رئاسة النيابة العامة تلزم بإجراء الفحص الطبي للأشخاص الموقوفين    نادي الإعلام والدراسات السياسية بكلية الحقوق المحمدية : ندوة علمية لمناقشة الواقع الإعلامي المغربي    الرباط تحتضن مقر الأمانة الدائمة للشبكة الإفريقية للوقاية من التعذيب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    انخفاض الذهب والفضة بعد بيانات التضخم في الولايات المتحدة    انخفاض أسعار المواد الغذائية يسهم في تباطؤ معدل التضخم بالمغرب    استمرار تراجع أسعار النفط للأسبوع الثاني على التوالي    حمداوي: انخراط الدولة المغربية في مسار التطبيع يسير ضد "التاريخ" و"منطق الأشياء"    "الكان" يربك حسابات الأندية الأوروبية    جلالة الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني المغربي الفائز ببطولة كأس العرب    ملك الأردن يقرر منح الجنسية للمدرب جمال السلامي وهذا الأخير يؤكد استمراره مع "النشامى"    "أساتذة التعاقد": اعتقال نزهة مجدي سياسي وانتقامي في حق نضالات التنسيقية    كيوسك الجمعة | ودائع الأسر المغربية تتجاوز 959 مليار درهم    ترامب يوقف برنامج قرعة "غرين كارد" للمهاجرين    هياكل علمية جديدة بأكاديمية المملكة    إدارة ترامب تعلّق قرعة "غرين كارد"    المحافظة العقارية ترفع رقم المعاملات    فرض رسوم التسجيل في سلك الدكتوراه يثير جدلاً دستورياً وقانونياً داخل البرلمان    السكتيوي: المنتخب الوطني حقق اللقب رغم قوة المنافسين    طقس الجمعة.. أجواء باردة نسبيا وصقيع بالمرتفعات    انخفاض جديد في أسعار الغازوال والبنزين بمحطات الوقود    البرلماني رفيق بناصر يسائل وزير الصحة حول العرض الصحي بمدينة أزمور والجماعات المجاورة    شبهة تضارب مصالح تُقصي إناث اتحاد طنجة لكرة اليد من قاعات التدريب    برقية ملكية تشيد بغيرة اللاعبين وكفاءة الأطر الوطنية    المغرب يحصد جائزتين في كأس العرب    رجاء بلقاضي.. تجربة تشكيلية تحتفي باللون والبعد الروحي    الحكومة تُغامر بالحق في الصحة: إصلاح بلا تقييم ولا حوار للمجموعات الصحية الترابية    الدولة الاجتماعية والحكومة المغربية، أي تنزيل ؟    معدل ملء حقينة السدود يناهز 33٪    أسفي بين الفاجعة وحق المدينة في جبر الضرر الجماعي    هل ينفد الكون من النجوم الجديدة؟    بعد التراجع عنه قبل 4 سنوات.. قانون مثير للجدل يعود للواجهة في الجزائر    طقس الخميس.. أمطار وثلوج بهذه المناطق المغربية    تعليمات ملكية للحكومة لدعم متضرري فيضانات آسفي    رسميا.. إلغاء مباراة السعودية والإمارات    المهندس المعماري يوسف دنيال: شاب يسكنه شغف المعمار .. الحرص على ربط التراث بالابتكار    من المغرب.. رمضان يعلق على إدانته بالحبس    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    متحف اللوفر يفتح أبوابه جزئيا رغم تصويت موظفيه على تمديد الإضراب    أسعار الذهب تستقر    توقيف مروج للمخدرات والمؤثرات العقلية بطنجة وحجز أزيد من 1200 قرص طبي    خبراء التربية يناقشون في الرباط قضايا الخطاب وعلاقته باللسانيات والعلوم المعرفية        أمريكا توافق على أكبر مبيعات أسلحة لتايوان على الإطلاق بقيمة 11.1 مليار دولار    الموت يفجع أمينوكس في جدته    غوغل تطور أداة البحث العميق في مساعدها الذكي جيميناي    مركز وطني للدفاع يواجه "الدرونات" في ألمانيا    ترامب يؤكد مواصلة المسار الاقتصادي    الرباط تحتضن مهرجان "أقدم قفطان" .. مسار زي مغربي عابر للأجيال    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرافضون للتطعيم
نشر في العمق المغربي يوم 02 - 11 - 2021

قرار فرض إلزامية جواز التلقيح، لم يحرك فقط، أوثار اللغط والجدل، بل أثار موجة من الرفض والاحتجاج، برز معها "رافضون" حملوا يافطة الرفض والتشكيك في عملية التطعيم وما ارتبط بها من جواز، وبعضهم خرج إلى الشوارع للتعبير عن مشاعر الرفض وممارسات الإجبار التي تنهجها الدولة / الحكومة لفرض تلقيح يفترض فيه أن يخضع لمبدأ حرية الاختيار، وفي هذا الصدد، فالرافضون الذين خرجوا ويخرجون إلى الشوارع، يحتجون من زاوية الحريات وبوابة حقوق الإنسان ومدخل حماية الصحة الخاصة، مقابل ذلك، ترفع الدولة/ الحكومة يافطة مسؤوليتها في حماية الصحة العامة وكسب رهان التطعيم لبلوغ المناعة الجماعية في أفق العودة إلى حياة ما قبل الجائحة.
