لا تحتاج قضية الصحراء المغربية إلى كثير عناء لسبر أغوارها و فهم أبعادها السياسية، و لا تتطلب أيضا من الدولة المغربية دعاية إعلامية أكثر من المرغوب فيه سلفا و آنيا و مستقبلا،لأننا أصلا على دراية و علم بعصر القوة و النباهة السياسية اللذان نعيش فيهما في هذا العالم المبني على المصالح و التوازنات . لقد استطاعت بريطانيا بمكرها السياسي أن تدفع العرب إلى تأسيس جامعة الدول العربية،لأنها ببساطة ستخدم أهداف الحلف الصليبي الصهيوني على المدى البعيد المبني على التفرقة على أساس عرقي و من ثم حدودي،مما سيسهل عملية إشغال المنطقة العربية الأمازيغية الكردية الممتدة من الرباط إلى بغداد بمشاكل لا يمكن حلها سوى في إطار المنظومة العقائدية الإسلامية التي ثم القضاء عليها بالغزو الفكري من جانب،ومن جانب آخر بتسفيه الدين في العقل المسلم كونها أي المنظومة الإسلامية مبنية على مبدأ الأخوة و اللافرق بين عربي و عجمي. لا نحتاج اليوم إلى الحديث كمثقفين سياسيين عن اتفاقية سايكس بيكو أو إكس ليبان أو ما شابههما،بقدر ما نحتاج إلى التنظير لمستقبل المغرب في علاقته بين العرش الملكي و النخبة و الشعب قاطبةمن جهة،و من الجهة الأخرى ارتباطاته مع عمقه الإفريقي و العالم الإسلامي حيث جدوره الحقيقية التي بدأت بعض دوله في إطار الإتحاد الإسلامي الناشيء تخرج فعلا من عنق الزجاجة و أقصد بالضبط تركياماليزيا إندونيسيا باكستانقطر الذي لا مستقبل لنا دون الإنضمام و الإنحياز له. لقد ظلت قوى الإستعمار و ممثلها في الغرب الإسلامي فرنسا يتلاعبون بقضية الصحراء المغربية وفق مصالحهم الإستراتيجية، ذلك أن خيرات المنطقة التي فوق الأرض و تحتها تسيل لعابهم،والحفاظ على تبعية المنطقة المغاربية لهم جميعا سيظل دون شك الهدف الأسمى لهم عن طريق فتح ملف الصحراء كلما رأوا أن مصلحة ما يحتاجها العالم الصليبي الصهيوني الذي خطط فعلا لتقسيم المغرب إلى خمس دويلات بدءا من الصحراء وانتهاءا بباقي ترابه. إن مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها كحق،أضحى منذ أمد بعيد يستعمل ضد الدول الإسلامية دون باقي دول العالم،فشرق تيمور الذي اقتطع من إندونيسيا، ودولة جنوب السودان التي استقلت عن جمهورية السودان المسلم… وغيرهما لم تحضى شعوب أخرى بنفس الحق ككتالونيا الإسبانية التي ووجه قرارها السياسي ومظاهرات شعبها بالعنف و الإعتقالات لسبب وحيد يعيه ساسة أوربا مفاده أن عدوى التفرقة داخل التراب الأوربي لا تخدم مصلحة العالم المسيحي . لا سبيل أمام دولتنا المغربية في إنهاء مشكلة الصحراء سوى بالإستفادة من النمودج التركي، فهذا الأخير رغم أن أكراده يواجهونه بالسلاح،فقد استطاع سحقهم و تجريمهم كحركة انفصالية إرهابية،وموازاة مع ذلك أظهر للعالم نبوغ العقل التركي من خلال تمكنه من التسليح الذاتي بأشرس الأسلحة فتكا،و دفع أيضا بشخصيات سياسية قوية استطاعت أن تفهم العالم أن أحفاد العثمانيين قادمون وعلى رأسهم رجب طيب أردوغان الذي ما فتئ يوجه نصائحه لقادة الدول العربية و الإسلامية قاطبة تحت عنوان: القوة العسكرية و الدبلوماسية الذكية .