مُنيت نقابة الاتحاد الوطني للشغل التابعة لحزب العدالة والتنمية بهزيمة كبيرة في الاستحقاقات المهنية الأخيرة، كما فقدت النقابة تمثيليتها في قطاع التعليم، بعدما عجزت عن الحصول على 6 بالمائة من المقاعد في اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء، وهو ما اعتبره كثيرون، رسالة من الطبقة الوسطى إلى الحزب الحاكم، ومؤشرا على إمكانية تعثره في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. ويرى خالد يايموت، أستاذ العلوم السياسية، في حديث مع جريدة "العمق"، أن الانتخابات النقابية بالمغرب يجب التأكيد على أنها انتخابات غير ديمقراطية، وتتنافس فيها نقابات غير ديمقراطية بقوانين أكثر تخلفا من قوانين الانتخابات السياسية، مضيفا أنه "لذلك عندما نتحدث عن تقدم نقابة قريبة من حزب او تراجع أخرى فيجب استحضار هذا الوضع الهش جدا". وما يزيد الوضع سوءا، أشار يايموت إلى أن النقابات بالمغرب تتعايش مع بؤر الفساد الانتخابي والمالي أكثر مما تفعله الأحزاب، وهذا كله يجعل من القول بأن أحزاب الحكومة أو حزب حكومي هو سبب مركزي ووحيد لتراجع نقابة معينة أمر تبسيطي للوضع النقابي المغربي. وحول ما إذا كانت الطبقة الوسطى تعاقب البيجيدي، قال أستاذ العلوم السياسية، إن هذه الطبقة في المغرب تتميز بالنفعية والوعي الجاد، وهي تعي أن الانتخابات بالمغرب هي قوننة الريع وتبادل للأدوار، لذلك تبحث عن مصالحها بين أرجل الفاعلين ألمحركين لعجلة توزيع المصالح، ووفقا لطبيعة هذه الرؤية، اعتبر المتحدث، أن بعض الإصلاحات التي أنجزت زمن ترؤس العدالة والتنمية للحكومة تشكل تهديدا خطيرا لمصالح الطبقة الوسطى وتجعل منها طبقة مستنزفة. وبخصوص العلاقة بين حزب العدالة والتنمية والانتخابات، قال يايموت، إن ما يمكن قوله لحد الآن أن الحزب يواجه تحالفا عريضا ويقف متعبا والمرض نهش صفه الداخلي وحيدا في مربع هذه المواجهة، مبرزا أنه رغم ذلك فإن قياس الانتخابات البرلمانية المقبلة على ما أفرزته الانتخابات النقابية أمر بعيد عن العلمية وعليه فإن العدالة والتنمية المريض لازال حاضرا بقوة في الجسم السياسي المغربي الأكثر مرضا من البيجيدي. وبالمقابل، يرى المحلل السياسي، عمر الشرقاوي، أن ما وقع لنقابة حزب العدالة والتنمية خلال انتخابات الموظفين والمهنيين ليس تعثرا أو كبوة بل سقوطا مدويا وزلزالا رهيبا وعقابا سياسيا، وذلك في تدوينة دبجها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وأوضح الشرقاوي، أن ما وقع لنقابة البيجيدي هو أن نصف مليون موظف، قرروا ممارسة العقاب الجماعي تجاه نقابة حزب أجهز على أجور ومعاشات وحقوق الموظفين، وتفرغ قادته من الأمناء العامين والوزراء والبرلمانيين للتمتع بمعاشات ريعية والتلذذ بتعدد التعويضات. وشدد أستاذ القانون الدستوري، أن "ما وقع حقيقة هو دفع فاتورة نقابة باركت وصمتت عن القرارات المجحفة في انتظار دفع فاتورة حزب العدالة والتنمية خلال الانتخابات التشريعية والجماعية المقبلة".