لا يفوتني ونحن على بعد ثلاثة أيام مضت على عيد المرأة الأممي ، أن أتوجه الى كل نساء العالم ولنساء المغرب تحديدا بتحية تقدير مع باقات امتنان فواحة على صمودهن ونضالهن المستمر من اجل تحقيق مشاركتهن الكاملة والتمكين لهن في مختلف المجالات ، وأهمس في آذانهن : "مالا يتحقق بالصبر والنضال يتحقق بحزمة من الجلد و غلالات من الثقة و جرعات كبيرة من النضال…." من هذا المنطلق، أصرح مطمئنة بعيدا عن منطق الاستهلاك والتلميع الإعلامي ،ان ذكرى 8 مارس تظاهرة راقية تتحدث عن نفسها مضمونا وحضورا ومواكبة وما المواضيع والندوات والموائد المستديرة التي تنصب إلا شكل من أشكال هذا التقبل وذاك التفاعل الايجابي مع قضايا المرأة وان اختلفت الاليات وتفاوتت القناعات.. وعليه ، وفي مقابل هذا الثناء على العديد من المبادرات في هذه الذكرى ،لا يفوتني ان اذكر بالكثير من محاولات التضييق والتسييج ضد المرأة وانبه الى ان الشوائك التي تحول بين الكثير من المبادرات المتميزة وبين وضعية هذه المرأة ما زالت كثيرة…. ولا سيما المرأة القروية والمرأة في هوامش المدن … والمرأة التي تعاني الهشاشة بمختلف انواعها (وفي مقدمتها الفقر) من هذا المنطلق، أحيي تحية عرفان أخواتي السلاليات في معركتهن مع الأرض ومع الحكرة ومع تنكر الأخ والأب والعم والخال… ،وما هي بأرض كما صرحت غير ما مرة … إنما هي جذور انتماء وعروق نسب وعنوان حياة، كما أحيي العاملات في الضيعات ، ونساء المعامل والمصانع والحقول وغيرهن ممن تكابدن العناء بلا ملل، دفاعا عن الأسرة المكلومة وضمانا للقمة العيش المرة. وعلى هذا الأساس ،أي نعم نحن نعيش كما العالم ظروفا صعبة جراء جائحة كورونا ،ونعترف بجملة اختلالات ارتبطت بعقود من الزمان لا يمكن إصلاحها دفعة واحدة، ،…ولكن هذا لا يعفينا من التنويه بالأوراش الكبرى التي تم اقتحامها لفائدة المرأة المغربية وأولها ورش الحماية الاجتماعية…. من هذا المنطلق، و بعيدا عن منطق المزايدات حول "قضية المرأة" في ذكرى عيد المرأة الأممي…. لا ننكر نكران الجاحذات ما تحقق لصالح المرأة المغربية ان على مستوى التمكين الاقتصادي او الاجتماعي او السياسي… ، وان كان طموحنا وطموح هذه المرأة اكبر مما تحقق.. وعليه، فقضية المرأة وصيانة حقوقها والمناداة بإنصافها ليس شعارا ولا ترفا نقايَض حوله ، ونساوَم فيه ،بل شرط لتحقيق العدالة وبلوغ الديمقراطية وكسب رهانات التنمية وعلى هذا الاساس، نحن لن نمل من القول وتكرار القول في هكذا مناسبات عالمية وأخرى وطنية… بأن منسوب حماستنا عال جدا حيال الخصوصية النسائية، وإرادتنا لتقليص الهَوة بين إقرار نصوص الدستور والقوانين المنظمة لحق المساواة بين الرجل والمرأة، وبين إعمال تطبيقها على أرض الواقع قوية ولا تقبل التراجع ولا حتى التأييد الخجول. ولسنا نعدم الأدلة على صدق القول ، لأن ما وقعته النساء بمختلف القبعات واختلاف المشارب ضمن مسار نضال المرأة المغربية الطويل… مما أقرت به تقارير المهتمين… يستدعي حقا تنويها خاصا و تقديرا لافتا ولا فخر. وفي هذا السياق، لا يفوتني عبر هذا الحيز الرقمي الا أن أعرب عن كثير من الاطمئنان لدور ومشاركة المرأة السياسية في مختلف المدن المغربية… مقابل بضع اطمئنان مشوب بتخوف في المحليات القروية والمدن الصغرى ، لأن طموحنا وطموح هذه المرأة أكبر بكثير من واقعها الذي أعطيت فيه حقها منقوصا قياسا بكفاءتها أولا وقياسا بالرجل ثانيا ، ويحذوني الأمل الكبير أن يكون حضورها أقوى وتمثيليتها في كل المجالس والهيئات تساير الورقة الدستورية ولا تبخسها. وبالجملة ،ومن باب الموضوعية التي لا ينازعنا فيها الرجال ،نحن كنساء نثني ونصفق لكل المبادرات الهادفة التي تم تنزيلها لصالح النساء المغربيات إن على