كشفت هيئة دفاع الصحفي سليمان الريسوني، عن التفاصيل الكاملة لاعتقاله، وذلك في اليوم ال 72 من دخوله في إضراب عن الطعام احتجاجا على استمرار اعتقاله، محذرة من أن إضرابه عن الطعام "قد يسفر عن فاجعة حقيقية، بحيث أن حقه في الحياة أصبح مهددا بشكل خطير، وأنه على شفا حفرة من الموت"، وفق تعبيرها. وقالت هيئة الدفاع في تصريح صحفي لها، اليوم الجمعة، إنها قررت "وبعد طول صمت، تنظيم ندوة صحفية لتوضيح ما تعرض له الريسوني من ظلم وحيف وتشهير، ولتسليط الضوء على الوضع العام والخروقات التي شابت ملفه، وللوقوف عند حملة التشهير الممنهج والمغرض التي تعرض ويتعرض لها". وأوضح البلاغ أن هذه الندوة تأتي "في ظل استمرار حملة التشهير التي تطال الريسوني، والتي وصلت حد التطاول على سلطة القضاء، ونشر ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وافتراء على الرأي العام، بالقول بأن سليمان امتنع عن الحضور لجلسة محاكمته التي أشعر مسبقا بتاريخها، متجاهلة وضعه الصحي الذي حال دون حضوره". وفي هذا الصدد، اعتبرت هيئة الدفاع أن بلاغ النيابة العامة الأخير الذي جاء فيه أن سليمان أصر عن الامتناع عن الحضور للجلسة وأن وضعه الصحي عادي، "يتضمن معطيات غير صحيحة وصادر عن طرف غير محايد في القضية، بداية من اعتبارها الجهة التي بادرت إلى مباشرة بحث تمهيدي بناء على مجرد تدوينة باسم مستعار، منشورة في موقع فيسبوك، تنسب فيها أفعالا جرمية لشخص مجهول، دون تحديد مكان وزمان وقوع تلك الأفعال الجرمية". وترى هيئة الدفاع أن هذا الأمر يطرح التساؤل عن الاختصاص الترابي لإجراء البحث التمهيدي المذكور خلافا لمقتضيات المادة 49 من قانون المسطرة الجنائية، مشيرة إلى أن النيابة العامة قامت "في انتهاك صارخ لقرينة البراءة، بتعميم بلاغ على وسائل الاعلام العمومية والخاصة، يخبر باعتقال الريسوني والأفعال الجرمية التي اعتقل من أجلها، على غير العادة والمعمول به بباقي الملفات الجنائية مهما كانت خطورة الافعال المرتكبة، وهو ما يستشف منه أن ملف الريسوني ليس ملفا عاديا". التفاصيل الكاملة للاعتقال والمتابعة تقول هيئة الدفاع عن الريسوني، إنه وحتى قبل اعتقال هذا الأخير، "نشرت بعض المواقع الإلكترونية المعروفة بعملها التشهيري، وبمجرد صدور تدوينة باسم مستعار تنسب أفعالا جرمية لشخص مجهول، هذه التدوينة، وتنبأت بأن المقصود من التدوينة ليس إلا سليمان الريسوني، وذلك في سياق حملة تشهير مغرضة وممنهجة وصلت حد نشر أحد هذه المواقع، وقبل انطلاق أي بحث قضائي، لمقال يتوعد فيه هذا الأخير بفتح أبواب "جهنم" عليه يوم العيد". وأضافت: "وفعلا تحقق الوعيد عشية العيد عبر اعتقاله، وتم تأكيد هذا العلم المسبق بحضور هذا الموقع لمكان الاعتقال في الوقت والمكان المحدد وتصوير عملية اعتقال ونشرها وتعميمها دونما حسيب ولا رقيب؛ كما طالت هاته الحملة التشهيرية الممنهجة حتى ملف سليمان الريسوني المعروض حاليا على أنظار القضاء، وصلت حد اتهام دفاعه بالمماطلة والتسويف وتحميله مسؤولية طول مدة المحاكمة". وأوضحت هيئة الدفاع أنه، بتاريخ 22/05/2020، تم إيقاف واعتقال الريسوني والبحث معه وتقديمه لدي النيابة العامة وإحالته على قاضي التحقيق في حالة اعتقال بتاريخ 25/5/2020، من أجل المطالبة في التحقيق في جريمتي هتك عرض شخص بإستعمال العنف والإحتجاز طبقا للفصلين 485 و436. معتبرة أن هذا التحقيق الذي دام لفترة 6 أشهر لم