حذرت التنسيقية النقابية للأطباء العامين بالقطاع الخاص، من أن الإصرار على فرض نسبة مساهمة تفوق قدرات الأغلبية الساحقة من الأطباء العامين في القطاع الخاص، في نظام التغطية الصحية الجديد الخاص بالمهنيين غير الأجراء، "ستحكم على عديد عيادات الطب العام بالإفلاس". وقالت التنسيقية إن الأمر يتجاوز ذلك ويهدد في المهد نجاح الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، بحيث سيزيد من الثقل الإقتصادي الذي يتحمله الطبيب العام وهو يفتتح عيادته لتقريب الخدمات الطبية من المواطن، ما سيدفعه للتفكير ألف مرة قبل الإقدام على ذلك. جاء ذلك في مراسلة وجهتها التنسيقية إلى رئيس الحكومة، توصلت "العمق" بنسخة منه، بعد مصادقة المجلس الحكومي على مشروع مرسوم متعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وقانون إحداث نظام للمعاشات، الخاصَّيْن بالمهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا. وفي الوقت الذي نوهت فيه التنسيقية بالتوجه الإجتماعي لحكومة أخنوش وإسراعها في التنزيل الفعلي للورش الملكي بتعميم التغطية الصحية، وإعرابها عن استعدادها للانخراط في إنجاحه، سجلت عددا من النقائص التي تهدد المشروع وفق تعبيرها، داعية رئيس الحكومة إلى مراجعة نسبة مساهمة الأطباء. وأوضح المصدر ذاته، أن السواد الأعظم من عيادات الطب العام، غير قادر على أداء نسبة المساهمة التي أتى بها مرسوم المشروع المذكور، مشيرة إلى أن هذه المساهمة سبق أن نددت بها التنسيقية عبر عدة مراسلات إلى وزير الصحة في عهدته الأولى ووزير المالية والاقتصاد والأمين العام للحكومة. واعتبرت أنه لا يوجد مبرر لفرض نسبة مساهمة متغيرة حسب سنوات الأقدمية بالنسبة لأطباء الأسنان، يجعل مساهمة عيادات طب الأسنان التي تقل أقدمية ممارستها عن 5 سنوات مرهونة في 3 مرات الحد الأدنى للأجور، بينما يغض الطرف عن عامل الأقدمية بالنسبة لعيادات الطب العام ويضع الجميع في سلة واحدة. وأضافت أن "المفاوضات التي أدت لتبني نسبة مساهمة الأطباء العامين كما جاءت في مشروع القانون، لم تدمج جميع المتدخلين العارفين بحقائق الأمور واكتفت بآراء جهات اعتادت الحديث باسم الجميع دون تفويض حقيقي، وهو ما أثبتناه في حينه بمراسلات رسمية تبين تعارض المفاوضات مع التوجيهات الملكية". وأشارت إلى أن مشروع المرسوم في صيغته الحالية "يضرب في العمق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص"، مشددة على أن إنجاح أوراش تعميم التغطية الصحية وإصلاح المنظومة الصحية، يمر وجوبا عبر النهوض بأحوال المشتغلين بالقطاع الصحي والطبيب العام الممارس بالقطاع الخاص جزء لا يتجزأ منه. وتابعت المراسلة الموجهة إلى أخنوش بالقول: "إذا كان التصور الشعبي يظن أن الطبيب العام الممارس بعيادته الخاصة يملك من المداخيل ما يفوق الموثق والصيدلي، فإن لجنابكم من المؤسسات المالية والرقابية ما يمكنكم من معرفة الحالة الإقتصادية المزرية لقسم واسع جدا من الأطباء العامين". وترى التنسيقية أن إنجاح الأوراش الإصلاحية الكبرى كتشجيع الأدوية الجنيسة والبطاقة الصحية الذكية وتقليص عجز صناديق الحماية الاجتماعية، "يمر وجوبا عبر تشجيع تقريب الخدمات الطبية من المواطنين، والذي يمر بدوره عبر تغيير النظرة النمطية للطبيب العام بالقطاع الخاص وجعله شريكا حقيقيا بدل دفعه للإغلاق عبر سن قوانين تنسلخ عما هو كائن في أرض الواقع". وناشدت التنسيقية رئيس الحكومة المحترم بضرورة إعادة النظر في نسبة المساهمة الجائرة التي فرضت على الطبيب العام الممارس بالقطاع الخاص "بعد مفاوضات صورية لم تطبق التوجيهات الملكية"، معبرة عن استعدادها للمساهمة في إنجاح ورشي تعميم التغطية الصحية وإصلاح المنظومة الصحية الوطنية بما يضمن الأمن الصحي للوطن والمواطنين ويكفل حقوق الطبيب العام الممارس بالقطاع الخاص.