي، برنامج مصالحة ب"الإنساني"، معتبرا أن " الإنسان في جوهره منتج ومفيد لمحيطه ". وأبرز أن البرنامج يغطي عدة أبعاد منها الذاتي والنفسي والمجتمعي والدولي والبعد الكوني المادي، مسجلا أنه لتغطية كافة هذه الأبعاد كان لزاما توفر الإرادة والعزيمة لدى السجناء. ولم يفتعبادي الإشارة إلى أن البعد المرتبط بالدين الإسلامي كان له حضور متميز خلال هذا البرنامج، منوها في هذا السياق بحجم التفاعل مع الأهداف التي وضعتها المؤسسات التي اشتغلت في هذا البرنامج. ويندرج برنامج "مصالحة" الذي قامت المندوبية العامة ببلورته وتنفيذه سنة 2017، بالاعتماد على مواردها الذاتية وبتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وخبراء مختصين، ضمن مساعي المندوبية لتوفير الشروط المناسبة لإعادة إدماج فئة المعتقلين المدانين في قضايا التطرف والإرهاب بالمؤسسات السجنية، من خلال تبني مقاربة علمية تتكامل مع الجهود المتعددة الأبعاد والمبذولة على المستوى الوطني في مجال مكافحة الإرهاب والتطر ف في إطار الاستباقية الأمنية والتحصين الروحي ومحاربة الهشاشة. ويرتكز البرنامج على ثلاثة محاور أساسية تتمثل في المصالحة مع الذات، والمصالحة مع النص الديني، ثم المصالحة مع المجتمع. وقد تم بالموازاة مع حفل اختتام الدورة التاسعة، إعطاء الإنطلاقة الرسمية للدورة العاشرة من نفس البرنامج.