مسؤولة تعرف الرباط بالتجربة الفرنسية في تقييم العمل المنزلي للزوجة    حملة ليلية واسعة بطنجة تسفر عن توقيف مروجين وحجز آلات قمار    التهراوي يعطي الانطلاقة لمعرض جيتكس ديجي هيلث ويوقع على مذكرات تفاهم    جهة طنجة تطوان الحسيمة: إحداث أزيد من ألف مقاولة خلال شهر يناير الماضي    عودة التأزّم بين فرنسا والجزائر.. باريس تستدعي سفيرها وتقرّر طرد 12 دبلوماسيا جزائريا    ثغرة خطيرة في واتساب على ويندوز تستنفر مركز اليقظة وتحذيرات لتحديث التطبيق فورا    توتر غير مسبوق : فرنسا تتخذ قرارا صادما ضد الجزائر    المغرب يحصل على موافقة أمريكية لصفقة صواريخ "ستينغر" بقيمة 825 مليون دولار    أشبال الأطلس يتأهلون إلى نهائي كأس أمم إفريقيا على حساب الكوت ديفوار    نسبة ملء السدود بلغت 49.44% وحقينتها ناهزت 6 ملايير و610 مليون متر مكعب من الموارد المائة    إحباط تهريب 17 طناً من مخدر الشيرا في عملية أمنية مشتركة    دي ميستورا يدعو المغرب لتوضيح تفاصيل صلاحيات الحكم الذاتي بالصحراء والأشهر الثلاثة المقبلة قد تكون حاسمة    توقيف شبكة تزوير وثائق تأشيرات وتنظيم الهجرة غير الشرعية    مولدوفا تنضم إلى إسبانيا في دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية    رغم خسارة الإياب.. برشلونة يتألق أوروبيًا ويعزز ميزانيته بعد الإطاحة بدورتموند    السفير الكوميري يطمئن على الطاوسي    الطقس غدا الأربعاء.. أمطار وثلوج ورياح قوية مرتقبة في عدة مناطق بالمملكة    بركة يعترف بخسارة المغرب كمية ضخمة من المياه بسبب "أوحال السدود"    تشكيلة أشبال الأطلس ضد كوت ديفوار    دي ميستورا يؤكد الدعم الدولي لمغربية الصحراء ويكشف المستور: ارتباك جزائري واحتجاز صحراويين يرغبون في العودة إلى وطنهم    مصرع سائق سيارة إثر سقوطها في منحدر ببني حذيفة    الرباط: رئيس برلمان أمريكا الوسطى يجدد التأكيد على دعم الوحدة الترابية للمملكة    اتفاقيات "جيتيكس" تدعم الاستثمار في "ترحيل الخدمات" و"المغرب الرقمي"    تحفيز النمو، تعزيز التعاون وتطوير الشراكات .. رهانات الفاعلين الاقتصاديين بجهة مراكش أسفي    حين يغيب الإصلاح ويختل التوازن: قراءة في مشهد التأزيم السياسي    العلوي: منازعات الدولة ترتفع ب100٪ .. ونزع الملكية يطرح إكراهات قانونية    توقيع اتفاقية شراكة بين وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة ومجموعة بريد المغرب لتعزيز إدماج اللغة الأمازيغية    أرسين فينغر يؤطر مدربي البطولة الوطنية    خريبكة تفتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة 16 من المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي    فاس تقصي الفلسفة و»أغورا» يصرخ من أجل الحقيقة    دي ميستورا.. طيّ صفحة "الاستفتاء" نهائيا وعودة الواقعية إلى ملف الصحراء المغربية    الاتحاد الأوروبي يؤازر المغرب في تسعير العمل المنزلي للزوجة بعد الطلاق    حرس إيران: الدفاع ليس ورقة تفاوض    إخضاع معتد على المارة لخبرة طبية    لقاء تشاوري بالرباط بين كتابة الدولة للصيد البحري وتنسيقية الصيد التقليدي بالداخلة لبحث تحديات القطاع    عمال الموانئ يرفضون استقبال سفينة تصل ميناء الدار البيضاء الجمعة وتحمل أسلحة إلى إسرائيل    "ديكولونيالية أصوات النساء في جميع الميادين".. محور ندوة دولية بجامعة القاضي عياض    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    إدريس الروخ ل"القناة": عملنا على "الوترة" لأنه