من 250.500 سنة إلى الآن ، رياح تهمِس للأشجار لتَفْهَمَ أنَّ في تحريك الأفنان ، فرحة يبثها الزمان ، لغابَةٍ زَرْعها لم يترك لوناً من الألوان ، لزخرفة ما يستأنس به على تلك البسيطة الغناء الإنسان ، رؤية عاكِسَة ما خُلِقت من أجله أحاسيس فنان ، على الفطرة تَرَعْرَعَ ناقِلاً تجاربه في عين المكان ، عبر نقوشٍ مهما حجبها غبار النسيان ، يُغيِّر السطح عمَّا كان ، غير متسرِّبٍ للجوهر جِدّ المُحَصَّن ، لغاية حَمْلِهِ ثقل قشرة أرضية متحكمة في تمَوُّجِ جناحَيْها الأيسر كالأيمن ، مثل شمالِها كالجنوب مُقَدَّرَة بتوازن ميزان ، كفَّته كشقيقتها لهدفِ قِياسِ العدل بواقع الحق بينهما سيَّان . منذ 9.500 سنة لرسمٍٍ على الصخر ، أقََرَّ مصدر توقيته العِلْم ، وقفت أنثى سمرة بشرتها اقتبست من تساقط الثلوج (التسرُّب لاهتمام المُعجب بها) الرِّقة ، بمحيا قسماته عاكسة القناعة ، بما تجود به الطبيعة ، قُوتاً خاليأ من شَوَائِبِ النُّفُورِ من طعمه أو صنفه ، وشراباً بغير حاجة لجمعه في خزان ، طليقاً بين السهول يتدفَّق باحثاً عن مَصبّ ، يفرغ حمولة ما تزود به من منبع ، يفوق حاجة الأرض ، الملفوف بمساحاتها الواسعة النَّضِرَة بوجوده على الدوام ، في دورة حياة الطبيعة المدلَّلَة ، بين فصولٍ أربعة مُبرمَجَة منذ التشأة الأولى ، على حصول تجديد يُبقي المناهل على شبابها لا تشيخ إلى يوم ينتهي فيه كل شيء ، لمصير آخر في عالم يريح النقيّ ويتعب الشقي . وقفت امرأة ناضجة الرغبة في التمتع بنصيب من سر وجودها أصلاً ، مثلها مثل النساء ، منتظرة من يسحبها من وحدتها في حنان ، ليبقيها بجانبه مكمِّلة نصفه ، في تربية تلقائية تزداد توسعاً في المعلومات الضرورية لا غير ، مع التجربة الميدانية البطيئة التطور، حينما يفوق المعروض على المُسْتَهْلَكِ دون صرف الجهد ، في قطفه مُتعة فطرية أو ثماراً شهيةً ، أو صيده سمكاً طرياً ، أو مطاردته حيواناً تائها ، مُلقَى تحت مظلة أَيْكٍ ، للراحة ومَن معه على فراشٍ غير مبتاعٍ ، لَيَّنَتْهُ الأعشاب الطرية شبه المُبَلّلة ، وزهور فوَّاحة بعطر يُغري بإنعاش السباة ، ويُنَظِّم التنفس، مع تغييب النوم حاسة الوعي لساعات يتحكَّم الجو في طولها من قصرها ، إلى وصول عهدٍ أصبح العمران الخشبيّ ساتراً ممارسات إنسانيةٍ خاصة وفق معايير موروثة حافظت على ترتيب اجتماعي يمنح للكبير القوي الأكثر ادراكاً (لما يحوم حوله) حق الكلمة ، في إطار نفوذ مُطلق ، وللصغير الضعيف الطاعة امتثالاً لإنجاز المطلوب منه ، بما يستطيع القيام به ، خدمة للجماعة المنتمي إليها أسرةً أومقاماً ، بيُسرٍ في حياة غير مكلّفة إلاَّ ما توفره العضلات من قُدرة جلب منافع محدَّدة فيما يُؤكَل عطاءا سخياً من أرض الخير العميم الوفير ، أو يُلبس مُستخلَصاً من جلد الحيوانات القريبة من تلك التجمعات البشرية أو بعيدة عنها لا يهم ، إلى أن تأسست القرية "كلتا" بالإيروكواس لغة اقوام أصيلة عايشت لعصور ما وجدته على ضفتي نهرالمياه الكبرى أو سانت لورانس (حاليا) ، مناسباً