يحقق فيها مع سليمان إلا في ثلات جلسات (من 25/5/2020 إلى 3/11/2020). كما لم يتم تحرير قرار الإحالة إلا بتاريخ 21/12/2020، تضيف الهيئة، ولم يتم عقد جلسة المحاكمة العلنية إلا بتاريخ 9/2/2021، أي بعد تسعة أشهر من الاعتقال. وخلال هذه المدة آلينا على أنفسنا كدفاع، في احترام تام لسرية التحقيق، عدم التوجه للرأي العام بأي بلاغ أو تصريح، إلا أننا اليوم ولكل ما سبق ذكره نجد أنفسنا مضطرين لذلك، وفق تعبيرها. واعتبر المصدر ذاته أن التأخير الذي طال ملف القضية، مرده بالأساس لطول فترة التحقيق القضائي معه الذي دام لما يقارب 9 أشهر، والذي أشرف عليه قاضي التحقيق بمحكمة الإستئناف بالدار البيضاء، "رغم أن هذا التحقيق لم يضف أي جديد لملف القضية أكثر مما قدم به لديه، وبالتالي لم يكن يستدعي كل تلك المدة، وأما بعد إحالة الملف من لدنه لجلسات المحاكمة، فلم يتم التأخير بطلب من الدفاع إلا خلال الجلستين الأولتين من أجل تسجيل المؤازرة للمحامين وإعداد الدفاع، وهو حق أصيل من حقوق الدفاع؛ وضمانة أكيدة من ضمانات المحاكمة العادلة". وأما باقي التأجيلات، تضيف الهيئة، "فكانت بسبب تعنت إدارة السجن ورفضها تسليم وثائق القضية للريسوني قصد الاطلاع وإعداد دفاعه بالرغم من المحاولات المتكررة لدفاعه لدى إدارة السجن التي كانت تتحجج بأن الوثائق يتعين أن تأتيها عن طريق النيابة العامة، هذه الأخيرة التي تماطلت في الاستجابة لطلبنا، مما حدا بنا، وربحا للوقت للتوجه للمحكمة واستصدار حكم بتاريخ 15/4/2021 بتمكين الريسوني من وثائق الملف (محاضر، وقرار الإحالة وغيرها…)، من أجل إعداد دفاعه، وهو ما يعد حق من أبسط حقوقه المخولة له قانونا". كما أن باقي التأجيلات، بحسب التصريح الصحفي، "فقد فرضها الوضع الصحي للريسوني الذي دخل في إضراب لا محدود عن الطعام مند 8/4/2021، بعد أن ضاق درعا بالتضييقات التي مورست عليه، وخاب ظنه في الانتصاف بعد طول انتظار مند تاريخ توقيفه ثم تقديمه وعرضه على التحقيق، وخفت أمله في محاكمة عادلة مستوفية لكافة ضماناتها وشروطها، وأولها قرينة البراءة". وترى الهيئة أن هذا الشعور "عززه وزكاه طعن النيابة العامة في قرار قاضي التحقيق، بعدم متابعته من أجل جنحة الاحتجاز والحكم بإرجاعها، ثم رفض طلبات السراح التي وصلت إلى 14 طلبا، المقدمة ابتدائيا واستئنافيا رغم توفر كافة ضماناته. وهو الأمر الذي فرض بالضرورة أمام التردي الخطير والمطرد للوضع الصحي لسليمان نتيجة إضرابه عن الطعام باعتباره الوسيلة الوحيدة المتاحة له من أجل الاحتجاج". وفي هذا الإطار، اعتبرت هيئة الدفاع على ملف سليمان الريسوني هو "ملف سياسي بامتياز، يستهدف ضرب حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، خاصة وأن هذا الأخير معروف بكتاباته اللاذعة والمنتقدة للسلطات العمومية"، محملة الجهات المسؤولة عن اعتقاله "أي مس بحقه في الحياة والسلامة البدنية والنفسية"، مجددة مطالبها بإطلاق سراحه إلى جانب الصحفي عمر الراضي، ونشطاء حراك الريف. واعتبرت أن حق سليمان في المتابعة في حالة سراح "هو أحد شروط وضمانات المحاكمة العادلة، تفعيلا لمبدأ قرينة البراءة التي كرستها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والدستور والقانون، ما دام أن الاعتقال الاحتياطي هو استثناء حدد القانون الدولي لحقوق الإنسان شروطه بدقة، إذ لا يجب أن يكون معقولا فقط، بل أن يكون ضروريا ومشروعا".