مما لا شك فيه أن الاتصال والتواصل هو عملية قديمة قدم التاريخ الإنساني ارتبطت في بدايتها بصلات الرحم والقرابة والصداقة المشتركة مقتصرتا على نطاق المجتمع الصغيرالمغلق نسبيا، لكن الحروب والغزوات والهجرات جعلت الناس أكثر اتصال بعضهم ببعض وبدأوا يختلطون بالأجانيب ويستمعون إلى آ رئهم ويتاترون بعاداتهم وتقاليدهم وبالرغم من ذلك بقية دائرة الإنسان الشخصية ضيقة. ومع بداية القرن العشرين وبزوغ الثورة التكنولوجية وظهور وسائل اعلامية جديدة كالتلفزة والصحافة والأنترنيت…قد تغير الوضع تماما وأصبح العالم بمثابة قرية صغيرة إذ لم يعد في الإمكان عزل الناس عقليا أو سيكولوجيا عن بعضهم البعض لأن ما يحدث في أيةبقعة ينشر في جميع بقع العالم إذا اتسعت تصوارت الفرد التقليدي القديم التي كانت تتسم بالبساطة وأصبح عليه أن يواكب ويجتهد حتى يفهم الأخبار التي تغمره بها وسائل الإعلام يوميا عن أحوال الأمم والشعوب الأخرى المختلفة الألوان والعقائد الثقافة وفتحت المجال واسعا لتدفق المعلومات وانسياب المعرفة إلى كل أنحاء العالم وقربت المسافة بين البشر وخلقت حضارة انسانية جديدة. فما علاقة الإعلام بالبناء الثقافي؟ لم يعد اقتناء بعض الأجهزة الإلكترونية وخاصة الهواتف الذكية من الكماليات أومظاهرا من مظاهر التحضر والحداثة عند البعض بل بلغ هذا التملك درجة الهوس إذ أصبح الهاتف الجوال بمثابة صديق لصيق لا يفارق مالكه في حله وترحاله من مكالمات رنات لا تنتهي، رسائل قصيرة لا يتوقف عن كتابتها وأرقام يقوم بتركيبها اعتباطيا لنسج علاقات جديدة خارج المحيط العائلي والصدقاتي. إن الانتشار المذهل لوسائل الإعلام الحديثة والمختلفة عملت على تقريب المتباعدين وابعاد المتقاربين عن بعضهم البعض وغير ذلك من الإدمان والعزلة الاجتماعية والتقليد الأعمى هذا كله يرجع إلى التأثير والأدلجة الإعلامية التي تشكل عنصر من عناصرالدراسة في التحليل السوسيولوجي وهذا العنصر هو المحطة النهائية لعملية الاتصال. دور التلفزة لا يقتصر دور التلفزيون فقط في التأثير المباشر على المشاهدين ولكن هذا التأثير يمتد إلى مجالات الإنتاج الثقافي الأخرى لقد تنبه بورديو في وقت مبكر إلى ضرورة خلق أشكال جديدة للحركة ونماذج فكريةوتنظيمية غير تقليدية حتى يمكن مواجهة المرحلة الجديدة التي وصلت إليها الرأسمالية العالمية في طبعتها النيولبيرالية والتي عرفت باسم العولمةإن مهمتها الأولى هي جذب الأنتباه نحو أحداث تتميز بأنها تهم كل الناس إنها بمثابةحافلة عامة يستلقيها كل الناس، الناس الدين وهبو أنفسهم جسديا وروحيا للتلفزيون كمصدر وحيد للمعلومات. إذ عملت على ترسيخ ثقافة تبادلية غير متكافئة ثقافة متقدمة تمتلك امكانيات واسعة وثقافات تقليدية لا تزال أدوتها الموروتة التاريخية هي دائما وبذلك يكون الحاصل غزوا واستثباعا ثقافيا بهذا تصبح ثقافة العولمة ثقافة اغتصاب عدواني رمزي على سائر الثقافات. تعترض الثقافات لمؤتمرات تدفق الرسائل والمعلومات والمفاهيم والقيم الجديدة التي تجوب العالم على مدار الساعة حاملة معها أبطالاورموزا تقتحم مخيلة المشاهد بدء برموزالفن والرياضة والأزياء والسينما وصوال إلى الأعمال والأطعمة وأنماط السلوك والمتريات اللغوية المتكررة " لقد حوحلت العولمةالإيديولوجية إلى فيديولوجي قائمة على أشرطة سمعية بصرية" فالفيديولوجيا أكثر ضبابية