أثار الانهيار المفاجئ لجرف جليدي بعرض 1200 كلم في القارة القطبية الجنوبية في الفترة ما بين 14 و6 مارس الجاري مخاوف كبيرة لدى العلماء حول مستقبل جليد تلك القارة التي كانت تعتبر إلى عهد قريب منطقة مستقرة، لم يسبق لهم أن سجلوا مثل ذلك الانهيار في تلك القارة. ويرجع القلق العظيم الذي انتاب العلماء من كون القارة القطبية الجنوبية كان ينظر إليها على أنها مستقرة ومقاومة للاحتباس الحراري الذي يسرع ذوبان الجليد على الجانب الغربي منها، علما أن ذوبان جليد تلك القارة سيؤدي إلى رفع مستوى البحار لأكثر من 50 مترا في جميع أنحاء العالم. ويشكل الانهيار الجليدي الجديد إحدى النتائج الكارثية للاحتباس الحراري عبر العالم. وحسب الجزيرة نت، أعلنت وكالة أسوشيتد برس Associated Press في تقرير لها، في 25 مارس/آذار الجاري، عن انهيار جرف جليدي في شرق القطب الجنوبي بحجم أكبر من مدينة نيويورك بمساحة تقدر ب 460 ميلا مربعا. وحسب نفس المصدر تعتبر هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها المنطقة المتجمدة انهيارا لجرف جليدي تم التقاطه بصور الأقمار الصناعية. ووفق التقرير المنشور على موقع ساينس ألرت Science Alret، فقد حدث هذا الانهيار مع بداية موجة دافئة غريبة وقعت الأسبوع الماضي عندما ارتفعت درجات الحرارة أكثر من المعتاد في بعض مناطق شرق القارة القطبية الجنوبية. ارتياب في استقرار شرق القارة الجنوبية وقد ذكر تقرير وكالة أسوشيتد برس أن صور الأقمار الاصطناعية قد أظهرت أن المنطقة كانت تتقلص بسرعة في العامين الماضيين، الأمر الذي أثار شكوك العلماء حول احتمال مبالغتهم في تقدير استقرار شرق القارة القطبية الجنوبية ومقاومتها للاحتباس الحراري الذي يسرع ذوبان الجليد على الجانب الغربي منها. وعلقت عالمة الجليد كاثرين ووكر، من معهد وودز هول لعلوم المحيطات Woods Hole Oceanographic Institute، بأن الجرف الجليدي، الذي يبلغ عرضه حوالي 1200 كيلومتر، والموجود بين النهرين الجليديين كونجر Conger وغلينزر Glenzer قد انهار في الفترة ما بين 14 و16 مارس/ آذار الجاري. وأضافت أنه لم يسبق وأن رأى العلماء مثل هذا الحدث في هذا الجزء من القارة، مما جعل الأمر مقلقا بالنسبة لهم. وقد عبر بيتر نيف، عالم الجليد في جامعة مينيسوتا University of Minnesota، عن مدى غرابة الحدث في فيديو تيك توك حيث قال "لم نتوقع حقا رؤية انهيار جرف جليدي في هذا الجزء من القارة القطبية الجنوبية، الذي يعتبر من أكثر المناطق جفافا وبرودة في شرق القارة القطبية الجنوبية". ووفق التقرير يرى كل من ووكر ونيف أن القضية لا تتعلق بكمية الجليد المفقودة في هذا الانهيار، لكنها تتعلق بمكان حدوث هذا الانهيار. وإذا كانت الافتراضات السابقة بشأن استقرار شرق القارة القطبية الجنوبية خاطئة فهذا يعني أنه من المحتمل أن تذوب المياه المتجمدة هناك وهو أمر كارثي. كارثة ارتفاع مستوى سطح البحر وحسب نفس المصدر، يستغرق ذوبان الماء في شرق القارة القطبية الجنوبية آلاف السنين إن لم يكن أطول. لكن هذا الذوبان سيؤدي إلى رفع مستوى البحار لأكثر من 50 مترا في جميع أنحاء العالم، وهو أكثر من 5 أضعاف الجليد في الصفيحة الجليدية في غرب أنتاركتيكا التي تعتبر أكثر عرضة للخطر والتي اعتبرت نقطة ساخنة للبحث فيما مضى وأشارت هيلين أماندا فريكر، المدير المشارك لمركز سكريبس بولار Scripps Polar Center بجامعة كاليفورنيا سان دييغو University of California San Diego إلى ضرورة الاهتمام بهذا الجزء من القارة وقالت "مع بداية تغير شرق القارة القطبية الجنوبية نحتاج إلى معرفة مدى استقرار كل طبقة من الجروف الجليدية هناك، لأنه بمجرد اختفاء أحدها فهذا يعني أن الأنهار الجليدية تذوب في الماء الدافئ، وسيصل بعض من هذه المياه إلى سان دييغو وأماكن أخرى أيضا" وقال نيف لطالما اعتقد العلماء أن هذا الجرف الجليدي بالذات -وهو الأقرب إلى أستراليا- يتقلص قليلا منذ السبعينيات. وقالت ووكر إن ذوبان الجرف الجليدي قد تسارع عام 2020، بحيث انخفض حجمه إلى النصف تقريبا كل شهر. كارثة سببها الاحتباس الحراري ووصفت ووكر الأمر لوكالة أسوشيتد برس قائلة "من المحتمل أن تكون موجة الحر الأخيرة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير". وأضافت "من المحتمل أننا نشهد نتيجة الكثير من ارتفاع درجة حرارة المحيطات هناك على مدار فترة زمنية طويلة، كان الجليد خلالها يذوب باستمرار". وفي ظل موجة القلق العارم التي أصابت الوسط العلمي يرى روب لارتر، عالم الجيوفيزياء البريطاني المختص في مسح القطب الجنوبي، أن معظم مناطق شرق القارة القطبية الجنوبية آمنة وغير معرضة للخطر نسبيا"، كما أن هناك قطاعات معرضة للخطر فيها". وأضاف "يتسبب التغير المناخي العالمي حول شرق القارة القطبية الجنوبية في تقطيع ونحت حواف الصفائح الجليدية في بعض الأماكن، ولكنه في الواقع يضيف المزيد من الثلج إلى المنطقة الوسطى من تلك الصفائح".