لطبعها وتطبُّعها ، وما تدافع به عن بقائها متفرِّدة ، في جوِّ لم تكثرت بتجاوزه إلا بحثاً عن حاجة سايرت تفكيرها في صبر أغوارهأ بواسطة مغامرة بحث ، تَخرجُ منها بمعلومة تضيفها لحصيلة ما توفَّر لديها ، موجهة كلها لتلطيف ظروفها ، أو التغلب على اكراهات الطقس في أوقات معينة ، حينما تتهيَّأ الطبيعة بحركات من ورائها قدرة قادر حكيم ، لتبسيط ما يناسب المخلوقات لأداء مهمتها على أطيب حال . القرية – كنتا النواة لما أصبح يُعرف انطلاقا من المستكشف الفرنسي "جاك كارتيير" باسم كندا الشاملة في مرحلة أولى لمنطقة حكمها "دوناكونا" المتمركز كان في قرية "ستادكونا" ، لتتضمن كمرحلة ونهائية الإتحاد الكنفدرالي للدولة برمتها سنة 1886 ميلادية . حينما وطأ ارضها الأوربي طار صوابه وأقسم أن لا يبرحها مهما كلفه المقام بين أحضان فتنة جمالها أضخم الأثمان ، وما أن استقر حتى تطاحن مع بني جلدته محاولاً التفرُّد بمثل الكنز الطبيعي، فقاتل الفرنس الإنجليزي والعكس صحيح، أمام استغراب الأهالي وحيرتهم المتزايدة ، إلى أن اسعفهم استقرار أحاط البلاد بعد انفضاض معارك ، لا زالت تُذكر بشديد اهتمام بالنسبة لدارسي التاريخ ، المعلم للإجيال المتلاحقة ، أن كندا ستظل بما تعدَّدَ فيها من خير ، قابلة لاحتضان الملايين دون انتقاص يعتري منتزهاتها أو أنهارها أو بحيراتها أو مجالات أطيب حياة داخل مقاطعاتها ومنها : مقاطعة كلومبيا البريطانية ، التي نَهَدَ الوَرد حتى لعابري السبيل بين منعرجاتها ، وتنادت الأشجار ترحيباً بزوار سفوحها ، وانطوى هدير سيلان من مرتفعاتٍ احتراماً لمتسلِّقيها ، مكتفياًً بصدى لا يزعج عشاق فضائها ، بل جاذبا اهتمامهم للتكيُّف مع بيئتها ، المرتبطة بسماء مهما جادت لا ينتقص جودها ، كأن المكان عزيز عليها ، لا تفارقه عنايتها ، سُحباً حُبلى بما يزيد على المزيد يكفى ليوم النشور شاربي مياهها ، صفاءً فاسحاً المجال لأشعة نور يُنضج البراعم ويقوِّي صحتهم داخلها، غطاءً واقياً لحاجات حياةٍ تليق بارتفاعها ، عن سطح البحر أو منحدرة تحته بعض أطرافها . كلومبيا البريطانية ، لوحة شكلتها الطبيعة على ذوق خُرافي الوصف ، مُبهر الإنبهار ذاته ، تتخللها مناظر تُنطق بترنيمات حمدٍ متصاعد عن أشياء لا تُلْمَس لكنها موجودة تُحَسّ ببصيرة سامِعِ الصَّعْبِ ادراكه إنْ لحلاوة صوته سمع ، قائمة بتضاريس ما استثنت تحزيزات ولا نتوءات إلا و أضافت إليها ما يُعرف بعسر التنقل واستحالة العبور بيسر ، جمّعتها الارض الأصل قطعة واحدة بمساحة 994.735 كيلومتر مربع ، يحدها غرباً وشمالاً غربياً المحيط الهادي والمقاطعة الأمريكية "ألاسكا"،وشرقاً مقاطعة "البيرتا" ، وجنوباً الولاياتالمتحدةالأمريكية . جبلية بامتياز ، شتاؤها عكس العادة يطول ، أما الصيف فقصير يكفي لاضافة تدفئة على تدفئة الرياح القادمة من الغرب للحد من قساوة طقس بالغٍ أحياناً درجات التَّجميد ، لكنه التَّنويع لا يفقد الحياة طموح البقاء متحصِّنة بالمُتوفِّر المقابل للطوارئ بما يضمن السلامة والاطمئنان.