مستوى إنتاج ترسانة قانونية هامة كآلية وطنية لإرساء الحماية القانونية والمؤسساتية لحقوقهن وتفعيلا للمقتضيات الدستورية ،أو على مستوى الدعم الاجتماعي للنساء في وضعية هشاشة ،أو على مستوى التمكين الاقتصادي ، او على مستوى التمكين السياسي مما لا تخطئه العين كما وكيفا لذلك ، إن كنت لأنسى وانا اكتب في هذا السياق "سياق عيد المرأة" فلن أنسى أن أسجل وأعرب عن امتعاضي من ذاك العقل الذي سكت دهرا ونطق كفرا ، فأبدع لنا قانونا انتخابيا لقيطا ،قانونا لا أساس معرفي أو فكري له، ولا رديف له في التجارب المقارَنة : لا في أنظمة الدول الديمقراطية، ولا حتى في ما دونها من الدول التي تعثر مسار انتقالها الديمقراطي ولا عجب. وبكلمة، إنه قانون الاستجداء ، استجداء المناصب والمقاعد للكسالى ….على حساب المجتهدين…. قانون "سيدي قاسم الانتخابي" ، و"قانون الوزيعة" و"كلشي يبق على خاطرو" إنها الفوبيا المركبة اتجاه خصم سياسي قوي مخافة تصدره للانتخابات للمرة الثالثة … وعليه، فالذي صعُبَت مبارزتُه ديمقراطيا ومنازلتُه على مستوى الميدان، لا حرج عندهم – وهم كثر وللأسف- في الاصطفاف ضده و لي عنق الديمقراطية، وتشويه الأعراف الانتخابية من أجل إزاحته من مركز الصدارة ولو بقانون شارد …. وعليه، لا يمكننا كنساء مغربيات و سياسيات ، أن نبتهج لرفع تمثيلية النساء بالبرلمان ولا بالعمالات والأقاليم ، ولا أن نقايض هذا الكسب العددي بتلك الخسارة المسيئة للتنافس السياسي وللوطن والخادشة لآليات التنافس الديمقراطي السليم …فقضية التمثيلية النسائية ،لا يمكن أن نعزلها عن البناء الديمقراطي العام للوطن، فالحديث عن النوافل في غياب الفرائض لا جدوى منه في عرفنا… من هذا المنطلق ، بلغوا عنا كنساء، أن "السعي نحو المناصفة" ليس شعارا أجوفا إنما جنين يحتاج رحما يحتويه ، حتى لا تصيبه خدوش وهزات، فتجهضُه . ونحن نخشى على أجنتنا مستقبلا، تلوى فيه أعناقها على عتبات البغض والتنافس المحموم، والبلقنة المسمومة…. بلغوا عنا، اننا مناضلات ومناضلين برهانات كبرى وهواجس ثقيلة حبا في هذا الوطن. بلغوا عنا، أننا نشجب ان تقاس سَطوةُ ذلك الصندوق الشفاف ،وأن يُضرَبَ فعلُ التصويت الحر ، حرصا منا على أصوات الناس ، و شرعية الحديث باسم هؤلاء الناس…. فإلى من تؤول هذه الشرعية إن أفرغت العملية الانتخابية من مضمونها ، وحرفت أصوات الناس عن فلسفتها ؟….. كيف سنجمع شتات مجالسنا الجماعية مع كثرة المدبرين وتعدد الحساسيات السياسية ؟ وعليها نقيس بالتبعية مجلس حكومتنا ومجلسي برلمانينا …..؟ بلغوا عنا، أننا لا نهاب الانتخابات ، ولا نلهث نحو الصدارة الانتخابية …..بل إننا نهوى النزال الشريف والصدارة السياسية والتنافس بآليات ديمقراطية وحرة. بلغوا عنا أننا نطمح ان تكون كل الأحزاب حية، بمساحات نقاش حرة وجريئة…. وبتوجهات ومقاربات تصل حد التعارض أحيانا ، وفي هذا إشارة إلى أننا لسنا نسخا مكرورة وطبق الأصل … بل تجمعات بشرية حية بتفاعل قوي في بيئة حية لا محنطة ولا جامدة… .بلغوا عنا ، أننا انخرطنا عن قناعة في "حزب سياسي" و لا يُرهبنا ان يكون التاني او الثالث… بل الذي يرهبنا ويفزعنا حقا ، أن تضيعَ إمكانيات أن تمتلك البلاد مؤسسات قوية و ديمقراطية ، نزولا عند نوازع ذاتية لا تمتلك جرأة الإقناع … فهلا أخبرتوهم أن الوطن واحد، وأن مظلته تسعنا جميعا لنستظل بها. هلا أخبرتوهم أننا جميعا نساهم في كتابة تاريخ هذا الوطن الحبيب ، وأنها مهمة جسيمة جدا ، فلنَحرص على عدم الخروج عن النص ،وأن لا نكتب خارج مساحة الأعراف الديمقراطية الكونية . ختاما ولا ختام لتجديد النيات، والتشمير عن السواعد وإعمال الفكر النير … فداك وطني فعلى أرضك ما يستحق البذل، بلا منة عليك ولا على الله ….