وبين حق الشخص في حماية صحته، وحق الدولة في حماية الصحة العامة، تغيب الحقيقة العلمية الدامغة، القادرة على الإقناع ورفع ستار الرفض والتشكيك، لتنقسم الحلبة بين "مؤيدين" انخرطوا وينخرطون في حملة التطعيم بكل أريحية وجاهزية واستعداد، من باب الثقة في الدولة التي تتحمل مسؤولية حماية الصحة العامة والتدبير الأنجع للأزمة الوبائية القائمة، و"مترددين"، انخرطوا على مضض في الحملة بعد فرض إلزامية جواز التلقيح، لتفادي أية مشاكل أو متاعب في التنقل أو السفر أو في الاستفادة من الخدمات الإدارية، و"معارضين"، لازالوا أوفياء لصوت الرفض والاحتجاج لأسباب ومبررات .يتشابك فيها الشك باليقين.
ماهو باد للعيان، أن جواز المرور، بات وثيقة رسمية معتمدة من قبل السلطات العمومية على غرار ما أقدمت عليه مجموعة من الدول عبر العالم، والحملة الوطنية للتلقيح تسير وفق ما رسم لها من أهداف، وطريق "المناعة الجماعية" أضحت معبدة أكثر من أي وقت مضى، ومهما كنا مع الدولة/ الحكومة أو ضدها، أو مع الرافضين أو ضدهم، لا مناص من احترام الحق في الاحتجاج ما دام لم يصل إلى مستوى تهديده للنظام العام، والمصالح الأمنية، لابد أن تتعامل مع خصوصية اللحظة، بالمزيد من الرصانة والمسؤولية والمهنية فيما يتعلق بتدبير هذا النمط من التجمهر "الاستثنائي"، الذي يتطلب تدبيرا "استثنائيا"، لأن اللحظة، تتطلب بدائل أخرى مرتبطة بالتواصل والإنصات والإقناع وقول الحقيقة كما هي، من منطلق أن " صحة الأفراد" هي جزء لا يتجزأ من "صحة المجتمع" أو "الصحة العامة"، أما الرهان على لغة "الطونفا"، فلن يزيد بؤرة الاحتجاج إلا توسعا ودائرة الشك إلا تمددا.
سواء تعلق الأمر بفرض إلزامية جواز التلقيح، أو ببعض الفئات المعارضة التي خرجت إلى الشوارع بقصد التعبير عن الرفض والاحتجاج، فبدون شك، نحن أمام تمرين صعب وشاق من تمارين جائحة كورونا، لابد أن نتجاوزه بنجاح وبأقل الأضرار الممكنة، وهذا يقتضي التحلي بقيم المواطنة الحقة والتزود بجرعات كافية من المسؤولية والشفافية والمصداقية، والحرص كل الحرص على حماية الحريات والحقوق، التي لا يمكن المساس بها أو انتهاكها، بمبرر "الصحة العامة" ودافع "بلوغ المناعة الجماعية"، وفي هذا الإطار، لايمكن إلا أن نتفهم مسؤولية الدولة / الحكومة في حماية الصحة العامة وتجنيب المواطنين شر أية انتكاسة وبائية محتملة، لكن بالمقابل، هناك حقوق وحريات كفلها الدستور الجديد، لابد من استحضارها ورعايتها، عبر التدبير الأمثل للاحتجاجات، والإيمان بالحق في الاحتجاج والرفض، الذي يمكن مواجهته، عبر الرهان على التواصل الفعال مع المواطنين وتملك أدوات الإقناع في إطار من المسؤولية والمصداقية والوضوح والشفافية، بعيدا عن "كوفيدات" الإكراه والإلزام، في ظل جائحة عالمية تقتضي البيان والبرهان.
