إصابة 20 إسرائيليا في تل أبيب جراء سقوط صاروخ أطلق من اليمن    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني        طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    بوزوق ينفصل عن الرجاء بالتراضي    إعادة تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. مفاهيم مؤسسة وسردية تاريخية    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    العازف سفيان بامارت.. حين تلتقي الأناقة بالعاطفة في تناغم موسيقي فريد    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    وليد كبير: النظام الجزائري يفشل في عرقلة التقارب المغربي-الموريتاني    11 قتيلا وعشرات المصابين بحادث دهس في سوق لعيد الميلاد بألمانيا    النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية عزز ورش الجهوية المتقدمة في هذه الربوع من المملكة (الخطاط ينجا)    11 قتيلا وعشرات المصابين بحادث دهس في سوق لعيد الميلاد بألمانيا    الشعب الجزائري يثور تحت شعار #مانيش_راضي.. دعوة لإسقاط نظام العسكر واستعادة كرامة الجزائريين    وقفات تضامنية بعدد من المدن المغربية تطالب بوقف التطبيع    أشرف حكيمي ينال ثاني أفضل تنقيط في الليغ 1    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    جلالة الملك يستقبل رئيس جمهورية موريتانيا بالقصر الملكي بالدار البيضاء    ندوة حقوقية بالعرائش تسلط الضوء على تقييد حرية التعبير وملاحقة الصحفيين قضائيًا    واشنطن تلغي مكافأة اعتقال الشرع    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    زينب أسامة تطلق أغنيتها الجديدة "حدك هنا"...    توقعات احوال الطقس ليوم السبت.. أمطار ضعيفة بالواحهة المتوسطية    تساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800م يومي السبت والأحد    الملك محمد السادس يهنئ أمير دولة الكويت بمناسبة الذكرى الأولى لتوليه مسند إمارة دولة الكويت    أخنوش يُشرف على توقيع اتفاقية لتطوير المحطة السياحية "موكادور" بالصويرة    دفاع بعيوي ينتقد محاضر الضابطة القضائية .. ومحامي الناصري يثير تقادم التهم    الدار البيضاء: جلسة تحقيق تفصيلية في قضية اغتصاب مثيرة للجدل        نيويورك: الجمعية العامة الأممية تتبنى القرار المغربي بشأن السياحة المستدامة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    نيويورك: توجيه لوائح اتهام ل3 تجار مخدرات دوليين اعتقلتهم الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمغرب في أبريل الماضي    الأسود ينهون 2024 في المركز الأول قاريا وعربيا و14 عالميا    النفط يتراجع مدفوعا بمخاوف بشأن الطلب وقوة الدولار    التامني: بعد المحروقات والأوكسجين جاء الدور على الماء ليستولي عليه أخنوش    تطوان: معهد سرفانتس الإسباني يُبرز تاريخه ويعزز جمالية المدينة    هَنيئاً لِمَنْ دفَّأتْهُ الحُرُوبُ بِأشْلائِنَا!    التافه حين يصير رئيسًا: ملهاة مدينة في قبضة .. !    رئيس الإئتلاف الوطني من أجل اللغة المغربية ل " رسالة 24 ": التحدي السياسي هو أكبر تحدي يواجه اللغة العربية    مجلة دار النيابة تعود إلى الأكشاك بحلة جديدة بعد 40 سنة من إطلاقها    التجارة بين المغرب وإفريقيا تكشف إمكانات غير مستغلّة بالكامل    الملك: لا ينبغي على الجهات إغفال المخاطر والأزمات لأنها قد تواجه جملة من التهديدات المتنامية    ريكاردو سابينتو يلوح بالرحيل: ظروف الرجاء لا تسمح بالاستمرار    بعد المصادقة عليه.. صدور قانون مالية 2025 بالجريدة الرسمية    7250 سوريا عادوا إلى بلدهم عبر الحدود الأردنية منذ سقوط الأسد    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    السينغالي مباي نيانغ يعلن رحيله عن الوداد ويودع مكونات الفريق برسالة مؤثرة    رابطة الدوريات ترفض تقليص عدد الأندية    كأس الرابطة الانجليزية.. توتنهام يتأهل لنصف النهاية على حساب مانشستر يونايتد    تسجيل وفيات بجهة الشمال بسبب "بوحمرون"    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    أرخص بنسبة 50 بالمائة.. إطلاق أول دواء مغربي لمعالجة الصرع باستخدام القنب الطبي    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليسار العربي وقضية الصحراء

حوار هادئ وصريح مع السيدة مكارم إبراهيم حول الصحراء المغربية
