في دروب هذه الحياة يصادف المرء علاقات جميلة فيبني معها صرحا "للأخوة والثقة…. "، كما قد يلج _عفوا لا قصدا _ علاقات بقبح خاص، ليجبر غير ما مرة، وبعد سنوات طوال على اختيارات صعبة إزاءها ، أولها اختيار"التخلي" مع ما يرافقه من مشاعر " الندم والألم "… علاقات يستنكف قلمي مهما غمسته في " محبرة الغضب" عن التماهى مع إساءاتها وأنا أعاين نماذج… وأصغي لمن ارتووا من هذه الإساءات حد الاكتفاء…. قلت، يستنكف قلمي ان يغترف من قاموس " اللعنة" تشهيرا بقبحها ! عن أولئك الذين يرهقون "لطف الناس"ولم يراجعوا بأنانيتهم الحوراء فصول " النبل فيهم " على النحو النقي ، يصبح الرحيل عن حياتهم فرض عين، ومسلك "المغادرة" واجب الوقت عبر خطوات مرة لكنها جريئة : * تكسير جدار برلين الخاص بكل متضرر ، واستعادة السلام الداخلي المفقود … *الكف عن " لعنة الحنين" الذي فرض مرارا وتكرارا التماس الأعذار لهم ! * الاحتكام لاختبارات قواعد الصداقة الكونية – من باب التمحيص في قرار الخسارة – حتى إذا ما كانت فيهم واهية "فلا هم من حافظي الاسرار ، ولا هم من ساتري العيوب، ولا هم أهل نصح، لا ولا أهل الصفح، و لا كاتمي الغيظ، ولا هم أصدقاء الشدائد… حتى إذا ما ، اتضح كساد بضاعتهم… وافتقارها لهذه الصفات أو جلها – يصير رحيل الناس عنهم واجبا… وبالجملة، أيها الطيبون الذين اكتووا بحرقة مزاجيتهم وانانيتهم! لا تمسكوا بتلابيب من لا يرون خدشا في سلوكياتهم ، و يرقون أنفسهم مرتبة " التكامل" إرحلوا، ولا تقهروا خواطركم لأجل من تخونهم شجاعة الاعتذار ، ولا يرون لزوما بالمرة لأي اعتذار . إرحلوا عن دائرتهم المليئة بالفخاخ …وأعيدوا "حساب مسافتكم معهم" فلا يليق بالعلاقات المسمومة سوى البتر. إرحلوا، ولا تطاردوا-كما عبرت الروائية غادة السمان – نجوما في السماء… فالسماء مليئة بالنجوم. إرحلوا ، فذبذباتهم السلبية، وظنونهم السيئة فيكم وفي الناس كفيلة بتيسير معبر الهروب منهم… ولله ذر من كتب مشفقا عليهم :" أعان الله أصحاب الظنون السيئة ، فهنالك مسافة طويلة جدا بينهم وبين الراحة " نعم ، هي مسافة طويلة بينهم وبين الراحة ، مسافة معدية، تماما كما يعدي سوء النية حسن النية ويلطخ نقاءه ….تماما كما تعكر مزاجيتهم السيئة صفو الحياة… أيها الطيبون ، ماذا لو انكم اتقنتم فن المسافة في التعامل معهم و ما أغدقتم عليهم من سخائكم العاطفي بلا حساب؟! ماذا لو وضعتم احتمالا سيئا واحدا في تعاملكم معهم، وقدرتم انهم بالكاد أناس أخطأوا في اقتحام حياتكم ؟ ماذا لو لم تنسوا – وحقكم ان لا تنسوا في هكذا مواقف- أن ربح مساحة أرحب في الحياة ، يتم بالتخلص من الأمتعة الزائدة… فلم لم تفعلوا؟ – لماذا لم تمتلكوا الجرأة لخدش كبرياءهم، وقد سجلوا غيابهم المتكرر يوم الشدة، ألم تعلمكم الحياة أن الذي يغيب عنا في الشدة، قد أنهى حضوره في كل وقت "؟؟؟ -لماذا ولماذا ولماذا ؟ عشرات الاسئلة ، أخلفتم موعد طرحها بكثير إلى ان ابتلعتم ما يكفي من "شططهم ووضاعتهم"، وكأني بكم ترددون غضبا "لو ان لنا بهم قوة ! " أيها الطيبون الراحلون…. يا من صارت كل أمانينكم مساحة هادئة بعيدا عن ضجيج الانانية وصخب التعالي ، وتمرد حب الذات … صحيح ، لستم ممن يبيع و يحقد ، لولا أن نبض افعالهم السيئة لاينسى! صحيح ، لم تتقنوا فن تحديد المسافة " معهم في البدايات…. لكنم وبحسابات " حسن النية " و" العيش والملح " و" جبر الخواطر " أعدتموهم الى سيرتهم الاولى ،أعدتموهم غرباء، وهذا لعمري اكبر عقاب أيها الطيبون.