كشف عبد الكريم الشاذلي، رئيس الجمعية الوطنية للإدماج والإصلاح، أن برنامح المصالحة الذي تشرف عليه كل من المندوبية السامية لإدارة السجون والرابطة المحمدية للعلماء وجهاز المخابرات “الديستي”، يعرف تعثرا كبيرا، لأنه لا يشمل كافة المعتقلين، وفي مقدمتهم السجناء المحكومون بتهم ثقيلة وبمدد طويلة، الذين تقدم أغلبهم بطلبات رسمية من أجل الاستفادة من هذا البرنامج، لكن السلطات تصر على عدم الاستجابة إلى طلباتهم، منوها أن بعضهم تقدم بطلبات للعفو. وقال “إن أغلب المفرج عنهم يعانون أزمات اجتماعية خانقة، حولت أغلبهم إلى بائعين متجولين رغم حصول بعضهم على شواهد عليا”. وشدد عبد الكريم الشاذلي، أحد شيوخ السلفية الجهادية، الذي قضى في السجن 8 سنوات بتهم تتعلق بالإرهاب، أن الدولة تبتعد عن إدماج هؤلاء المعتقلين، لأنها تمتنع عن رصد اعتمادات مالية جديدة على غرار ما قامت به مع معتقلي اليسار في هيئة الإنصاف والمصالحة، موضحا أن معتقلي السلفية الجهادية، يعانون من البطالة، وأغلبهم لا يجدون ما يقتاتون به، وتزداد معاناتهم سوءا. وتعليقا على تردد الدولة في إدماج سجناء برنامج المصالح، قال الشاذلي إن الدولة تعرقل مساعي جمعيته من أجل إدماج المعتقلين المفرج عنهم، لأنها لا ترغب في أن ينافسها شيوخ السلفية على هذا الملف، ولذلك تمنعنا من الاقتراب من هذا الملف، وتصر هي على تبنيه شخصيا. وأوضح الشاذلي أن الدولة ستسمر في الإفراج عن معتقلي السلفية الجهادية دون أن تقوم بالجهد نفسه من أجل إدماجهم أو تعويض بعضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، كاشفا أن جمعيته تتلقى المئات من طلبات المساعدة، من المعتقلين بعد الإفراج عنهم، لكنها لا تستطيع مساعدتهم لعدم توفرها على الإمكانيات المالية لذلك، مؤكدا أنه لم يتلق من الدولة أية مساعدة. وحسب بلاغ لوزارة العدل، فإن الدولة المغربية تواصل برنامج المصالحة مع المعتقلين في قضايا الإرهاب، وتقوم بالإفراج عمن أعلنوا توبتهم من أفكار التطرف والإرهاب. وكشفت وزارة أوجار، أن العفو الملكي الذي صدر بمناسبة الذكرى العشرين لعيد العرش، شمل عددا من المحكوم عليهم في قضايا إرهابية ممن شاركوا في النسخة الرابعة من برنامج مصالحة، بعد المراجعات الفكرية التي قاموا بها. حسب المصدر ذاته، عفو الملك محمد السادس شمل 15 نزيلا من المحكوم عليهم في قضايا لها علاقة بالإرهاب، من بينهم 12 استفادوا من العفو مما تبقى من العقوبة الحبسية أو السجنية، كما استفاد ثلاثة نزلاء من التخفيض من عقوبة الحبس أو السجن. حسب المتتبعين لهذا الملف، فإن العفو عن المعتقلين في قضايا لها علاقة بالإرهاب، يؤكد رغبة السلطات الأمنية والدينية، في الاستمرار في مقاربة ملف السلفية الجهادية، من أجل الحد من آفة الإرهاب، عن طريق محاورة المعتقلين من طرف الرابطة المحمدية للعلماء وإدارة السجون والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، قصد مساعدتهم على ترك الأفكار الهدامة والاندماج من جديد في المجتمع، معتبرا أن المغرب يتبنى مقاربة شمولية لمحاصرة الإرهاب. وكانت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج قد أعلنت سنة 2017 عن إطلاق برنامج تحت اسم “مصالحة” لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية المدانين في إطار قضايا التطرف والإرهاب، وذلك في إطار تعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وانتقد بعض من معتقلي السلفية الجهادية السابقين، في تصريحات للجريدة، حرمانهم من الاستفادة من البرنامج الوطني لدعم المشاريع الصغرى والتشغيل الذاتي الموجه لفائدة السجناء السابقين. وكشف ياسين أمغان، عضو المكتب التنفيذي لتنسيقية المعتقلين الإسلاميين السابقين للإدماج والإنصاف، أن المئات من المعتقلين وضعوا ملفاتهم بمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، منذ أكثر من 6 سنوات، إلا أن غالبيتهم لم يستفيدوا، باستثناء فئة قليلة. وأوضح أمغان، في اتصال سابق مع “أخبار اليوم”، أنه وضع ملفه منذ سنة 2012، ولم يستفد بعد، مؤكدا على وجود حالات مشابهة ما زالت تنتظر الاستفادة وتعاني من تسويف المسؤولين.