لم يكن يخطر على بال وجدان سليم أن تقريرا طبيا سينهي مسارها في مهنة التعليم بشكل سريع، حتى فاجأها مدير إعدادية تبودة بإقليم تاونات، يوم الإثنين 4 أكتوبر الجاري، بقرار إنهاء تكليفها توصل به من المديرية الإقليمية بتاونات. وقررت المديرية الإقليمية بتاونات إنهاء تكليف أستاذة اللغة العربية استنادا لإرسالية المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بتاونات، تتضمن نتيجة الفحص الطبي الذي يفيد عدم قدرتها البدنية على مزاولة مهام التدريس. وجدان البالغة من العمر 26 سنة، قالت في تصريح لجريدة "العمق"، إنها لم تستوعب بعد هذا القرار الذي اتخذه طبيب "دون أن يعاين قدرتي على التدريس من عدمها داخل الفصل،" مؤكدة على أن المرض الذي أصيبت به على مستوى المخيخ في يناير 2021 نتج عنه عدم تناسق الحركة بين الرجلين أثناء السير ولا يمنعها ذلك من المشي". الأستاذة التي تتابع دراستها في سلك الدكتوراه بكلية الآداب بفاس، تساءلت بنبرة حزينة: "كيف يمكن أن يمنعني ما أعانيه من التدريس ولم يمنعني من مواصلة تكويني بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بفاس طوال السنة الماضية، فضلا عن كونه لم يمنعني من المشي في مسيرة احتجاجية، الأربعاء الماضي، وثقتها فيديوهات يمكن للجميع الاطلاع عليها". وقالت في تصريحها إنها حاولت إيجاد حل لمشكلها مع المديرية الإقليمية، إلا أن المسؤول عن المديرية أخبرها أن الأكاديمية هي المسؤولة وأنه لا يملك حلا لهذا الملف"، مشيرة إلى أن مدير الأكاديمية رفض استقبالها بصفتها الشخصية بدعوى أن حل الملف يقتضي اجتماع جميع الأطراف المعنية، وهو ما اعتبرته الأستاذة محاولة لطي ملفها وطردها في النهاية، وفق تعبيرها. وجدان سليم لجات إلى صفحات الفايسبوك لنشر مظلوميتها، إذ دونت في مجموعة الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة "لم أكن يوما لأدون حزني وأساي على هذه الصفحة التي لطالما اعتززت بالإنتماء إليها، وهذه الأسرة التي لطالما ساندتني حين كنت طالبة، وها أنا أعود منكسرة لطلب مساندتي من أسرتي بعد أن تطاول على حقي من هم أحق بالحفاظ عليه". وأضافت عبر تدوينتها "أحيطكم علما أنني أصبت بمرض على مستوى المخيخ ما نجم عنه عدم تناسق المشي في يناير 2021 أصبحت للأسف أمتطي عكازا، تعايشت مع الأمر بكل فرح لأن ربي ابتلاني، أتممت تكويني بفوج2021 وتم تكليفي بالمديرية الإقليمية تاونات، لأتفاجأ بهذا القرار المجحف في حقي". وضعية الأستاذة دفعت الجامعة الوطنية للتعليم "fne" إلى مراسلة مدير أكاديمية فاسمكناس، مطالبة بتدخله لتصحيح هذا القرار والعمل على إرجاع الأستاذة إلى مهمة التدريس أو إسنادها مهمة إدارية تناسب وضعها الصحي. واعتبرت النقابة هذا القرار "مسا خطيرا بحقوق الأستاذة التي اجتازت جميع مراحل التكوين بنجاح رغم إصابتها بالمرض الذي أثر على حركتها"، مشيرة إلى أن هذا القرار "يؤكد مرة أخرى هشاشة التوظيف بالعقدة". الموضوع ذاته دفع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بجهة فاسمكناس إلى مراسلة مدير الأكاديمية تخبره فيها بمتابعتها باهتمام قضية الأستاذة وجدان التي تم انهاء تكليفها للتدريس من طرف مديرية تاونات بعد يومين فقط من التحاقها بمقر عملها بثانوية تبودة الإعدادية. واعتبرت الجمعية هذا الإجراء "انتهاكا لحقوق الإنسان ومسا بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وحيفا ممارسا في حق الأستاذة التي اجتازت جميع مراحل التكوين بنجاح رغم إصاباتها بالمرض". وطالبت الهيئة ذاتها مدير الاكاديمية بالتدخل العاجل قصد العمل على تصحيح هذا الوضع ضمانا لمبدأ المساواة في الحقوق بموجب القانون واحتراما لتعهدات والتزامات الدولة المغربية تجاه اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المصادق عليها من طرف المغرب.