يوما بعد يوم تتفاقم الوضعية الصحية بالمغرب ونسجل أرقاما لم نتعود عليها خلال الأربعة الأشهر الأولى حتى أننا في أحيان اعتقدنا أن أرقاما من الحالات المسجلة أنفا والتي لم تتعدى 200 أو 300 حالة كارثية، بالأمس القريب كان عدد الموتى يستقر في حالة أو حالتين خلال أسبوع اليوم نسجل للأسف 30 إلى 40 حالة يوميا. ما الذي تغير بين البارحة واليوم بين فترة الحجر الصحي الكلي حيث الحالات كانت قليلة وبين فترة ما بعد الرفع التدريجي وتقسيم المغرب للمنطقة 1 والمنطقة 2 هل هو راجع لسوء تدبير من طرف حكومة العثماني أو للارتجالية في أخذ قرارات آخر دقيقة شملت جميع القطاعات والميادين دون استثناء وجعلت الكل يتساءل هل الحكومة قادرة على احتواء الموقف ام لا؟ لنحاول أن نفهم مادا جرى لتدارك ما يجب تداركه حتى نتفادى لأن فكرة اللجوء لحجر صحي شامل غير واردة بتاتا خصوصا أن تبعاته الاقتصادية والاجتماعية والنفسية على المواطن المغربي ستكون ثقيلة جدا فالأزمة جعلت الفقير أكثر فقرا وجعلت اعزة أهلنا من تجار ومهن حرة ومقاولات عديدة اذلة. سنعاود قراءة ما حصل لعلنا نستخلص العبر فيما هو آت ونتحاشى سيناريوهات قاتمة لمستقبل نأمل أن يتعافى الجميع من ويلات ضيف قاتل ومدمر وال\ي أصبح من الضروري التعايش معه. أخطاء وقرارات عشوائية في أوقات فجائية القرار الخاطئ الأول: تقسيم المغرب لمنطقتين رقم 1 ورقم 2 قرار سبب مشاكل اجتماعية واقتصادية خاصة لقطبي السياحة بالمغرب مراكش و جزء من شمال المغرب الذي تنتعش فيه السياحة الداخلية أكثر في الصيف، أضف إلى ذلك فتح الشواطئ لمدن دون أخرى جعل مدينة كالدار البيضاء تجني ويلات قرارات غير صائبة على المستوى الصحي وتسجل زيادات مهولة في عدد الموتى والحالات الحرجة أما على المستوى التعليمي فنسجل عدم تكافأ الفرص بين مدن وأخرى في اعتماد تعليم عن بعد لمناطق من المغرب وفرض تعليم عن بعد بالنسبة لمناطق أخرى غير قادرة حتى على سد الرمق فكيف بها ستستطيع مواكبة تعليم يستوجب إمكانيات أقلها هاتف نقال أو حاسوب..... واقعة العيد الكبير ارتجالية القرارات وعبث في التوقيت قرار الاحتفال بعيد الأضحى في وقت سابق ثم عبث في إغلاق الحدود بين المدن في وقت وجيز جعلنا نشكك هل حقا الأمور يتم تدبيرها من طرف حكومة الكفاءات أم من طرف هواة مع بعض الاستثناءات حتى نكون أكثر إنصافا ولا نتحامل على أحد جعلنا نجني تبعاته لحد الآن وجعل مناطق آمنة في الجنوب تحصي موتاها يوميا فهل حقا بيع الخرفان يعتبر أحد الحلول لانتعاش اقتصادي في البوادي أم أن الأمر يتعلق بأشياء نجهلها. من يعتقد أن قرارات آخر دقيقة أو اختيار ساعات متأخرة من نهاية الأسبوع كما جرى في نازلة النزوح العظيم وما ترتب عنه من هستيريا وتذمر من طرف المغاربة أنه سيمر مر الكرام على المستوى الدولي وأن تبعاته ستنحصر في الزمان والمكان فهو حقا واهم، لأن القرارات الفجائية جعلت المغرب ينتقل من المرتبة 63 للدول الآمنة من وباء كورونا شهر يونيو إلى المرتبة 104 شهر غشت بينما دول كالولايات المتحدة التي تعد الدولة الأكثر انتشارا للوباء تحتل المرتبة 55 في قائمة الدول الآمنة وغير بعيد عن هذا التصنيف ايطاليا في المرتبة 55 رغم أنها تعتبر من الدول التي فشلت في إدارة أزمتها