مقدمة: إن النتيجة التي يخلص إليها كل مهتم واكب بصورة مستمرة، ومتواصلة، الأحداث التي هزت كيان الصحراء المغربية مند انفجار الأوضاع بها ابتداء من يوم 26 فبراير 1976 ( تاريخ خروج اسبانيا من الصحراء) هي الانحياز الشبه الكامل لليسار القومي العربي لأطروحة الانفصال ، سواء كانت دول ومنظمات سياسية يسارية ( ليبيا القدافي، الجزائر، اليمن الجنوبية سابقا، سوريا، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إلى الأمام، 23 مارس وغيرها من الدول والمنظمات) أو كانت شخصيات فكرية، أكاديمية وإعلامية.. الخ. ومع افتراض الأمانة في مثل هذا الموقف، وبالتالي فإنه يعبر بالفعل عن قضية شعب يعيش تحت نيل الاستعمار الرجعي المتحالف مع الامبريالية حسب منطق وتحليل اليسار العربي " الملتزم " بمبدأ تقرير المصير، فإن هذا الموقف ذاتي خالص تنقصه العلمية والموضوعية ويكشف عن ذاتية فارعة من أي مضمون معرفي، تاريخي، قانوني، جغرافي وبشري لقضية الصحراء. وهو موقف نرجسي لا يري فيه أصحابه ابعد من مصالحهم الذاتية الضيقة - الاقتصادية والإيديولوجية- ولو كان ذلك على حساب المبادئ والقيم التي يتحدثون بها أمام الجماهير. وحينما نقول هذا الكلام، فإننا نستحضر في هذا السياق موقف اليسار العربي عموما، وموقف اليسار الماركسي اللينيني خصوصا، من قضايا إنسانية وحقوقية مماثلة تجرى تفاصيلها وأحداثها فيما يسمى تعسفى بالوطن العربي، ومنها موقفه من الشعبين الأمازيغي والكردي على سبيل المثال ، حيث أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: إذا كان اليساريون العرب يؤيدون فكرة انفصال الصحراويين انطلاقا من مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، فلماذا لا يؤيدون – انطلاقا من نفس المبدأ والمرجعية - حق الشعب الكردي في الانفصال والاستقلال على سبيل المثال وليس الحصر؟
يتطلب فهم أسس الصراع حول الصحراء كشف واستيعاب موقف اليسار العربي عامة، واليسار الماركسي اللينيني خاصة، وهو الموقف الذي تحكمت فيه – أساسا - ظروف وسياقات المرحلة التي عرفت بروز قضية الصحراء على واجهة الأحداث ، سواء على المستوى الوطني والإقليمي، أو على مستوى الدولي، وتحديدا بعد هزيمة اليسار العربي في حربه مع إسرائيل سنة 1967 بقيادة مصر الناصرية. ومن جانب آخر، لا يمكن التغاضي كذلك عن الموقف المتخاذل للنظام المغربي العروبي( بالمعنى الفكري والإيديولوجي وليس العرقي) وأعوانه من أحزاب ما يسمى بالحركة الوطنية تجاه الموضوع( الصحراء)، فلو لا أخطاء النظام وأعوانه لم كانت القضية وصلت إلى هذا الحد وأخذت هذا المسار المدمر.(1) حول هذا الموضوع يحكي محمد بنسعيد أيث يدر – احد أعضاء جيش التحرير بالجنوب المغربي – أنه " بعد اعتراف الحكومة الاسبانية باستقلال طرفاية ، قدمت قيادة المقاومة وجيش التحرير مشروعا متكاملا إلى الملك محمد الخامس لإدماجها داخل التراب الوطني من خلال تعيين عامل عليها واتخاذها منطلقا لتحرير باقي المناطق الصحراوية ولكن هذه المقترحات لم تجد طريقها للتطبيق .."، بل يضيف قائلا " بل فؤجئنا بتحركات مريبة للقوات المسلحة الملكية، وقيام فرق منها بمحاصرتنا في طرفاية، فضلا عن الإشاعات التي نشرها ضدنا ضباط كبار في الجيش .." . أما حول دور المخزن في تعميق الأزمة الصحراوية فيقول المتحدث " فعلا، الدولة لم تكن جادة حينها، فولى العهد ( المقصود هنا هو الحسن الثاني التوضيح من عندنا) كان مشغولا أكثر بتصفية جيش التحرير والقضاء علينا. فقطع علينا الإمكانيات المادية ..".( انظر حوار مجلة " زمان" المتخصصة في التاريخ مع محمد بنسعيد أيث يدر - العدد 15 –ص 31 )
لكن رغم هذا – سنفتح القوس- ونقول: كون أن الطبقة الحاكمة في المغرب ( المخزن وأعوانه السياسيين والاقتصاديين/ البورجوازيين) هي طبقة رجعية متحالفة مع الامبريالية ضد مصالح الشعب المغربي كما يبرر أنصار الانفصال موقفهم من الصحراء إيديولوجيا ، لا يعطي الحق في الانفصال ومناهضة قضايا الوطن، فالوطن شيء والنظام الحاكم شيء آخر. وبعد كل هذا، دعونا نكون صرحاء وموضوعيين فيما بيننا ، ونحن بصدد الحديث عن طبيعة الأنظمة العربية ، حيث أن السؤال المطروح هنا هو : ماذا قدمت الأنظمة الاشتراكية التقدمية لمواطنها غير الشعارات الفضفاضة ؟ فعلى سبيل المثال فقط: ماذا قدم النظام " الاشتراكي التقدمي" في الجزائر للمواطن الجزائري المقهور على كافة المستويات؟ وهذا السؤال يحيلنا بدوره إلى سؤال آخر لا يقل أهمية عن سابقه: هل هناك فرق بين النظام الجزائري " الاشتراكي التقدمي" حسب ادعائه والنظام الملكي الرجعي بالمغرب؟ وإذا أردنا أن نكون صرحاء في الإجابة، نقول وبدون تردد: أن النظام المغربي الرجعي الاستبدادي أفضل بكثير من النظام الجزائري على جميع المستويات رغم التفاوت الهائل في الإمكانيات المادية للبلدين، خاصة على المستوى الديمقراطي والتنموي. أما إذا نظرنا كذلك إلى ما قدمه النظام الاشتراكي الجمهوري بليبيا في عهد القذافي مع ما قدمه النظام الملكي الاستبدادي بالمعرب فليس هناك مجالا للمقارنة نهائيا، هل يمكن مقارنة (مثلا) النظام الملكي الديمقراطي بالسويد(أو هولندا أو الدنمارك.. الخ) مع النظام الملكي الاستبدادي بالمغرب؟ إذا كان الجواب بلا؛ أي : أنه غير ممكن موضوعيا اجراء مقارنة بين النظام المغربي والأنظمة الملكية في السويد والدنمارك وهولندا وغيرها من الأنظمة الملكية في أوربا، فكذالك الأمر فيما يخص مقارنة المغرب مع ليبيا في عهد القدافي، علما أن هذه الأخيرة كانت في نهاية السبعينيات من القرن الماضي واحدة من أغنى دول العالم، وبالتالي كان بإمكانها أن تحقق جميع الشعارات والأهداف التي كانت تنادى بها لو توفرت الإرادة والعزيمة السياسية لقادتها " الاشتراكيين". وعلى ضوء هذه المعطيات الموضوعية التي لا يمكن لنا تجاوزها مهما سعينا إلى ذلك ؛ وعلى رأسها أن النظام الملكي الرجعي في المغرب أكثر ديمقراطية وانفتاحا من الأنظمة الجماهيرية " التقدمية " فيما يسمى بالوطن العربي، خاصة في محيطه الجغرافي ( شمال أفريقيا) ، وبالتالي، علينا في هذه الحالة البحث في مكامن الخلل خارج موضوع الأنظمة وطبيعتها السياسية ؟ فلا ندري أين يكمن الخلل بالضبط ؟ هل يكمن في طبيعة الأنظمة نفسها أم في البنية الفكرية للعرب المسلمين أم في أمور أخرى لا نعرفها ؟
فمن خلال تتبع مواقف اليسار العربي من الصحراء، وعلى امتداد سنوات النزاع المفتعل بهذه المنطقة الأمازيغية المغربية، وانطلاقا من الأسلوب الذي ينهجه(= اليسار) في تغطيته ومعالجته للقضية، يتبين لنا أنه لا يكتفي فقط بتقديم الدعم المالي والسياسي والإعلامي والعسكري لما يسمى بجبهة البوليساريو، بل يلعب دورا أساسيا، وخطيرا، في تزييف وتشويه الحقائق التي لها ارتباط مباشر بالصحراء أولا، وبأسباب الصراع ثانيا. ومن الحقائق التي يستهدفها اليسار العربي في تعاطيه السلبي مع هذه القضية مسألتين أساسيتين:
• المسالة الأولى: هي تغييب المكون الأمازيغي من دائرة الصراع ( وهذا ما فعله أيضا النظام المغربي إلى حدود التعديل الدستوري الأخير 2011) ، حيث يحاول إلغاء الهوية الأمازيغية التاريخية للصحراويين واستبدالها بالهوية العربية الوافدة على المنطقة نتيجة الغزو العربي الإسلامي لشمال أفريقيا مع نهاية القرن السابع الميلادي.
• المسألة الثانية: هي تحويل الصراع من طابعه التاريخي والقانوني والاقتصادي إلى طابع حقوقي( تقرير المصير) وإيديولوجي بامتياز، كما سنوضح ذلك في ثنايا هذه المقالة التي نريدها أن تكن بداية لحوار ديمقراطي مفتوح مع السيدة مكارم إبراهيم( كاتبة عراقية) وغيرها من المثقفين الراغبين في ذلك، لاعتقادنا أن تغيب الجانب المعرفي والتاريخي والاقتصادي من جدول الصراع له انعكاسات سلبية خطيرة حول الصراع المفتعل بالصحراء، وبالتالي حول أمكانية الحل السلمي الديمقراطي للقضية.
وقبل الانتقال إلى طرح ومناقشة تفاصيل هذه المقالة نقول ونؤكد: إننا لسنا بصدد محاكمة موقف اليسار العربي من الصحراء، حيث إذا كان يجب علينا القيام بهذا النوع من الكتابة، فيجب علينا أولا محاكمة النظام المغربي الذي لعب دورا رئيسيا في بروز فكرة الانفصال لدى المؤسسين الأوائل لجبهة البوليساريو عبر ارتكابه لأخطاء قاتلة ( انظر هذه الأخطاء ضمن قائمة الهوامش أسفله)، قبل محاكمة أي طرف آخر، ومن ثم فإننا لا نسعى إلى محاكمة موقف السيدة مكارم إبراهيم من الصحراء، بل كل ما نريده ونسعى إلى إبرازه هو تنبيه السيدة مكارم وغيرها من المهتمين بالموضوع ببعض المغالطات والأكاذيب الرائجة بهذا الخصوص، حيث كثيرا ما أثيرت حوله الشبهات نظرا لطابعه الإيديولوجي، وبعض المخاوف منه، ولكنها في الحقيقة لا أساس لها من الصحة حسب تقديرنا وتصورنا، وبالتالي فنحن لا نريد من السيدة مكارم ( ولا من أي احد آخر) التنازل عن موقفها المؤيد لفكرة وأطروحة الانفصال، وإنما نريد منها أن تقدم لنا فقط موقف علمي وليس إيديولوجي حتى يتسن لنا معرفة جوهر الخلاف والصراع القائم حول الصحراء.