وأقل وتوقية هذا الإديولوجيات السياسية التقليدية لكنها مع هذا تنتج في زرع القيم الجديدة التي يحتاج إليها ازدهار الأسواق العالمية إنها ايديولوجيا تفرض على الشعوب اختيار مستقبال إما التقليدالأعمى للغرب الذي يقطعها عن ثقافتها الخاصة، أو ثورة التشبث بالهوية التي تفصل هذه الشعوب عن الحداثة ان هذا الإنزياح والإستسلام الروحي للادلجةالإعلاميةالتلفزيونية قد أثر في ثقافة المستهلكين وخاصة مجتمعات العالم الثالث، أثر في سلوكهم وممارستهم من انحلال أخلاقي.وتقليدالأعمى وجريمة ونظرا إلى الأهمية التي تتبوأها ثقافة الصورة والبث المتلفز الذي أضعف العمل بنظام المخاطبة الثقافية التقليدية عبر الكتب والصحف والمجلات، وصولا إلى المدارس والجامعات، فإن المشروع الثقافي الغربي قد أصبح في هذه الإمبراطورية السمعية-البصرية بما تملكه من نفوذ وامكانيات وسلطة تمكنها من تقديم مادتها الإعلامية للمتلقي في قالب مشوق يجدب الإنتباه عبر " تكنولوجيا الإثارة والتشويق" ويقارب عليه المتعلق التي يبلغ معهاويسهم بالتالي في اضعاف حاسة النقد للمتلقي الذي يجد نفسه في نهاية المطاف قابلا لتمويل وتقبل جميع القيم والمواقف السلوكية دون اعتراض عقلي أو مضاعفة نفسية. – مواقع التواصل اإلجتماعي إن دور مواقع التواصل الإجتماعي ال يختلف كثيرا عن دور التلفزة وباقي وسائل الإعلام الأخرى، تعمل جميعها على خلق ثقافة كونية. فمواقع التواصل الإجتماعي موجودة منذ 1997 مع سيطرت الفيسبوك على سوق الشبكات الإجتماعية. فإن مستخدمي الفيسبوك هم الأكثر تفاعلا 52 %يزورن موقع الفيسبوك يوميا في حين تقل النسبة كثيرا في المواقع الرائجة الأخرى مثال تويتر 33 %وماي سبيس 12 %يزور المستخدم المتوسط للفيسبوك على الهواتف الذكية صفحته على الموقع بواقع أربع عشرة مرة في اليوم. فبتنا نشاهد لا من داخل المدارس ولا الجامعات ولا كذلك في الشا ع بصفة عامة أينما ذهبت وارتحلت الإستخدام المفرط والإستعمال اليومي والدائم لمواقع التواصل الاجتماعي، و لعلى هذا وثيق الصلة بمسألة التدني الدراسي وعدم القراءة والإنطوائية وعدم التفاعل وخلق نقاشات لا من داخلا الأسرة ولا كذلك من داخل التجمعات الصدقاتية.لقد سيطرت على حياتنا اليومية من خلال فرض قواعد اجتماعية جديدة وآداب يجب علينا الإلتزام بها، لقد قامت في الأساس بتحويلها الى كثل عبثية عصابية مصابة بجنون العظمة، تخاف من التواصل البشري الحقيقي وفقا لأحد التقديرات سنة 1987 كنا نقضي في المتوسط ست ساعات يوميا من التفاعل الإجتماعي وجها لوجه وأربع ساعات في التواصل عبر وسائل الإعلام الإلكترونية وفي عام 2007 ،انقلبت تلك حيث تقضي ما يقارب ثماني ساعات يوميا في التواصل الإجتماعي عبر وسائل الإعلام الإلكترونية وساعتين ونصف الساعة في التفاعل الإجتماعي لذلك فإن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة يكون لهم ارتباط كبير بالشبكات الإجتماعية مما يشير إلى أن الأكثر شعورا بالعزلة هم من يستخدمون هذا الموقع للتعويض عن عدم وجود علاقات خارج اطار الأنترنيت الذي يخلق علاقات وهمية ترسخ الثقافةالأنطوائية والعزلة الإجتماعية لدى الأفراد.