وجه عدد من المثقفين والفاعلين المغاربة، نداء إلى "عقلاء الشعب الفرنسي" وحكماء قياداته السياسية والفكرية، داعين إياهم إلى "قيادة حملة تصحيحية لمفهوم حرية التعبير". وقال الموقعون على النداء، إن "حملة كراهية ضد المسلمين، تنامى في بلدكم بشكل غير مسبوق، تستفزهم من خلال مواقف وقرارات غير قانونية ولا أخلاقية؛ في مقدمتها التطاول على جناب خاتم النبيين سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا الرسول الكريم الذي يعلي من قدر الإنسان كإنسان، والذي شهد بفضله على البشرية مفكرون فرنسيون على مر الأزمان". وتابعوا، "لقد رفعت فرنسا في القرن الثامن عشر لواء الدفاع عن حقوق المواطنين المظلومين والمستضعفين في أوروبا، وتوجت حملتها بإعلان حقوق الإنسان والمواطن يوم 26 غشت 1789. وها هي اليوم تتحول إلى ثقب أسود يبتلع كل هذه المكتسبات والحقوق، بل وأصبحت اليوم تصدر قوانين ظالمة إلى باقي أوروبا، وتكرر جريمة ظلم اليهود بالأمس مع ديانة أخرى وأقلية أخرى". ودعا الموقعون، الشعب الفرنسي، "إلى التعبير عن رفض هذا التوجه الإسلاموفوبي الراديكالي، لأسباب عدة من بينها كونه توجه يتنافى مع القيم التي تأسست عليها الجمهورية الفرنسية؛ ومنها احترام حقوق الإنسان والمساواة بين الناس. ومعلوم أن في فرنسا 6 ملايين مسلم يعظمون النبي صلى الله عليه وسلم ويحبونه .. فالواجب مراعاة مشاعرهم وحقهم على الآخرين في احترام مقدساتهم؛ بصفة تلك المراعاة إحدى أهم مرتكزات التعايش والسلم المجتمعي". وأوضحوا أنه من بين الأسباب أيضا، هو "أن المسلمين والمغاربة أثبتوا مواطنتهم الكاملة في المجتمع الفرنسي، وقدموا خدمات جليلة لوطنهم الفرنسي تفرض على الآخرين الاعتراف بحقوقهم واحترام مشاعرهم، وحسبهم أنهم بذلوا دماءهم في سبيل حرية فرنسا في حربين كونيتين؛ ولا تزال قبورهم في ساحة (فردان) شاهدة على ذلك، وقد حظوا بالتكريم والتقدير من قبل من شاهدوا مأساة فرنسا في الحربين الكونيتين؛ وكان من بين الاحترام السماح لهم بإقامة مساجد يعبدون الله بها من غير تضييق ولا عنصرية". وأبرز الموقعون، أنه "بدل السماح بتنامي سياسة التمييز العنصري، ندعوكم إلى دراسة حياة النبي صلى الله عليه وسلم للوقوف على شيمه الكريمة وأخلاقه العظيمة، والخير الذي قدمه للإنسانية. هذا ما تتطلبه الحكمة، وليس الانسياق وراء حملات التحريض وبث الكراهية العمياء في النفوس، والتي لا تخدم سوى مصالح ضيقة لفئات محدودة تسعى وراء أنانيتها ولو على حساب تدمير المجتمعات بالفتن وأسباب النزاعات والاحتراب". وشدد النداء، على أن "الدين الإسلامي الحنيف أثبت قدرته على التعايش في كل المجتمعات، وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أكبر دعاة السلم والتعايش قولا وسلوكا، وهو ما يمنع من تحميل الإسلام والمسلمين مسؤولية استفحال ظاهرة الكراهية والتطرف وما يترتب عليهما من تصرفات خاطئة. ومن قواعد العدالة التي نص عليها القرآن الكريم: {وأن لا تزر وازرة وزر أخرى}. فمن ارتكب جريمة فليؤاخذ هو دون غيره، وفي إطار العدالة وحقوق الإنسان". كما أثبت الواقع، يضيف الموقعون على النداء، أن "تفشي الإرهاب لم يتسبب فيه الإسلام؛ وإنما أوجدته سياسات ومواقف التمييز العنصري وإهانة الكرامة الإنسانية وهضم حقوق الأقليات المسلمة وتهميشهم واحتقارهم، وتوظيف الإرهاب لتصفية حسابات وتحقيق مصالح .. هذا هو ما يولد التطرف والعنف والعنف المضاد". وتابعوا، "نرجو أن يقود العقلاء في فرنسا حملة تصحيحية لمفهوم حرية التعبير، لا لتضييقها ولكن لترشيدها، فحريةٌ توصل البشر في وطن واحد إلى الاقتتال والعداوة والكراهية والحقد هي حرية لا تمتح من الفكر العقلاني الرشيد، بل هي حرية خادمة للعداوة بين البشر، لا يقرها دين ولا عرف ولا قانون، خصوصا إذا تعلق الأمر بالأديان والرسل صلوات الله عليهم أجمعين". وختم الموقعون على البيان، ب"الدعوة إلى التحلي بالنضج والحكمة" معلنين تضامنهم، "الكامل مع الجالية المغربية والمسلمة في فرنسا، واحتجاجهم على كل التصرفات التمييزية التي تتعرض لها في سياق هذه الحملة المتطرفة".