فالأستاذة مكارم (وغيرها من المثقفين اليساريين ) تؤكد في تحليلها للموضوع على فكرة أساسية وهي: مبدأ تقرير المصير (كمبدأ حقوقي)، وبالتالي فموقفها يخضع لهذا المبدأ الإنساني النبيل إذا كان في مكانه ومحله ولا يتم تأويله وفق المصالح والأهداف الإيديولوجية للأنظمة الإقليمية وأدواتها الدعائية، ومنها المثقفين . قلنا أن السيدة مكارم تنطلق من هذا المبدأ في تحديد موقفها، لكن، دون أن تحدد لنا سياقات أقرار هذا المبدأ وأهدافه، أو بصيغة أخرى، هل وضع هذا المبدأ من أجل تحرير الأمم من نير الاستعمار أم من أجل القبائل والعشائر ..الخ؟ وبالتالي من يحق له استعمال هذا المبدأ؟ إذا كان الأمر يتعلق بالأمة فمتى كان الصحراويين أمة قائمة الذات بالشكل الذي يتم تقديمه الآن؟
ومن أجل تقديم ما أسلفنا قوله، نقدم - بكل احترام وتقدير - بعض الملاحظات والأسئلة بشأن موقف الأستاذة مكارم من الصحراء، وهو الموقف الذي يبدو لي أنه غير موضوعي بالمرة لعدة اعتبارات سنتناولها بعد قليل، ومن أجل هذا كله، أقول للأستاذة مكارم بعد التحية ما يلي:

أولا: ملاحظات منهجية:
بعد مطالعتي لمقالك الأخير" الصحراء الغربية ليست قضية وهمية ولا مصطنعة" ، المنشور في جريدة الحوار المتمدن (العدد 4576)، الذي مهد لي الطريق للاطلاع على باقي كتاباتك بخصوص النزاع حول الصحراء المغربية أو الغربية كما تفضلين تسميتها. وهو الأمر الذي قادني كذلك للاطلاع على ردودك وتعليقاتك التي لا تخلو من الاستفزاز والاستهزاء من جهة، والاستعلاء من جهة ثانية. فعلى سبيل المثال فقط، لا أجد شخصيا أية علاقة بين موضوع الفقر و"انتشار" السياحة الجنسية بالمغرب - وفق كلامك - وبين موضوع الصحراء؟ فلا ادري يا سيدتي كيف تتجرئين على القول أن المغربيات يبعن أنفسهن مقابل وجبة غداء ( ..) وأنت امرأة أولا، وصاحبة رأي ثانيا، وناشطة حقوقية ثالثا؟ فما علاقة هذا بذاك؟ لنفترض، جدلا، أن كلامك هذا صحيح، فماذا بعد؟ فهل الفقر والدعارة ظاهرتين خاصتين بالمجتمع المغربي فقط أما أنها ظاهرتين كونيتين؟ وبالتالي فهل هناك في نظرك مجتمع ما يخلو من ظاهرة الفقر والدعارة؟ فمن المنطلق الديمقراطي كان من المفروض عليك سيدتي أن تحترمي الآراء المخالفة لك مهما كانت مغايرة لتصوراتك وقناعاتك الشخصية، بل حتى وأن كانت قاسية ربما في ردودها وتعبيرها. فإذا كنا ديمقراطيين، فإما أن نؤمن بالاختلاف من أي موقع كان، ومهما كان مختلف لتصوراتنا وقناعاتنا الفكرية والسياسية والاجتماعية والدينية..الخ، وأما أن لا نقبل به نهائيا، ومن ثم لا داعي للتباهي بالديمقراطية والحوار الحضاري كما ترددين دائما في مقالاتك وتعاليقك.
وقبل توضيح ما نريد توضيحه من التناقضات والافتراءات التي تعج بها مقالاتك حول موضوع الصحراء، نبدأ أولا بالتأكيد على مسألة أساسية، بل على اختيار مبدئي يفرض نفسه بحكم اختياراتنا الفكرية وقناعاتنا الديمقراطية والحقوقية، وهو أنني لا أريد أن اجعل من مقالتي هذه محاكمة لأفكارك وآراءك بشأن موضوع الصحراء، ولا أريد أن ألقي عليك مواعظ ودروس، ولكن، يا سيدتي للكتابة أصولا وللنقد قواعد كما تعرفين. والواقع، أنني بحثت كثيرا في مقالك السالف( ومقالاتك الأخرى حول الصحراء) كي أستدل على موضوعيته إلا أنني فشلت في ذلك. لكن ما أدهشني أكثر هو منطقك وأسلوبك في الدفاع عن آراءك ومواقفك تجاه المغاربة والصحراء من جهة، وحول كيفية حوارك مع القراء من جهة ثانية. فكما أشرت في الفقرة السابقة لا ادري كيف تجرأت في وصفك للمغربيات بالعاهرات ؟ فهذا الكلام لا يليق إطلاقا بسيدة مثقفة ومتحضرة مثلك، فعلاوة على أنه كلام غير دقيق وعلمي فهو كلام غير أخلاقي أيضا. حتى هنا يبدو الأمر عاديا، لكن أن يوظف المثقف هذا النوع من الكلام، الذي يفترض فيه أنه يميز بين الكلام العلمي وكلام الشارع فتلك هي الكارثة بعينها، فإذا كان المثقفون يوظفون هذا النوع من الكلام، فماذا سننتظر من الإنسان العادي ؟ ومن ناحية أخرى، كونك كاتبة ( صاحبة المقال) لا يعنى بالضرورة انك على الحق والآخرين (= القراء) على خطا، فالكثير من الردود التي وردت على مقالتك صائبة ومتحضرة جدا، خاصة فيما يتعلق بالوقائع التاريخية. على أية حال – أتمنى بكل صدق – أن يكون موقفك من المغربيات هو مجرد موقف عابر؛ أي: أنه وليد لحظة الغضب و الانفعال وليس موقف ثابت ومبدئي.