يحمل معاني إنسانية عميقة    توقيع اتفاقيات لتعزيز الابتكار التكنولوجي والبحث التطبيقي على هامش "جيتكس إفريقيا"    الهجمات السيبرانية إرهاب إلكتروني يتطلب مضاعفة آليات الدفاع محليا وعالميا (خبير)    محمد رمضان يثير الجدل بإطلالته في مهرجان كوتشيلا 2025    فليك : لا تهاون أمام دورتموند رغم رباعية الذهاب    نقل جثمان الكاتب ماريو فارغاس يوسا إلى محرقة الجثث في ليما    قصة الخطاب القرآني    اختبار صعب لأرسنال في البرنابيو وإنتر لمواصلة سلسلة اللاهزيمة    المغرب وكوت ديفوار.. الموعد والقنوات الناقلة لنصف نهائي كأس أمم إفريقيا للناشئين    فاس العاشقة المتمنّعة..!    أمسية وفاء وتقدير.. الفنان طهور يُكرَّم في مراكش وسط حضور وازن    ارتفاع قيمة مفرغات الصيد البحري بالسواحل المتوسطية بنسبة 12% خلال الربع الأول من 2025    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    خبير ينبه لأضرار التوقيت الصيفي على صحة المغاربة    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في رواية "تعويذة الموت" للكاتب محمد نور بن حساين
نشر في العمق المغربي يوم 18 - 12 - 2021


مدخل:
يعتبر جنس الرواية في عرف ميخائيل بَاخْتِينْ جنسا أدبيا يتسم بعدم الاستقرار وعدم الاكتمال، تأسيسا على هذا المنظور تبقى الرواية منفتحة على كل الأنواع المختلفة من الرؤى.
في قراءتنا لرواية "تعويذة الموت" نهجنا أسلوب القراءة العاشقة لمتن سردي استفز فينا العديد من الأسئلة، حول مفهوم "التعويذة"، مفهوم "الموت" ومفهوم "السحر الأسود" … والعلاقات المتفصلة بين هذه المكونات الثلاثة، من جهة ، و التمثل الشعبي لحمولة مفردة "السحر الأسود" وما صار في ركبه من الغرائب والعجائب، التي ستلحق بطلي الرواية وبعض الشخوص المقربين لهم، من "لعنة " ، حَدَّ الموت جراء اطلاعهم على شريط فيديو "تعويذة الموت".
من حيث الأحداث الفريدة في القصة، سيلاحظ القارئ أن الكاتب تعمد بداية الرواية، في شقها الغرائبي بقط مقتول معلق على باب منزله ينزف دما لتنتهي القصة بنفس الحدث حين رجع الطبيب النفسي المعالج لفريد والذي كان قد شرع في خطوات نشر مذكرات البطل حول لعبة "تعويذة الموت والسحر الأسود"– بعد توصله بقرار الطرد وتجميد عضويته في نقابة الأطباء، ليتفاجأ بقط مقتول معلق على باب منزله وهو ينزف دما… أما المفاجأة الثانية فكانت فوق الطاولة، وهي رسالة زوجته تطلب فيها الطلاق .
لطرق باب هدا المتن السردي الموسوم ب " تعويذة الموت" حاولنا الدخول من باب العتبات النصية الأساسية، لسنيا وسيميائيا في علاقتها الجدلية مع باقي المكونات الأخرى أمَلاً منا في الوصول إلى نقطة الالتقاء بين التجربة الروائية والعتبة، من جهة، ولمحاولة إدراك كيف يساهم الخطاب المقدماتي ( العتبات النصية ) في بناء دلالة النص في مجمله؟
تجدر الإشارة هنا للأهمية التي باتت تحظى بها تلك العتبات النصية في الرواية الحديثة، إذ أصبح من المستحيل الاستغناء عنها، فهي ترتبط بالعوالم الداخلية للنص الروائي، وتساهم في تأسيس بنيتها الدلالية، "ولعل ولوج النص قد يكون مشروطا بالمرور على هده العتبات، لكي يُسْتَدَلَّ بها في رحلة القارئ عبر المتن الحكائي، وذلك عن طريق المعايشة العميقة لهذه العتبات، والتي تتمظهر في العناوين، المقدمات، الاقتباسات التي يسطرها الكاتب على الصفحة الأولى والثانية، النص التأطيري على ضهر الغلاف ،الملاحق، كلمات الناشر، دور النشر، إلى جانب الهوامش والشروح والتعليقات".