وعلى سبيل المثال فإن عالم المستقيليات رينشادرد واتسون لديه تحفظ عن الأمر "أعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية للرواج الكبير لموقع الفيسبوك وتويتر هو أننا نشعر بالوحدة إنها تعمل على تكريس ثقافة كونية يتم من خلالها تبادل أساليب الحياة وانماط الإستهالك وغيرها من أشكال التعبير الثقافي وتدفق الرموز الثقافة كونيا، لتؤثر في الخيالات والخرائط والمخططات الإجتماعية والمعرفية والأخلاقية للبشر عالميا، كما صار للتدفقات الكونية من أفكار وصور وثقافات وأنماط السلوك ومعتقدات…. وقع وأثر كبير من الناحيةالسوسيولوجية والسيكولوجية في جيل الشباب خاصة في مجتمعات العالم الثالث. نظرا لما تشكله وسائل الإعلام من أهمية كبيرة في نقل الأخبارالمتعددة ونشرها جاءت كل المقاربات والأبحاث في هذا المجال لتبين أهمية الإعلام ودوره في العصر الحالي، حيث تظهر أهميتها النسبية لدى الفرد في تلقي المعلومات أي أن مقدار تأثير الإعلام في الناس يتوقف على الدرجة التي يعتمدون على المعلومات التي تقدمها تلك الوسائل، فكلما أشبع الفرد حاجاته من وسائل الإعلام أصبحت هذه الوسائل تشكل دورا مهما في حياته ومن تم يكون لها أثر كبير عليه وبالتالي فإن ازدياد الأشخاص الذين يعتمدون على وسائل الإعلام يزيد من تأثيرها العام عليهم ودورها في المجتمع يصبح أساسيا بشكل أكبر وبالتالي توجد عالقة مباشرة بين مقدار الإعتماد على وسائل الإعلام وبين درجة تأثير هذه الوسائل وأهميتها في فترة معينة.وتزداد قدرة وسائل الإعلام على التأثير في الأفراد كلما قامت هذه الوسائل بوظيفة نقل المعلومات بشكل مميز ودقيق ومنظم.وتحدد مجالات التأثير في الأمور الأتية: التأثير المعرفي: وهذا التأثير يتعلق بدور الإعلام في إزالة الغموض الناتج عن افتقادالمعلومات الكافية لتصور الأحداث وفهمهما والتأثير بالجمهور بحسب أهمية القضايا التي يتم نشرها. التأثير الوجداني: في هذا الجانب نركز على الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام من محاكات لمشاعر الجمهور وأحاسيسهم، مثل زيادة الخوف تجاه العنف. -التأثيرات السلوكية: تتمثل هذه التأثيرات في الحركة أو الفعل الذي يظهر في سلوك علني وتكون هذه التأثيرات ناتجة عن التأثيرات المعرفية والتأثيرات الوجدانية. ويختلف الأشخاص من حيث اعتمادهم على وسائل الإعلام، فمثال نجد أن المهتمين يمتلون رقابة أكثر على وسائل الإعلام، وهي في نفس الوقت أكثر امكانية للوصول إلى وسائل الإعلام المختلفة وبالتالي فهم أكثر احتمالا ليعتمدوا على مصادر أخرى وقنوات بديلة أكثر خبرة في المعلومات وذلك بسبب اهتمامهم بمصادر المعلومات ومصداقيتها بشكل كبير، أما غير النخبة فسوف يزيد اعتمادهم على وسائل الإعلام وعلى مصادر متواضعة للحصول على المعلومات لأن رغبتهم تتوقف على الحصول على المعلومة بطريقة سهلة دون الإهتمام بصدقها.ويمكن تحديه الطرق المختلفة التي تترك بها وسائل الإعلام أثارها على المجتمع والرأي العام وهي: -1 تمكين الأشخاص من الإحاطة بما يجري في العالم بشكل عام من خلال أسلوب التعلم. 2- تحديد القضايا والأحداث السياسية المهمة أو مشكل الساعة من خلال أسلوب ترتيب الأحداث. 