نقطة أخرى أثارت دهشتي واستغرابي وهي اتهامك للأمازيغ المدافعين عن الهوية الأمازيغية للصحراء ب "الشوفينيين ". وبعيدا عن موقفك هذا الذي لا يخلو من الشوفينية أيضا، إذا جاز لنا استعمال نفس القاموس اللغوي المعتمد من طرفك، هل يمكن لك أن تحددي لنا – علميا - ما هي الهوية التاريخية للصحراويين ؟ وهل الصحراويين عرب أم أمازيع؟ إذا كانوا عربا فمن أين جاءوا إلى الصحراء؟ متى وكيف؟ كما أنني لا ادري كيف تتحدثين عن " الشعب الصحراوي" عندما يتعلق الأمر بالصحراويين وتتحدثين عن قبائل صنهاجة عندما يتعلق الأمر بالأمازيغ، فهل يعنى هذا في نظرك أن الأمازيغ ليسوا شعب؟ وإذا كان الأمر على هذا النحو فما هو تعريفك لمفهوم الشعب؟ وما هي المقاييس المعتمدة لديك في وصف الصحراويين بالشعب والأمازيغ بالقبائل؟ ومن المفيد الإشارة هنا أن الصحراويين – تاريخيا وحضاريا - جزء من الشعب الأمازيغي الذي استوطن شمال أفريقيا والصحراء الكبرى مند العهود الأولى لظهور الإنسان، وبالتالي فحضارتهم جزء لا يتجزءا من الحضارة الأمازيغية القديمة.(2)
بعد هذه المقدمة الضرورية لوضع الموضوع في إطاره الصحيح، التي ستجنبنا سوء الفهم والقصد كما نرجو ذلك ، أن الأوان للعودة إلى الموضوع الرئيسي لهذه المقالة ؛ أي: الصحراء المغربية، وباعتبارنا ننتمي إلى نفس الإطار الفكري ( الفكر اليساري الديمقراطي) ينبغي علينا الاتفاق والحسم في نقطة أساسية؛ وهي : أننا لا نختلف نهائيا حول فكرة حق الشعوب في تقرير مصيرها، وبالتالي فنقطة الخلاف بيني وبينك في موضوع الصحراء تتمحور أساسا حول نقطيين أساسيتين: الأول تتعلق بالمرتكزات المعتمدة من طرف ما يسمى بجبهة البوليساريو للمطالبة بالاستقلال عن المغرب، وهي النقطة الغائبة في كتاباتك بشكل مستمر، والثانية تتعلق بمنهجية تناولك للموضوع ومعالجته حيث اشرنا سابقا إلى بعض نواقصه وعيوبه. أبرزها هي غياب الموضوعية والحجج التي تثبت صحة كلامك وموقفك.

قلنا أنه من حق الشعوب – مبدئيا– المطالبة بحقهم المشروع في تقرير مصيرهم، هذا ليس موضوع خلاف ولا نقاش، وبالتالي من حق الصحراويين المطالبة بالاستقلال والانفصال عن المغرب إذا أرادوا ذلك، لكن الأشكال العويص في هذا الموضوع - في تقديري - يكمن في المرتكزات التي يعتمدها الصحراويين في مطالبتهم بالانفصال، أو بصيغة أخرى، ما هي الأسس المعتمدة من قبل الصحراويين في المطالبة بالانفصال؟ هل يتم هذا انطلاقا من الدم (= العرق) أم التاريخ أم القانون، أم الأرض، أم الحقوق ..الخ؟ ولعلمك يا سيدتي فالمغرب يطالب باسترجاع الصحراء انطلاقا من مبدئيين أساسيين وهما: الأول تاريخي، والثاني قانوني. بينما أن جبهة البوليساريو تعتمد على مبدأ حقوقي ( = حق تقرير المصير) وإيديولوجي . فعليك أن تتصور معي لو أن كل جماعة فيما يسمى بالوطن العربي تطالب بالانفصال عن السلطة المركزية( الدولة الوطنية) انطلاقا من مبدأ حق تقرير المصير والاختلاف الإيديولوجي، كيف سيصبح الأمر؟ فالعراق وحده سينقسم دون شك إلى عشرات الدول!!. لنعود إلى الموضوع، ونقول: إذا ما حذفنا على سبيل المثال الجانب الحقوقي في الموضوع، وهو محذوف أصلا بقوة القانون ( قانون الأمم المتحدة) ، حيث " أن تقرير المصير لا يعني في القانون الدولي بلقنة الدول وتزكية الكيانات الانفصالية باعتبار أن القرار الاممي 1514 المتعلق بتصفية الاستعمار أكد في فقرته السادسة أن كل محاولة ترمي إلى أن تحطم جزئيا أو كليا الوحدة الوطنية أو السيادة الترابية لبلد ما هي متناقضة مع أهداف ميثاق الأمم المتحدة ".