عتبة لوحة الغلاف:
يعد الغلاف أول العتبات الأساسية التي تطالعنا، حين تصفح الكتاب، رواية كان أو مجموعة قصصية أو كتابا فكريا على حد سواء .صورة تشد القارئ وتستفز فيه مجموعة من الأسئلة فيحاول توفير الإجابة عنها عن طريق لغة العين التي تفرض عليه ضرورة التسلح بآليات التأويل ، تلك التي تضمن له عملية الموازنة بين عناصر ثلاث ، كاليغرافية ، تشكيلية في علاقة بالعمل الأدبي، فالغلاف يتخذ أهميته انطلاقا من المؤشرات المصاحبة له، وبالتالي نستشعر ذلك التعاقد بين الدال والمدلول الذي جاء به دي سوسير، حيث نجد هناك نوعا من التآلف بين ا اللوحة كسند و أيقونة ذات دلالة بصرية ، حمالة لدلالات متعددة ، يحيل على الكثير من الإيحاءات السيميائية والتأويلات المتعددة لقراءته، من جهة، وبين العنوان كمقولة كاليغرافية لسنية، من جهة ثانية.
حين نتأمل لوحة غلاف رواية "تعويذة الموت"، في مجملها وعناصرها المتداخلة، يمكننا استنتاج ما يلي:
عنوان الرواية:
عادة ما يكون العنوان في صنف الرواية، ذي دلالة قوية على المحور الأساس الذي سينبني علية المتن السردي، فإذا كنا نقول في الحقل الفلسفي "السؤال في الفلسفة يحمل في طياته نصف الجواب" فإن في اعتقادنا نفس التصور يسري على العنوان في الرواية والمجموعة القصصية أو الكتاب الفكري، حيث يستأثر اختيار العنوان بأهمية الكاتب، و الناشر والفنان …
حين التأمل في الواجهة الأمامية للرواية يثير انتباهنا العنوان المكتوب بالبنط الغليظ وبخط متميز، اللون الأصفر الممزوج بأحمر خفيف على الجانبين، جعل العنوان بارزا بشكل جلي …
هو عنوان صريح من حيث الدلالة "تعويذة الموت "يحيلنا العنوان مباشرة على مختلف التعويذات (التَّمِيمَاتْ) ومجالات استعمالاتها المتميزة فضلا عن طقوسها المرتبطة بالعالم العجائبي، والخوف والموت وما سار في ركبها.
سيعزز هدا الطرح، النص الإسنادي المثبت بلون أبيض على ظهر الغلاف، والذي ينبه القارئ بشكل صريح "…فلا تعبث مع " تعويذة الموت " لأن الحياة تستحق أن تعاش …"
من هدا المنطلق يحيل عنوان الرواية " تعويذة الموت " بشكل صريح، على المجال العجائبي/الغرائبي، والذي على ضوئه تم تصنيف الرواية ضمن "السرديات العجائبية". الشاهد على ذلك الصورة المثبتة على وجه الغلاف والنص الإسنادي المكتوب بلون أبيض على ظهره الغلاف، ومختلف الأحداث الرهيبة التي طالت بطلي الرواية ومن ساندهما أو تعاطف معهما في رحلة العذاب تلك.
عتبة صورة الغلاف:
أصبح من المألوف أن اللون بدوره يشكل علامة بصرية ذات أبعاد دلالية ورمزية، تساهم في تكثيف دلالة النص عبر ما تثيره في نفسية المتلقي. سواء لون العنوان أو الألوان الموظفة في الصورة المسندة.
من أول نظرة تأملية، إن على مستوى صورة الغلاف أو عنوان الرواية، فضلا عن النصوص المسندة، سندرك –كما القارئ- حضور ثلاثة ألوان أساسية ممثلة في اللون الأحمر ، الأسود والأصفر، وبرجوعنا للدلالة السيميائية للألوان عامة، نجدها حمالة لما هو إيجابي من جهة و ما هو سلبي من جهة أخرى.