3-لعب دور تأثيري في تحديد الأشخاص الذين يلعبون دور مهما على الأصعدة السياسية والإقتصادية وغيرها من خلال السواطيع والأحداث التي توردها الأخبار وذلك من خلال تحديد المسؤو ليات. 4-اعتماد أسلوب التأثير على الخيارات والميول السياسية للناس من خلال الإقناع. ولا يمكن لوسائل الإعلام أن تتغاضى عن وجود جمهور له رأي حول الموضوعات أو القضايا الواردة في الخبر السياسي، إذ تحاول وسائل الإعلام التأثير في الملتقى باتباع الأمور الأتية استخدام الكلمات أو الصفات السلبية لوصف المواقف للدول أو الألشخاص الدين يراد للمشاهدين أن يتخذوا منهم موقفا سلبيا واستخدام الكلمات أو الصفات الإيجابية لوصف المواقف للدول أو الأشخاص الدين يراد للمشاهدين أن يتخذوا منهم موقفا ايجابيا. استعمال الشهود وأصحاب الخبرة في المادة الإعلامية المطروحة على سبيل المثال يقال بأن الخبراء من البنك الدولي أطلعو ا على خطط التنمية في الدول وأشادوا بها. الإيحاء بأن جميع الناس أو أغلبيتهم يؤيدون وجهة نظر معينة من قبل وسيلة اعلام محددة. ربط وجهة النظر في القضايا المطروحة مع بعض الاتجاهات القوية مثل الاتجاهات الوطنية والدينية من أجل دعمها بشكل قوي. وبالتالي فإن العلاقة بين وسائل الإعلام والجمهور المشاهد لها في اطار النظام الأجتماعي السائد حيث يعتمد الجمهور على وسائل الإعلام كنظام من ناحية لفهم نظام آخر في محيطهم من ناحية ثانية وبذلك تعد وسائل الإعلام مصدر أساسيا يعتمد عليه الجمهور في الحصول على المعلومات وتزداد درجة الإعتماد بتزايد تعرض المجتمع لحالة من عدم الإستقرار والتحول الديمقراطي والصراع على النفوذ والسلطة مما يدفع أفراد المجتمع للبحث عن المزيد للمعلومات من وسائل الإعلام لفهم ما يدور حولهم، ويمكن تلخيص الفكرة الأساسية على أن قدرة الإعلام بوسائله على تحقيق قدر أكبر من التأثير المعرفي والعاطفي والسلوكي، سوف يزيد من قوته في حالة تواجد عدم استقرار في المجتمع بسبب الصراع والتغير الدائم بالإضافة إلى ذلك فإن فكرة تغيير سلوك الجمهور ومعارفه ووجدانه يمكن أن يصبح تأثيرا ضروريا لتغير كل من المجتمع ووسائل الإتصال وهذا سيوضح بشكل كبير العلاقة الثالثية بين وسائل الإتصال والجمهور والمجتمع. إذ أن ما تحتويه وسائل الإعلام من برامج قناة البث الفضائية والأنترنيت والعمل من خلالها على زرع قيم ثقافية تشجع عليها من خلال تقديم نماذج للحياة المترفة جدا في الغرب وأساليب الدعاية واإلعالن المتطور واستعمال أحدث الأجهزة وتسخيرالتكنولوجيا والصناعة في خدمة الإنسان وما فيها من مظاهر الحداثة التي تقدمها تضع الفرد بين موقف مقارنة بين واقعه الذي يعيشه وما يراه من نماذج للحياة المتطورة في الغرب مما يجعله في حالةصراع نفسي أولا وفي حالة صراع مع أسرته التي ينتمي إليها مما تتكون لدى هؤلاء الأفراد اضطرابات نفسية وسلوكية كثيرة ومتنوعة، مما ينتج عن هذه الإضطرابات قطع بعض علاقات الإتصال مع أفراد الأسرة والأضرار بعملية التنشئة الأسرية التي تعد مقوم أساسي للنهوض بالأسرة وغرس مقوماتها الثقافية والأجتماعية من تم تتكون نزعة فردية لدى هؤلاء الأشخاص التي يمكن القول أن هذه النزعة الفردية ناتجة عن حالة الاغتراب التي خلقتها وسائل الإتصال الحديثة والتي تعمد إلى تشكيل ما يسمى بالثقافة الكونية التي توفر كل مستلزمات العيش السعيد والرفاهية فيشعرون الأفراد أنهم يبحرون في هذا العالم المليء بالطموح وشديد الألتصاق به وقريبون منه، فما يتكون هذا الحلم حتى يجدوا هوة واسعة لايمكن ردمها تفصل بينهم وبين هذا العالم فيجدوا الأفراد صعوبة في الوصول إليه لمحدودية.