(3) قلنا، إذا حذفنا هذا الجانب من الموضوع، فليس للصحراويين الحق في المطالبة بالاستقلال: فمن الناحية الجغرافية تمدد حدود المغرب – تاريخيا - إلى ما وراء الصحراء الغربية، فالحدود الراهنة ورضناها من الاستعمار، وهي واحدة من نتائج استقلال اكس ليبان. أما تاريخيا فعلاقة الدولة المركزية مع الصحراويين تمتد إلى القرن الحادي عشر، حيث كان هناك نوع من البيعة والولاء للسلطة المركزية،(4) وتجدر الإشارة هنا أن محكمة العدل الدولية أفتت بوجود علاقة من علاقات السيادة التاريخية المغربية على الصحراء، من خلال إقرار فتواها بوجود روابط عقد البيعة بين سكان الصحراء وبين العرش المغربي ".(5) وتجدر الإشارة هنا أن المغرب هو من طلب رسميا من محكمة العدل الدولية عبر هيئة الأمم المتحدة النظر في الجوانب القانونية لوضع الصحراء لحظة استعمارها من طرف اسبانيا، وبالتالي هل كانت هناك علاقة بين السلطة ( الدولة المركزية) والصحراويين قبل الاستعمار الاسباني أم لا ؟ وعليه، فالمحكمة ( محكمة العدل الدولية) لم تنظر أطلاقا في موضوع حق السيادة للمغرب في الصحراء، وذلك لسببين رئيسيين، فالسبب الأول هو أن المغرب يعتبر نفسه صاحب الحق في الصحراء حيث كان صراعه ضد اسبانيا، وليس ضد ما يسمى بوليساريو. أما السبب الثاني فهو قانوني، فليس من حق محكمة العدل ولا من اختصاصاتها النظر في مسائل السيادة، فقانونها الأساسي لا يسمح لها بالنظر في المنازعات السيادية بين الحركات التي تطالب بالاستقلال ودول الأعضاء ، فهي تنظر فقط في المنازعات القانونية بين دول الأعضاء، كما أن قراراتها ذات طابع استشاري فقط وغير ملزمة.
ثانيا: أفكار مغلوطة ومتناقضة:

قلنا، بعد أن اطلعت على جميع كتاباتك - على ما اعتقد- بخصوص النزاع في الصحراء المغربية أجرؤ أن أقول لك أن معظم أفكارك حول هذا الملف ( ملف الصحراء ) متناقضة ومغلوطة، وميزة هذا التحليل أنه قادر على قلب وتشويه الحقائق وفق أهداف معينة ومحددة سلفا ( إيديولوجيا)، وبالتالي فإنها لا ترتقي إلى مستوى الكتابة الموضوعية المطلوبة علميا وأخلاقيا في مثل هذه المواضيع والقضايا ذات الطابع المصيري . لهذا، أقول لك – وبكل احترام – أن موقفك من الصحراء غير موضوعي للأسف، وكيف سيكون موضوعيا وكتاباتك فارعة من الأدلة والحجج التي تثبت صحة موقفك؟!! هذا بالإضافة إلى أن مصادر معلوماتك حول الموضوع( الصحراء) تستقينها فقط من جانب واحد ؛ وهو الجانب الصحراوي كما جاء في احد تعليقاتك، وبالتالي فأنت تحاولين تقديم وجهة نظر ما يمسى بجبهة بوليساريو وليس وجهة نظر السيدة مكارم إبراهيم التي يفترض أن تكون موضوعية ومحايدة. فلا داعي لتذكيرك هنا أن وجهة نظر الصحراويين هي مجرد وجهة نظر ضمن عدة وجهات نظر أخرى تتناول قضية الصحراء المغربية، وهي كلها متساوية من ناحية فرص الصواب والخطأ، وهو ما كان يجب عليك أخذه بعين الاعتبار في كتاباتك، أولا لتفادى الأخطاء المتعلقة بالمعطيات التاريخية للصراع، كقولك مثلا أن المغرب أرسل 350 ألف جندي للصحراء عام 1975 بينما يتعلق الأمر بالمسيرة الخضراء !!. وثانيا من أجل بناء موقف علمي ديمقراطي تجاه الموضوع بعيدا على توجهاتك الإيديولوجية.