لكن حضور هذه الألوان في رواية "تعويذة الموت "سنجده بالدرجة الأولى لما ترمز إليه من حمولة سلبية، يتعزز ذلك بمختلف الأحداث والمآسي واللعنة التي لحقت الشخصيتين الرئيسيتين "فريد و وائل" وطالت كما قلنا حتى أقرباءهما ومن ساندهما في تلك المحنة… بدءا من الصفحة 15 حتى نهاية الرواية بعد أن قضى بطل الرواية "فريد" سنتين بمستشفى الأمراض العقلية توفي بعدها في ظروف غريبة جدا.
سيرافقنا عنوان الرواية بلونه المتميز عبر موقعين فوق صورة الغلاف وفوق النص التحذيري على ظهر الغلاف، ولذلك في نظرنا دلالة الإبراز والتذكير للقارئ، من طرف "الكاتب" بأن المسألة ليست بالهزل، فهي حمالة للخوف والغرابة والموت.
تفردت صورة الغلاف برأسين متماثلين ،لكائنين غريبين يطلان علينا من موقع متفردة أيضا ،غير واضح المعالم من حيث تكثيف تقاسيم ومعالم الوجه، من جهة، وتداخل اللون الأحمر القاني مع خلفية يلفها السواد الحالك من كل جانب، من جهة ثانية. هي صورة غالبا ما تطل على كل شاب ويافع ينخرط في ألعاب الفيديوهات المتنوعة.
تَفَرُّدُ في الشكل وفي تقاسيم الوجه وفي النضرات الثاقبة وكأن صاحب الصورة يتوعد بنفث الموت والأذى لكل من وضعه نصب عينيه… لون أحمر كثيف مع خلفية يلفها اللون الأسود القاتم حمالة لأكثر من دلالة ودلالة، يفرق في الجهة السفلى بين الرأسين مَجاَلٌ أسودُ، عبر اختلاف بين تقاسيمهما الظاهرة للعيان، عينان بارزتان ذاتا لون أبيض لامع غابت عنها النقطة السوداء في إشارة للموت، معالم رأس متفرد أيضا، في النضرة وتقاسيم الوجه، حين ننضر لأسفل الصورة…
حين نرجع للدلالة السلبية المرتبطة بالألوان في مختلف المرجعيات، نجد أن اللون الأسود يدل في الغالب على الشيء الشرير، على الإحباط، الخوف وحتى الموت في الحضارة الغربية، والعربية حين يستعمل في لباس الحداد … بعبارة أشمل الأسود هو لون الخفي، الغامض، المجهول…
سيرافقنا هدا " المجهول في الصورة " عبر رسالات نصية تتناهى لمسامع السارد "فريد" ورفيق دربه "وائل"، على مسافة جل صفحات الرواية بدءا من الصفحة رقم 15 فصل "التعويذة" حين شغل السارد حاسوبه، وتنبه لإعلان يتردد على الشاشة رغم تجاهله ومسحه لمرات عديدة فيديو بعنوان " تعويذة الموت تأكد إن شاهدتني ستكون نهاية حياتك إلى الأبد، فاحذر". لم يتشجع السارد على فتح الفيديو، إلا بعد زيارة رفيقه وائل له أيام العطلة، حين كان وحيدا في المنزل وكان الأهل على سفر لمدينة طنجة…ص 19 حينها أشعل فريد حاسوبه بعد تشجيعات صديقه ، نقر على أيقونة اليوتيوب، وكتب الموضوع كما تردد على حاسوبه أول مرة " تعويذة الموت، تأكد إن شاهدتني ستكون نهاية حياتك إلى الأبد، فاحذر" وضغط على زر افتح تابعا شريط الفيديو سوية، لمدة تسع دقائق من الصور والعناوين المختلفة، لا علاقة لأي منها بالآخر، ولا يبدو أنها قد تثير الخوف أو الرعب في نفس أي فرد، اللهم ذكر بعض الأسماء الغريبة والعجيبة، يطلب منك الفيديو ترديد تلك العناوين وتلك الصور التي تتراءى لك، ولربما كانت تلك العبارات التي نرددها هي التعويذة…انتهى المقطع كما بدأ بدون مشكل…" ص 19/20
بغض النضر عن الدلالات الإيجابية للون الأحمر، فهو في الصورة يدل على الغضب والخطر والحقد والتوتر كما يتميز اللون الأحمر عن بقية الألوان بأنه يستخدم بكثرة في إشارات التحذير والإنذار. ومن هنا اعتماده في تأطير صورة الغلاف، كما الإيحاء لما ستعرفه بعض شخوص الرواية من مآسي ولعنات حد الموت.
