تعيش هذه الأيام الساحة السياسية المغربية سياق الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية، حيث أُعدت وعُدلت قوانين من أجل تأطير تنظيمها، بما في ذلك تعديل قانون الأحزاب هذه الأخيرة لها أدوار مركزية في إنجاح هذه الاستحقاقات منها الإعداد والقيام بالحملات الانتخابية مرتكزتا في ذلك على تواصلها السياسي. فالأحزاب السياسية مدعوة بالمناسبة لتجويد تواصلها السياسي الهادف لدعم وظيفة التأطير وبناء جسور التشاركية مع مختلف الفاعلين وتحقيق الشفافية وتيسير الولوج للمعلومات، وهذا عمل مستمر غير مرتبط بأي ظرف أو زمن، إلا أن بعض الأحزاب وبعد صمت طويل و عند قرب الانتخابات تفاجئ المواطنين بحزمة مكثفة من الخرجات في الفضاء الأزرق على شكل وعود انتخابية مما يؤثر هذا النوع من التواصل الظرفي والموسمي على صورة الأحزاب، فالتواصل السياسي هو فعل دائم ومستمر ومرتبط بفعالية الأحزاب، و الملاحظ كذلك في الأونة الأخيرة أن هناك بعض الأحزاب شرعت في دعايتها الانتخابية خارج زمن الحملات الانتخابية المؤطر بقوانين والتي بَرمجت فترة الحملات الانتخابية بعد مرحلة إيداع لوائح الترشيح او التصريحات الفردية للترشيح. ورغم كل ماسبق فلجوء الأحزاب لفضاء الأنترنت وللمواقع الاجتماعية من أجل الدعاية الانتخابية هو أمر إيجابي ومحمود ومؤشر على مواكبة التحولات ولاسيما منها التحول الرقمي، إلا أن رهان المصداقية والواقعية يبقى مطروحا على الفاعل الحزبي وأن محاولات التأثير بالصورة والمؤثرات التقنية والاستهداف المُمول له أثر، لكن قصير المدى، إذ حتما يتكسر ويتبدد أمام المحتوى الرقمي الذي يجمع بين الصدق والواقع ويربط بين الخطاب والعمل المُنجز . وفي سياق إستعمال الأحزاب للتكنولوجيا كآليات للتواصل السياسي المرتبط بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة، حيث تأتي حاجتهم خلال هذه الحملات الى معالجة بعض المعطيات ذات الطابع الشخصي الخاصة بالناخبين من أجل حثهم على التصويت لفائدتهم، الأمر الذي يتوجب مراعاة مقتضيات القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، من خلال إيلاء أهمية خاصة لمصدر المعطيات ذات الطابع الشخصي المستعملة للاتصال الفردي بالناخبين وكذا التعبير الحر والصريح للأشخاص المعنية عن رضاهم لمعالجة معطياتهم ذات الطابع الشخصي لغرض التواصل السياسي، مما يستوجب على الأحزاب خلال تواصلها السهر على حماية حقوق الأشخاص المعنيين وذلك بالإخبار بمناسبة تجميع معطياتهم الشخصية طبقا للمادة 5 من القانون 09-08 بهوية المسؤول عن المعالجة والغاية من المعالجة والمرسل إليهم ة، بالإضافة إلى اخبارهم بالطابع الإجباري أو الاختياري للأسئلة المستعملة من أجل تجميع المعطيات الشخصية وكذلك المنطق الذي يحكم كل معالجة آلية للمعطيات الشخصية المتعلقة به، مع تمكينهم الولوج من أجل تصحيح أو تحيين أو مسح أو إغلاق معطياتهم الشخصية بسبب الطابع غير المكتمل أو غير الصحيح، كما يستلزم منح إمكانية للشخص المعني، بعد الإدلاء بما يثبت هويته، الحق في التعرض على استعمال المعطيات المتعلقة به لأغراض الاتصال السياسي سواء من طرف المسؤول الحالي عن المعالجة أو المسؤول عن معالجة لاحقة (المادة 9 البند 2 من القانون 08 09) في حالة استعمال وسيلة اتصال إلكترونية من قبيل، آلية اتصال هاتفي، أو جهاز استنساخ بعدي أو ارسال رسالة نصية قصيرة أو رسالة الكترونية، أو كل وسيلة تستعمل تكنولوجيا مماثلة، يتوجب منح المرسل إليه، بشكل صريح وبسيط، ولا يحتمل اللبس، إمكانية التعرض على استعمال لاحق لمعلوماته لنفس الغاية. كما يستوجب إذا أحدث ملف للتواصل السياسي لغرض حملة انتخابية معينة، اتلافه بعد انتهاء هذه العملية الانتخابية. ناهيك عن اشكالية نقل للمعطيات نحو الخارج لاسيما في حالة توطين أو تخزين المعطيات في حواسب رئيسية توجد خارج التراب الوطني، الإشكال الذي يتطلب اشعار مسبق للجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي فالدعاية الانتخابية عموما وخاصة بالفضاء الأزرق أصبحت مرتبطة بشكل كبير برهان المصداقية والواقعية وايضا برهان حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي للناخبين والناخبات هذا الأخير يستوجب استشارة الأحزاب للجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي كي تمر الدعاية الانتخابات المقبلة في احترام تام لجميع القوانين.