ومن جهة أخرى، هناك أيضا ملاحظتين تستوجب التنبيه والمعالجة، فالأولى تتعلق بالجهاز ألمفاهيمي الموظف من طرفك، والثانية تتعلق بالأسباب التي تصوغينها كحجج لمطالبة الصحراويين بالانفصال عن وطنهم الأم. فعلى مستوى الملاحظة الأولى نلاحظ توظيفك للمفاهيم التالية: الاستعمار المغربي، الشعب الصحراوي، الحق في تقرير المصير، الاستقلال ، الانفصال، الدولة الصحراوية، الحكم الذاتي.. وغيرها من المفاهيم التي تحتاج إلى المراجعة والتدقيق. فعندما تقولين مثلا " الاستعمار المغربي " للصحراء فهذا يعني أمرين: أولهما هو عدم وجود أية علاقة تاريخية ( مهما كان نوعها وحجمها) بين الصحراء والمغرب قبل الاستعمار الامبريالي للمنطقة، وهو رأي لا يستند على أي دليل تاريخي، ولم تستطيع جبهة البوليساريو نفسها؛ وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي حسب تعبيرك وكلامك، إثباته، بمعنى إثبات عدم وجود أية علاقة بين الدولة المغربية والقبائل الصحراوية قبل الاحتلال الاسباني والفرنسي للمنطقة، بينما استطاع المغرب أثبات ذلك قانونيا عبر محكمة العدل الدولية كما اشرنا إلى ذلك أعلاه. وثانيهما يعني – بالنسبة لي ولغيري أيضا - أن الصحراء كانت قبل هذه الفترة ؛ أي فترة الاحتلال الامبريالي ( الاسباني والفرنسي) كيان مستقل عن المغرب وذات سيادة كاملة على الأرض، وهو ما ينفيه الواقع التاريخي بالإضافة إلى الجانب القانوني أيضا (6)، أما إذا كان العكس فمتى كانت الصحراء مستقلة عن المغرب؟ أما الملاحظة الثانية وهي المتعلقة باستدلالك وبراهينك ومن ضمنها قولك بعدم وجود الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، حيث نقرا ضمن احد فقرات ما يلي " ولكن الحقيقة التي يتجاهلها أصحاب هذه الحجة هي أن الشعب المغربي في المغرب لم يستطيع الحصول على الديمقراطية فهناك اعتقالات واغتيالات للمعارضة وقمع المظاهرات وتميز واضح بيت العرب والأمازيغ فكيف يمكن أن يطالب بضم الشعب الصحراوي إلى المغرب كي يطاله القمع الملكي ". للأسف، نعم، هذه الأمور موجودة في بلادنا، بل وأكثر من هذا بكثير، لكن هل هذا يشكل مبررا كافيا للمطالبة بالانفصال؟ وهل في نظرك الدول العربية التي تساند فكرة الانفصال هي دول ديمقراطية أكثر من المغرب( الجزائر ، ليبيا، سوريا ..؟ بل أكثر من هذا، هل هناك بلدا عربيا واحد أكثر ديمقراطية من المغرب إذا ما استثنينا لبنان إلى حد ما ؟ وهل تعتقدين أن انفصال الصحراويين واستقلالهم سيجعلهم ينعمون بالديمقراطية؟ ما هذه المبررات يا سيدتي؟
خلاصة القول:
من وجهة نظر معرفية وتاريخية يزداد اقتناعي يوم بعد آخر بأن ما يسمى بجبهة البوليساريو هي احد ضحايا القوى الامبريالية من جهة، وضحايا الصراعات السياسية والإيديولوجية بالمنطقة من جهة ثانية. وما يجب استحضاره في هذا السياق هو فكرة ومشروع تأسيس الدولة الصحراوية في الصحراء المغربية التي لا تنفصل عن المشروع الاستعمار الغربي بالمنطقة ، حيث لا يمكن هنا تجاهل إرادة ومساعي اسبانيا في تأسيس كيان مستقل تابع لها، كما لا يجب التغاضي أيضا عن ظروف وسياقات بروز المشروع الانفصالي لحركة بوليساريو، حيث تم ذلك حسب المرحوم ابراهام السرفاتي( احد ابرز القادة اليساريين الثوريين في العقود الماضية ) في " إطار الثورة العربية وفي إطار الجمهوريتين المغربية والصحراوية "(7)، وبالتالي فلا يمكن تناول حيثيات بروز بوليساريو خارج سياقات تلك المرحلة، خاصة السياق الوطني والإقليمي والدولي، وذلك من اجل معرفة الحيثيات الحقيقية ( الأسباب والعوامل الموضوعية) التي أدت بتحول المنحى السياسي لجبهة بوليساريو بعد اغتيال مؤسسها السيد مصطفى الوالي في ظروف غامضة.(8) فلا يخفى عليك أن الجبهة كانت تطالب في بدايتها باستقلال الصحراء عن الاستعمار الاسباني والعودة إلى أحضان الوطن وليس الانفصال عنه كما تطور الأمر فيما بعد. نفهم من هذا كله أن الحجج التي تقدمها جبهة البوليساريو غير صحيحة ، وبالتالي فإنها تخفي الحقيقة الموضوعية لظهورها أولا، ولتحولها أيضا من فكرة النضال من أجل الاستقلال عن الاستعمار الاسباني إلى الانفصال عن الوطن الأم ثانيا، وهو التحول الذي ساهمت فيه مجموعة من العوامل الوطنية والإقليمية والدولية - كما اشرنا أعلاه – التي يطول فيها الحديث والتفصيل، لكن رغم ذلك، سنكرر هنا ما سبق أن اشرنا إليه في المقدمة، لولا الأخطاء التي ارتكبها النظام – المخزن - وما يسمى بالحركة الوطنية ما كان سيكون هناك شيء اسمه جبهة البوليساريو،
محمود بلحاح/ لاهاي - هولندا
للتواصل: [email protected]
توضيحات مع قائمة بعض المراجع المعتمدة في أنجار هذه المقالة:
1
: نشير هنا - وبشكل مختصر جدا - إلى أهم الأخطاء التي ارتكبها النظام وأعوانه في تقديرنا تجاه ملف الصحراء المغربية، وهي:
• القضاء على جيش التحرير الذي انتقال من الشمال إلى الجنوب من أجل مواصلة عمله الوطني التحرري؛
• تغيب الصحراء من جدول مفاوضات الاستقلال مع الأسبان ؛
• تأجيل ترسيم الحدود إلى ما بعد مرحلة رحيل الاستعمار؛
• تغيب الهوية الأمازيغية التاريخية في الصراع الصحراوي؛
• تهميش الأصوات الصحراوية الساعية إلى تحرير الصحراء من الأسبان والعودة إلى أحضان الوطن، أمثال محمد إبراهيم البصيري، ومصطفي الوالي( المؤسس الفعلي لجبهة البوليساريو) الذي أكد في مذكرته إلى الأحزاب المغربية على مغربية الصحراء ، حيث كان يعتبرها إقليما من أقاليم المغرب( المذكرة نشرت في صحفية 23 ماس على شكل حلقات ابتداء من حلقة 19 إلى 25)
• الموقف السلبي من أحداث مجزرة العيون التي ارتكبتها القوات الاسبانية في حق الصحراويين.