الصحية في وقت سابق. التصنيف حتما يخضع لمجموعة من المعايير أهمها الحكمة والرزانة وحسن تدبير حكومات الدول التي تحترم نفسها. المرتبة التي يحتلها المغرب هي حصيلة سوء تدبير وعشوائية وعبث كذلك في أخذ القرارات وليس للوضع الصحي الذي يبقى رغم كل شيء ليس بالكارثي وللصراحة والتاريخ فقد أصبحنا نعيش كذلك حالة من الفوبيا من مرض كورونا – جائحة- الحديث عن الأخطاء والعبث في التدبير من طرف حكومة العثماني ربما يجرنا لتعداد الهفوات وهذا في حد ذاته ليس قصد كاتب هذه السطور، نعم للتذكير من أجل استخلاص العبر وتجاوز مرحلة جد دقيقة من تاريخ المغرب في زمن جائحة كورونا التي ضربت العالم وليس للنقد دون تقديم حلول لتجاوز هذه الفترة الحساسة من تاريخ المغرب. نقترح لتجاوز الأزمة الصحية والاقتصادية الإجراءات التالية: أولا: إنشاء خلية أزمة تعنى بالجانب الصحي الاجتماعي والاقتصادي تتكون من أقطاب لجنة اليقظة الصحية والاقتصادية مع ضخ دم جديد من الخبراء المتخصصين في علم النفس الاجتماعي وأفراد من المجتمع المغربي خاصة في المناطق التي تعيش هشاشة اقتصاديه واجتماعية لأنهم الأكثر دراية بما يعيشه المواطن المغربي. ثانيا: الابتعاد عن التهويل والرعب في التعامل مع الجائحة لأنه ليس من المنطقي أن يكون بأي حال من الأحوال المغرب ضمن الدول الغير آمنة من جائحة كورونا. ثالثا: الابتعاد عن قرارات آخر دقيقة لأنها تفقد ثقة المواطن المغربي في حكومته وأكثر من ذلك ربما ستجعل أي مستثمر سواء مغربي أو من الخارج يشكك في قدرتنا لاحتواء الوباء\المرض. معايير انتقاء البلد من أجل الاستثمار من طرف المستثمرين على المستوى الدولي تغيرت لأن التحفيزات الضريبية والاستقرار الأمني لم يعد كافيا بل أصبح الأمن الصحي في زمن كورونا أولوية قصوى رابعا: يجب اعتبار كورونا مرضا وليس جائحة تشل مفاصل الاقتصاد الوطني والتركيز أكثر على الحالات الحرجة مع ضرورة التزام المواطنين بأخذ جميع تدابير الحيطة والحذر لأنه درهم وقاية أفضل من قنطار علاج. خامسا: تشجيع المنتوج المحلي المغربي والاستغناء عن الواردات التكميلية كالعطور أو مواد التجميل مثلا يجب أن يقتصر الأمر على استيراد المواد الطاقية أو المواد الغذائية كالحبوب... سادسا: الحكومة ملزمة باعتماد قانون مالية ينضبط ويتوافق مع أحداث المرحلة، المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة برسم سنة 2021 تجانب الواقع في بعض التوقعات خصوصا فيما يتعلق بمعدل النمو 5.4% الذي يبقى في نظرنا ضرب من ضروب الخيال. الواقعية ومصارحة المواطنين بالوضعية الاقتصادية الصعبة التي يمر منها المغرب ربما ستكون مفتاحا لتبني سياسة تقشفية يساهم في نجاحها الجميع. الحياة رغم الجائحة يجب أن تستمر والأمان النفسي والاجتماعي الاقتصادي هو الأهم والمبتغى وذلك بتظافر جميع الجهود، حكومة متزنة في اتخاذ القرارات ومواطن منضبط ومتعاون مع تعليمات دوائر السلطة حتى ننتصر على الوباء ربما غذا سنكون فخورين أمام احفادنا لنروي لهم كيف حققنا الانتصار على ضيف شبح غير ملامح وأسلوب العيش لدينا وجعلنا أكثر عزيمة في التخلي على عادات سيئة والاهتمام الكبير بالتعليم، البحث العلمي، الابتكار وتطوير مجال الصحة بوطن نعشقه ونحبه. * خبير اقتصادي