اللون الأصفر أيضا يدل على الحزن والهم والذبول والكسل والموت والفناء ، وهي دلالات مرتبطة بالخريف والصحاري الجافة وصفرة وجوه المرضى.
عتبة الاقتباسات:
تشكل العتبات النصية" الاقتباسات" والتي تكتب عادة في الصفحة الموالية للغلاف أو الصفحة الثانية من الكتاب، محطة تأمل من طرف القارئ، لأنها تكون في الغالب ذات طابع توجيهي إيحائي – من الكاتب – لما ستنتظم فيه أحداث المتن السردي. هي نوع من التواصل بين محتوى الكتاب والقارئ… في هدا الباب رصدنا ثلاث إشارات لها أكثر من دلالة ودلالة:
ستواجه القارئ صوره جمجمة تربع عليها طير أسود كبير ، وحوله طيور مُحلقَة قد استوفت هي الأخرى غرضها، هُوَ سَند في مجمله يحيلنا على الموت المحتوم، لعلاقته الدلالية بالآية رقم 41من صورة يوسف عليه السلام:
(يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ)
تميز الإهداء في الصفحة الثانية أيضا بدلالة مرتبطة بالموت، من حيث تخصيصه للفقيد " محسن أخريف" والذي توفي بصعقة كهربائية حين كان يقدم لكتاب بمناسبة عيد الكتاب.
"إنهم قادمون، إنهم قادمون…" هو نص دلالي بامتياز، لأننا سنفتتح به قراءتنا، وسننهي به قراءتنا لهده الرواية على التوالي في الصفحتين رقم 05 ورقم 83.
عتبة العنوان الإشهاري:
يتجاوز هذا الأخير الجانب الفني والدلالي للنص إلى ما هو إشهاري تجاري، ويتبين الغنى الإشهاري لرواية (تعويذة الموت) في سنة الإصدار 2020، وعدد الطبعات وهي الأولى، ومكان إصدار المنتوج وهو (الجيزة)، والمطبعة التي سهرت على طبع الرواية ونشرها وتوزيعها (دار فكرة للنشر والتوزيع) ، مضاف إليه وبتركيز كون الرواية حائزة على جائزة دار فكرة للنشر سنة 2020.
خصائص رواية "تعويذة الموت":
من خلال إبحارنا عبر المتن السردي لرواية " تعويذة الموت"، أمكننا الخرو باستنتاجات أولية نوردها وفق ما يلي:
اشتغلت الرواية على حيز جغرافي محدد (مدينة تطوان بتشكيلتها الجغرافية المتميزة، فضاءات متعددة للنزهة والترفيه…فضل عن توصيفات دقيقة للقلعة وأبوابها السبعة…الخ).
انتظم الحكي في حيز زماني محدد سيغطي مرحلة بداية مرحلة التهيئة لامتحان البكالوريا للصديقين «وائل" و "فريد"… وينتهي بالموت في ظروف غريبة للبطل "فريد " بعد قضائه لسنتين كنزيل بأحد مستشفيات الأمراض العقلية، بتهمة القتل.
اعتمد الكاتب في هدا المتن السردي، لغة واضحة المعالم، بأسلوب جميل سلس يشد القارئ بتشويق قوي لتتبع الأحداث.
الرواية في مجملها موجهة، لليافعين والشباب، توجيها وتنبيها لمخاطر الإدمان على ألعاب الفيديوهات، عبر منصات التواصل المختلفة.
اشتغل الكاتب على "تيمة" منصات التواصل الاجتماعي، على اختلاف مواقعها ومراتبها، مشيرا إلى ما يترتب عنها من مخاطر حين إدمان اليافعين والشباب على الفرجة واللعب.