• التوظيف السلبي للقضية ( قضية الصحراء) في الصراعات الداخلية بين القصر والقوى السياسية.
2 : حول موضوع الحضارة الأمازيغية وإسهامات الأمازيغ في بناء الحضارة الإنسانية يمكن مراجعة الكتب التالية: - - " الممالك الأمازيغية في مواجهة التحديات: صفحات من تاريخ الأمازيغ القديم " للدكتور محمد بوكبوط الدكتور
- " مظاهر الفكر العقلاني في الثقافة الأمازيغية القديمة " للدكتور عبد السلام بن ميس
- " الشعر الأمازيغي القدين: جدلية البلاغة وسؤال الهوية" للدكتور محمد أسويق
- "المرابطون: الدولة، الاقتصاد ، المجتمع " حسن حافظي علوي
- " الإسلام والأمازيغ " مجلة الهوية العدد 15 -عدد خاص من تقديم المرحوم صدقي علي أزيكو
- انظر كتابات احمد الطاهري خاصة كتابه " ابن دراج القسطلي: شاعر الأندلسي ولسان الجزيرة الأمازيغي الأصل" وكتاب " اختصارات من كتاب الفلاحة " وكتاب " المغرب الأقصى ومملكة بني طريف البرغواطية: وأيضا كتابه الأخير " بلاد الريف وحاضرة النكور من فجر التاريخ إلى أنوار الإسلام " .
- " السلاطين العلويون والأمازيغ " تأليف محمد بوكبوط
- " دراسات في الفكر الميثي الأمازيغي" تأليف محمد أوسوس
- " المصطلحات الأمازيغية في تاريخ المغرب وحضارته " تأليف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية
- " ماسينيسا ويوغرطة " تأليف احمد سليماني
- " جذور بعض مظاهر الحضارة الأمازيغية القديمة " تأليف مصطفي اعشي
- " البربر في الأندلس " تأليف محمد حقي
3: انظر تفاصيل أكثر في مجلة نوافذ العدد العاشر/ الحادي عشر ، يناير 2001 (عدد خاص حول الصحراء)
4: نشير هنا أن العلاقة التاريخية بين المركز (الدولة ) والصحراء مهمة جدا لمعرفة جذور وأسس النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، وعندما نتحدث عن الجانب التاريخي في الموضوع فاننا لا نتحدث عن التاريخ القديم وإنما نتحدث فقط ( يكفي) الحديث عن التاريخ الحديث ، تاريخ ما قبل الاستعمار الامبريالي للصحراء، وبالتالي الحديث عن قرنيين إلى ثلاثة قرون من تاريخ الصحراء الأمازيغية المغربية.
5: المرجع السابق مجلة نوافذ - ص 138
6: يمكن العودة إلى مجموعة من المعاهدات والاتفاقيات التي ابرمها سلاطين المغرب مع الدول الأجنبية، نذكر منها مثلا، معاهدة تطوان بين المغرب واسبانيا سنة 1860 التي تقضي بإنشاء منطقة للصيد البحري في الصحراء من رأس طرفاية إلى بوجدور بالساقية الحمراء. وكذلك معاهدة مراكش بين المغرب وبريطانيا سنة 1895 التي بموجبها استرجع المغرب منطقة طرفاية من الانجليز وغيرها من المعاهدات والاتفاقيات.
7: المرجع السابق مجلة النوافذ ص183
8: للاطلاع على حيثيات الموضوع أكثر يمكن مراجعة الكتب التالية:
• الصحراء المغربية : الوحدة والتجزئة في المغرب العربي - تأليف علال الأزهر؛
• صفحات من ملحمة جيش التحرير بالجنوب المغربي - تأليف محمد بنسعيد أيت ايدر
• مجلة الذاكرة الوطنية- العدد التاسعة عشر
• الصحراء الحل الوطني الديمقراطي، مجلة نوافذ ( عدد خاص) العدد 10-11
• وثائق جيش التحرير في الجنوب المغربي 1956-1959 ، تأليف محمد بنسعيد أيت ايدر
• مجلة الذاكرة الوطنية - عدد خاص عن مرور 50 سنة عن انطلاق جيش التحرير بالجنوب المغربي
• تاريخ المغرب قبل الاستقلال، تأليف بيير فيرموريين – ترجمة عبد الرحيم حزل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.