توفر مستلزمات هذا الطموح الأمر الذي قد يدفع الأفراد إلى اتباع سلوكيات غير مشروعة ومنحرفة للوصول إلى تحقيق هذا الطموح، فيعيشون مغتربين عن أنفسهم وأسرهم التي نشؤ فيها، كذلك عن وسائل الإتصال لا سيما قنوات البث الفضائي و الأنترنيت قد خلقت مشاكل اجتماعية نتيجة الإستخدام السيء لهذه الوسائل من التفكك والتعثر في البناء الثقافي. وتستمر وسائل الإتصال في تأدية الدور الكبير في حياتها عامة فبعضها ينظر إليها نظرة حدر لأنه يدرك خطورة هذه الأجهزة ويشعرون بالقلق الدائم. مادامت وسائل الاتصال الحديثة بدراعيها )البث الفضائي والأنترنيت( مما تسقطه يوميا عبر برامجها من مؤتمرات تناقض تجعل القدرة على غرس قيم الثقافة والأخلاق السليمة في نفوس الأفراد شبه مستحيلة. ذلك أن بناء المجتمع وتوابته الثقافية معرض دائما للتغير بفعل وسائل الإعلام الحديثة، فتتغير العلاقات ما بين الأسرة أو تفقد وظائف كثيرة لأفراد الأسرة وتصبح لكل فرد طموحاته وأ هدافه الخاصة به مما يؤدي إلى تغيير شكل الأسرة من أسر ذات أواصر متماسكة إلى أسر تعاني من تفكك اجتماعي فتكون حينئذ مغتربة فاقدة لكل أو صالها وترابطاتها كذلك عن هذه الأثار تنعكس على الأطفال والشباب أيضا من خلال حدوث خلل في مسيرة حياتهم، منها التسرب من المقاعد الدراسية أو اهمال واجباتهم المدرسية وتغير سلوكهم إلى سلوك مقتبس وكذلك طريقة اللباس والحلاقة.. من مشاهدتهم المستمرة لقنوات البث الفضائي. وخلاصة القول عن وسائل الإتصال الحديثة ومن ضمنها التلفزة ومواقع التواصل الإجتماعي تعد إحدى العوامل الرئيسية في حدوث التغير الثقافي والإجتماعي، بيد أن هذه الوسائل فقد تكون سالحا يقطع دابر المعتقدات وعناصر التراث الشعبي، كما أنه في الوقت نفسه تدعم التراث السائد وتحث على التمسك به، لذا إننا نقف عند نقطة معينة و نقول، عن وسائل الإتصال والإعلام الحديثة لا يمكن أن تفعل فعلها المؤثر في البناء الثقافي لدى المجتمع وتغير بنائه ووظائفه إلى الأسوأ لو كان هناك استعمال ملائم ومناسب لها. فالمسألة باتت تتعلق بكيفية تصرف الفرد المستخدم لهذه الوسيلة، فهي عبارة عن جماد ليست لها القدرة على خيارات الأفراد واجبارهم على فعل معين، وإنما الأفراد هم من يتحكمون بها ويريدونها، إذن الأمربات مرهونا بتصرفاتنا بوصفنا أفراد فمن تعامل معها بشكل سلبي من خلال تقبله لكل شيء سلبي فيها دون فحصه وأخذ الحيطة منه حتى لا يؤثر فيه، ومن كانت له عين فاحصة يميز فيها بين الغت والسمين وفي وسائل الإتصال الحديثة ليفحص منها ما هو ضار وما هو نافع. لذا إن كيفية تعاملنا مع هذه الوسائل هي التي تحدد طبيعة ثقافتنا هل هي ثقافة ذات طبيعة أصلية تقوم على تواثب متجذرة في ثقافتنا السالمية وتكون قائمة على التسامح والحياء والتكافل الإجتماعي والتضامن….؟ أم هي ثقافة قائمة على التقليد الأعمى الأخر؟ فالأجابة على السؤالين تبقى مرتبطة على طبيعة وطريقة استعمال الافراد لهذه الوسائل وكذلك اختيارهم للبرامج الضارة أو النافعة. الهوامش عبد اإلله بلقزيز، في البدء كانت الثقافة نحو وعي عربي متجدد بالمسألة الثقافية، بيروت، الدارالبيضاء، افريقيا الشرق، 1998 ،ص 121. تغير العقل، سوزان غرينفيلد، ترجمة ايهاب عبد الرحيم علي، عالم المعرفة، ص 116. أبو اصبع صالح، قضايا اعالمية، عمان، دار المجدالوي، للنشر 2005 ،ص 56. – بيير بورديو، التلفزيون وآليات التالعب بالعقول، ترجمة درويس الحلوجي، دار كنعان للنشر، 2004 ،ص 12.