إن المساواة القا7مة بين الأفراد والجماعة في منظومة المجتمعات البشرية بشکل عام والمغرب بشکل خاص، أدت إلي التراتبية الاجتماعية والصراع الطبقي، فاهتمام علماء الاجتماع بالتراتبية الاجتماعية جاء کحصيلة لما عرفته المجتمعات من تفاوتات اجتماعية. ويعتبر مفهوم "التراتب الاجتماعي" من بين المفاهيم التي حضيت باهتمام بالغ في الأدبيات السوسيولوجية، فالتراتبية الاجتماعية شبيهة بالسلم المتصاعد يتموقع فيه الأفراد حسب المکانة الممنوحة لهم داخل المجتمع، التي يحددها الرأسمال الاجتماعي کما أن للراسميل دورا مهما في هيکلة الفضاء الاجتماعي، أي أن المواقع الاجتماعية رهينة بحجم وبنية الراسميل، وتتحدد هذه العملية بعدة محددات (المال، السلطة، المکانة، وغيرها من المحددات…) فالفضاء الاجتماعي متدرج من خلال التوزيع الغير عادل للرساميل علي اعتبارات مواقع الأفراد في هذا السلم رهين بحجم وبنية رأسمالهمالاجتماعي، الأمر الذي يترتب عنه الصراع والهيمنة، فالمجتمع على حد تعبير بيير بورديو "مكون من طبقات اجتماعية متصارعة بغرض امتلاك الراسميل المختلفة"، أي أن الفضاء الاجتماعي متدرج من خلال التوزيع الغير عادل للراسميل. ومن بين تجليات التراتب الاجتماعي نجد المقابر أضحت كصورة تعکس أوضاع موتاها، خاصة الأوضاع الاجتماعية، فالأفراد بالرغم من وفاتهم إلا أنهم لا يزالون يحضون بنفس القيمة الممنوحة لهم في السابق. وهنا نطرح الس5ال التالي: کيف أصبحت المقابر مؤشر من مؤشرات التراتب الإجتماعي؟ وهل تنتهي هذه التراتبية بعد مفارقة الروح الجسد؟ أم تبقى وتستمر بشكل من الأشكال؟ وهل هناک اختلاف في الحياة بعالم الأموات؟ أم أن الأمر يتعلق باستمرار التراتبية الاجتماعية في العالم الاخر؟ للإجابة علي هذه الاس7لة أشير أولا إلي أن كل ما تحتويه المقابر من( نقوش ورموز…) يعد كمفتاح إلى کثير من التساؤلات التي من خلالها يمكن الإجابة على موضوع التراتب الاجتماعي. فهي تعبر عن الهيمنة والصراع الطبقي واستمرار التراتبية الاجتماعية حتي ما بعد الموت داخل عالم الأموات.وهنا أحيل إلى عبارة بدأ بها كارل ماركس بيانه الشيوعي"إن تاريخ كل مجتمع موجود إلى يومنا هذا هو تاريخ الصراع الطبقي". وکما هو معلوم أن عالم الموت أو الأموات هو عالم جديد، يبدأ بدفن الميت وهو عالم شبيه بعالم الأحياء يتم بطقوس ضرورية حتي يتسني للميت الانتقال من عالم الأحياء الي عالم الأموات الي جانب هذا تعتبر عملية الدفن وموضع القبر وشکله والمراسم والشعا7ر الخاصة بالدفن کلها عقا7د أساسية لعقا7د ما بعد الموت، وأنها تختلف تبعا لمواقع أصحابها فالأرواح حينما توضع في القبور وبعد انتقالهم لعالم الأموات هنا تستمر التراتبية الاجتماعية، هذا الأمر يمکن استخلاصه من خلال زيارة ميدانية للمقبرة، والوقوف على شکل المقابر وما تحتويه من رموز وزليج وزخرفات والنقش، حيث نجد أحيانا أنواع من الزخرفات التي يحضي بها الملوک وأبناء الطبقة الغنية، هذه الزخارف ليس هي نفسها التي يحضي به أبناء الطبقة الفقيرة، ناهيك عن وجود مجموعة من القبور(x) التي تعود لناس مجهولين (الطبقة المسحوقة) وهنا أستحضر قولة أحد الفقهاء "إن الموت يتساوي فيها الجميع". لکن ما أدرانا بان ه5لاء الموتي لايعيشون في ما بينهم حياة أخري شبيهة بالسابق تغلب الهيمنة فيها للوجود المستتر، فالقبور ما هي إلا مساکن للأموات يقطنون بنفس الطريقة القديمة کما أن للمدافن مجموعة من الأبعاد التي تفيدنا في استخلاص مسالة الصراع الطبقي الحاصل والتراتبية أوبالاحري قضية الحياة ما بعد الموت.