لا فرق بين من يدعون إلى حق الصحراويين المغاربة في تقرير مصيرهم، ومن يناصر القبائليين الجزائريين في مطالبتهم بتقرير مصيرهم، فكلا الفريقين يضر بقضية وحدتنا الترابية. الفرق أن المطالبين بحق تقرير مصير "الشعب الصحراوي" كما يسمونه، ينطلقون من قناعة يؤمن بها كل ماركسيِّي العالم، ويبنون مواقفهم على أرضية فكرية، بينما الداعون إلى مساعدة القبائليين على الإنفصال عن الدولة الجزائرية، على اعتبار أن القضية القبائلية ورقة سياسية يمكن للمغرب أن يساوم بها من أجل ربح قضيته الوطنيه، هم مجرد مجموعة قصيري النظر، عديمي الحكمة، تعوزهم القدرة الفكرية والسياسية على فهم طبيعة الصراع القائم حول الصحراء، وعلى إبداع الحلول السياسية لربح المعركة. أما الفريق الأول، ويمثله الماركسيون المغاربة، الممثل بحزب النهج الديمقراطي المغربي، من خلال بيانه الأخير حول التدخل المغربي بالكركرات، فيجب مناقشتهم فكريا في موضوع "حق الشعوب في تقرير مصيرها" الذي يعني الإنفصال عن الدولة الأم، ومقارعة الحجة بالحجة، لا بالتخوين ومصادرة الرأي، إذ لا يمكن أن ننفي عنهم انتماءهم للوطن، كما أننا سنناقض أهم مبدأ من مبادئ الديمقراطية التي ما فتئنا نناضل من أجلها، وهو حرية التعبير التي تعد إحدى ركائزها. أما الفريق الثاني، وهم مجموعة من المغاربة، لا نشك في وطنيتهم ودفاعهم المستميت عن وحدة وطنهم الترابية، فهؤلاء عاطفيون اندفاعيون، لا نصادر ما يدعون إليه، لكن نقول لهم: عودوا إلى مؤسساتكم الحزبية كي تعرفوا مواقفها، أوحاولوا قدر المستطاع أن تقرؤوا شيئا حول موضوع "الدولة"، أو خذوا الرأي من أهله، وإلا فارحمونا بصمتكم، لأن ما تدعون إليه خطير جدا. المغرب في صحرائه يمارس كل سلطاته، وجل دول العالم تعترف بمغربية الصحراء، ولا يحتاج إلى تغيير مبادئه التي عُرف بها بين جيرانه ودول العالم، والمتمثلة في حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والإيمان الراسخ بوحدة دول المغرب العربي. إن وحدة الموقف السياسي الوطني حول موضوع نزاع الصحراء، ونهج سياسة حكيمة في تدبير الصراع مع الجزائر، أساسيان لإفشال وهزم مخططات أعداء وحدتنا الترابية. الصحراء مغربية