الرافضون من حقهم رفض الانخراط الإلزامي في حملة التطعيم من منطلق أن الجسد هو ملك لصاحبه، لكن ليس من حقهم إلحاق الأذى بالآخرين الذين اختاروا التحصين عبر التطعيم، كما ليس من حقهم عرقلة المجهودات المبذولة حرصا على الصحة العامة، وحماية للمجتمع من أية انتكاسة وبائية محتملة، قد تفرض اللجوء مرة أخرى إلى خيار التشديد بكل تكلفته الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، وبعيدا عن لغة الجدل، ودون الخوض في أية نقاشات قانونية، نرى أن الإشكال لايكمن في الجواز التلقيحي المفروض، بل في مقتضيات قانون الطوارئ الصحية المصوت عليه من قبل نواب الأمة في عهد الحكومة السابقة، والذي يمنح الحكومة الحالية على غرار السابقة، إطارا قانونيا لتدبير الأزمة الوبائية دون الحاجة إلى المرور عبر القنوات التشريعية الاعتيادية، لذلك، إذا كان من لوم، فلايمكن أن يوجه إلا لمن صوت على هذا القانون ومنح عبره الحكومة، مساحة قانونية واسعة، لفرض ما تراه مناسبا ولازما من القرارات ذات الطابع الاحترازي، وهذا لايمنع من توجيه قسط من اللوم إلى الحكومة، لأن قرار فرض إلزامية الجواز التلقيحي جاء متسرعا ولم تسبقه أية مرحلة انتقالية، طالما أن الوضعية الوبائية مطمئنة أكثر من أي وقت مضى، وبالتالي لم يكن هناك أي مبرر معقول أو مقبول للاستعجال في تنزيل قرار، فتح ولازال يفتح أسئلة ونقاشات دستورية وقانونية وحقوقية وصحية.
أصوات الرفض الآخذة في التنامي والتمدد في المغرب كما في العالم، من الصعب تجاوزها أو عدم الانتباه لها أو التعامل معها بنوع من اللامبالاة من قبل صناع القرار السياسي والصحي على وجه التحديد، خاصة وأن بعضها صدر ويصدر عن بعض الأطباء الأقرب دون غيرهم من واقع الحال، والذين لم يترددوا في التحذير من المخاطر المحتملة للتلقيح على الصحة، والبعض منهم وصل حد التشكيك في حقيقة الأزمة الوبائية القائمة، وما يزيد طين الرفض والاحتجاج بلة، خروج بعض المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجا على تعرضهم إلى مضاعفات صحية بعد تلقي الجرعات، والأخبار الرائجة بشأن فساد بعض اللقاحات، دون إغفال الحديث عن بعض الوفيات المسجلة هناك وهناك، والتي ربطت بعملية التطعيم في غياب النفي أو التأكيد من الجهات المختصة، وهذه الأصوات التي تتقاطع في دائرة التبخيس والتحذير والتشكيك، تقتضي من السلطات الصحية، تقديم تفسيرات بشأنها، ليس فقط في إطار الحق في المعلومة، ولكن أيضا من أجل طمأنة المواطنين الذين لازالوا يقفون عند عتبة التردد أو الشك، أما التحذيرات الصادرة عن بعض الأطباء، فيفترض التعامل معها بالحجة الدامغة والبرهان العلمي الذي يقطع الشك باليقين، من باب الوضوح والمصداقية والصراحة مع المواطنين.
ومرة أخرى، نلح على ضرورة استعجال وضع استراتيجية تواصلية فعالة من قبل السلطات الصحية، قادرة على الإخبار وحسن الإقناع، خاصة في إطار ارتفاع جرعات التحذير وتنامي منسوب التشكيك، وفي ظل الحديث عن اعتماد محتمل لجرعة رابعة بعد الثالثة …، وفي جميع الحالات، إذا كانت الدولة/الحكومة قد اتخذت فرض إلزامية جواز التلقيح من باب مسؤوليتها في حماية الصحة العامة، فذات المسؤولية، لابد أن تحضر بنفس القوة والمتانة، في الحالات التي يتعرض فيها المواطنون إلى مضاعفات صحية مرتبطة بتلقيهم لجرعات التلقيح، إذ، لايمكن أن تحضر "الصحة العامة" قبل التطعيم، وتغيب بعده، لذلك، فمن الضروري بل ومن الواجب، أن يتم التكفل بالحالات التي تعرضت إلى مضاعفات أو مشاكل صحية بسبب التطعيم، وفي هذا المستوى، تحضر الدولة/الحكومة الراعية والحامية والمسؤولة والملتزمة، على أمل ألا ينسينا اللغط الجاري بخصوص التلقيح وجوازه، بعض القضايا الجوهرية التي تشغل بال المواطنين، من قبيل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة والبطالة والتعليم والصحة والحماية الاجتماعية والحوار الاجتماعي، والرهانات التنموية المرتبطة بالنموذج التنموي الجديد، والتحديات الخارجية المرتبطة بالوحدة الترابية للمملكة، وقبل هذا وذاك، مدى قدرة الحكومة الجديدة على الوفاء بكافة الوعود والالتزامات، وأن تكون ذاك البديل الذي بحث عنه المغاربة في محطة ثامن شتنبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.