صفحات ذات دلالة مركزية:
الصفحة 15: تعويذة الموت، تأكد إن شاهدتني ستكون نهاية حياتك إلى الأبد، فاحذر". هو شريط فيديو على اليوتيوب، يظهر حين تشغيل الحاسوب باستمرار، كلما تجاهلته بالحذف يعود بدون استئذان
الصفحة 19: فريد ووائل لوحدهما في بيت فريد، قررا مشاهدة الشريط بأكمله، لم يشعرا حينها بأي تغيير أو وقوع شيء غريب.
خرجا للتنزه وتغيير الجو كما يقال، بين أزقة الأحياء والحقول والمناطق الخضراء
الصفحة 22/23: -حين عودة فريد وصديقه من النزهة ألفيا على عتبة باب المنزل قطرات الدم تسيل، في الأعلى كان قط مقتول معلق بحبل.
-ولجنا المنزل فإدا بالأضواء مفتوحة، تجادبنا نظرات مستنكرة بيننا، فلا أنا ولا هو تركنا الأضواء مشغلة قبل خروجنا… بالإضافة لذلك كانت هناك رائحة عفنة قوية تزكم الأنوف في المكان.
-استيقظت على غير العادة باكرا…. رميت بعيني نحو الباب لألفي شيئا ما يراقبني، ملامحه غير واضحة….
الصفحة 25: من خلال البحث سيعرف فريد أن الفيديو معروف ومشهور عن "السحر الأسود"، كما سيدرك أن تلك الصور والأسماء الغريبة التي كان هو ووليد يرددانها، هي أسماء لملوك وقبائل الجن، ومجرد ذكرها كان طلبا لحضورها…علما بأنها تكره البشر كرها شديدا
الصفحة 26: رسائل صوتية لكائنات غريبة، كان فريد ووائل يتوصلان بها ، فيها تهديد بالرعب والقتل ،سيتكرر غيرها بصور مختلفة متعددة، إن بالنسبة لفريد أو لصديقه وائل، ليعيشا جحيم الهلوسة والاضطهاد، من كائنات غريبة تهددهم بالموت والفناء، مصرة على " الدم" موحية لوائل بقتل صديقه، أو العكس.
الصفحة 36/37: (فجأة، هاتفني صوت داخلي، إنه لفرد واحد ولكنه في صيغة صوت جماعي رنان كأنه صدى، يقول: هل تعقد أن هذه المشعوذة الغبية ستنجيك من مصيرك المحتوم. أرى أنك لا تعلم من نحن ولا تسمع عن قدراتنا، سنريك إذن بعضا منها الآن. في الغد وبعد قضاء ليلة مرعبة، سيتناهى لمسمع فريد ووائل أن بيت الشوافة شب به حريق أتى على كل ما فيه بما في ذلك الشوافة.
سيقول أحد شهود عيان أنه كان يسمع "الشوافة" تستغيث وتقول "سامحوني، لن أكرر ما فعلت. لن أعبث معكم أبدا.
الصفحة 42: وما بعدها ستتوالى الأحداث الغريبة ويزداد الضغط على فريد ووائل، رسائل تأمرهما بقتل أحدهما الآخر، سيقرر وائل قتل "حياة" صديقته عوض فريد، تتشابك الأحداث ، ويتشابك فريد ووائل في خصام سينتهي بقتل وائل من طرف فريد ومحاكمته بتهمة القتل، سيعمل الطبيب النفسي المختص والمتتبع لحالة فريد، على الخروج بتقرير يوجه فريد على إثره لمستشفى الأمراض العقلية عوض السجن، بعد سنتين سيموت فريد في ظروف غامضة، لم تسلم أمه من ملاحقة تلك الأرواح الشريرة، مرضت وانفصلت عن زوجها، لتموت في الأخير، لن تقف- يقول السارد – المآسي بل ستطال الطبيب حين أراد طبع مذكرات فريد لتصل إلى أكبر شريحة من الشباب ليعتبروا بما وقع فيها من أحداث، فوجئ الطبيب بطرده من عمله والتشطيب عليه من نقابة الأطباء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.