تنظم الجماعات الحضرية والقروية بمقتضى القانون رقم 7800 المتعلق بالميثاق الوطني، وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتنقسم إلى جماعات حضرية وجماعات قروية، وتسير هذه الجماعات من قبل مجلس منتخب يعرف بالمجلس البلدي في الجماعات الحضرية وبالمجلس القروي بالجماعات القروية. ويمثل السلطة المركزية الباشا في الجماعات الحضرية والقائد في الجماعات القروية والعامل في العمالة والإقليم في حين يأتي المقدم في آخر هذه التراتبية، يقتصر عمله على الدوائر التي تعين السلطات التنظيمية حدودها على أساس جغرافي واجتماعي وتربط هذه الدوائر أساسا بين الإقليم وملحقاته ويكون بالتالي التقسيم الإداري أساسي ليعمل على التنسيق بين نشاط مختلف التقسيمات الصغيرة التي تشملها . ويعين المقدم من طرف عامل العمالة أو الإقليم ويعمل داخل المقاطعات تحت إشراف ′′الشيخ′′ ويعملون معا تحت إشراف الخليفة الذي يخضع بدوره إلى الباشا أو القائد. ويبقى دور المقدم محل تضارب في الآراء مابين الاعتراف بأهمية دوره ومابين الجهل بها. فماهر دور المقدم ؟ وهل يقتصر عمله على العمل داخل المقاطعة أم يتجاوزه إلى خارجها ؟ ماهي أسباب نظرات الحقد والسخط الموجهة ضده؟ وهل تم تجاوز مفهوم سلطة السبعينيات أم مازلنا أمام أعوان ليجيدون إلا لغة التسلط والاعتداء على حقوق الغير؟ يعرف كل شخص وكل شيء حتى أطلق عليه المواطنين ′′البركاك′′ أو ′′عين المخزن′′ يحشر انفه في كل المواقع ما يجعله مصدر إزعاج للسكان. لكن طبيعة عمله من يفرض عليه كل هذا. فعمله داخل المقاطعة يجعله يحتك بمئات المواطنين كل يوم، يسلمهم الشواهد : شهادة السكنى، شهادة الاحتياج،شهادة العزوبة....... وغيرها من الوثائق ما يجعل المعلومات حول الأشخاص تتراكم في ذهنه. كما أن مجال عمله لا يقتصر على المقاطعة بل الحي أيضا فهو عين السلطات، يعلم كل ماي جري: عدد المنازل المكتراة وعدد المكترين ... يضبط حالات البناء الغير المرخص به، يخلق له أصدقاء متفرقين داخل الحي ليسهل عليه بذلك جمع كل المعلومات المطلوبة، إذ تجد معظم أصدقائه أصحاب محلات تجارية تشهد اجتماعات مسائية للعديد من سكان الحي وذلك لتبسيط عملية الاستخباراتية. يتقصى أخبار مروجي المخدرات والمبحوث عنهم ويقدم تقارير بشأنها للدائرة الأمنية التابع لها، يراقب الأحياء الصفيحة تجنبا للتوسع العشوائي لها . وكل تحركات الحي وأخباره ينقلها المقدم إلى القايد ثم من العامل إلى الوالي إلى أعلى سلطة مركزية . فهو مركز المعلومة ما يدفع الكثيرين لاعتباره من الأقطاب الرئيسية لمديرية مراقبة التراب الوطني ′′الديستي′′. مصائرنا الإدارية مرتبطة به منذ الولادة إلى الوفاة ، فالتصريح بالولادة لا يتم دون شهادة مقدم الحي، فلا يستطيع أحد أن يثبت أنه حي دون شهادة المقدم، إذ بدون موافقته يبقى وجودك على قيد الحياة مشكوكا فيه،موقع سكناك ولو كان مدونا ببطاقة تعريفك الوطنية يبقى محل نظر إلى أن يسلمك المقدم شهادة السكنى، كما لاستطيع أن تثبت وفاة أي احد من الأقارب دون توقيعه . تحركاتك ونشاطاتك إن كان مشكوكا فيها فإنك متهم إلى أن يبرئ ساحتك أمامها . وهل يستطيع أحد أن يزيد عدد دور منزله دون ضوء أخضر منه أو أن يفتح محلا تجاريا بسيطا، فذلك رهين بمساعدته وتجاهله، من كان مقبل على البيع أو الرهن أراضي فلاحيه، فلا يستطيع تجاوز وإغفال حضوره . وفي مواسم التضامن الاجتماعي فهو المقرر لمن يستحق المساعدات ويمنح حق الانضمام إلى الأفواه الجائعة لتستفيد من أكياس الدقيق وقنينات الزيت للتخفيف من حدة العوز الاجتماعي، رغم ما يؤخذ على الأغلبية منهم من أنهم يقومون بحيازة جزء ليس بالقليل من المساعدات لتوزيعها على المقربين منهم . وعلى المستوى الجماعي فمن غير المقدم يبشرنا بتواريخ وأمكنة وكيفيات مرور المواكب الاستعراضية في الأعياد والمناسبات الوطنية والدينية، كما أنه من يبلغ المعنيين الدعوة بحضور جلسات الاستماع الجماعي للخطابات الملكية في مقرات المقاطعات والعمالات والوزارات، ومن يحشد جموع المواطنين لحضور طقوس التدشينات وبروتوكولات الزيارات الدولية . وفي ضل الانتقال الديمقراطي الذي يعرفه المغرب لا يخفى على أحد الأدوار الهامة التي يقوم بها المقدم سواء في جانبها الايجابي أو السلبي من توزيع البطائق الانتخابية، إلى تشجيع الناس على الاقتراع والتصويت لهذا المرشح أو ذاك عن طريق الضغط على إرادة السكان السياسية وتوجيه اختياراتهم التمثيلية ، فمختلق هذه الخدمات التي يقوم بها المقدم تجعل علاقته بسكان الحي علاقة حميمية قد تقوم على الاحترام وتقدس مبدأ الشفافية والمصداقية حسب التربية الإدارية أو تزيغ إلى علاقة التسلط والجبروت من عون سلطة دأب منذ سنوات بعيدة على لف الحبال على الرقاب، وعلاقة المقدم بسكان الحي تختلف من شخص لأخر، فهناك من يتعامل مع المقدم معاملة حسنة وتمكنه من الحصول على كل ما يحتاجه من الإدارة سواء كان مشروعا أو غير مشروع بطرق احتيالية وذلك مقابل إكراميات تتفاوت قيمتها حسب مدى كرم المستفيد ′′الكحبة′′ فقد لا تتجاوز كاس قهوة وقد تتجاوز ذلك . وهناك من تربطه بالمقدم علاقة شد وقطع وغالبا ما تربط هذه الفئة من المواطنين ذلك برفضهم الرشوة وعدم تلاءم ذلك مع إمكانيتهم، فهو لا يفرق بين الميسور وبين المقهور بل قد لايتجرا طلب الرشوة من الميسور في حين لا يتردد في مطالبة الضعيف بها. وفي حالة الرفض لا يجد بدا من تعطيل مصالحهم بذريعة أنه لم يقم بالبحث اللازم عنهم أو بعدم استيفاء الوثائق اللازمة . ما يجعل الكثير من السكان يكرهونه ويغتابونه في غيابه، لكن في حضوره يتمسكون به ويظهرون له الولاء والاحترام وعيا منهم بنفوذه في قضاء مصالحهم أو تعطيلها. ما يجعلنا نتسأل أين هذا الشخص من الحملات الوطنية المتعددة لمحاربة الرشوة، خصوصا وان عمله أكثر احتكاكا بالمواطنين البسطاء، الذين يشتكون من الرشوة التي يقدمونها للمقدمين كلما طرقوا بابه حتى أصبحت كلمة′′ حتى حنا بغينا نشربو قهوة′′. عرفا متداولا في مختلف الأوساط رغم أن مهنته تقوم أساس على الإيثار ونكران الذات في خدمة الغير، فهذه الممارسات حقيقة كان الأجدر أن نكون قد تجاوزناها في مغرب يضع خطواته الأولى في درب الديمقراطية ويضع بصمات المفهوم الجديد لسلطة التي تقوم على التواصل والحوار مع الجميع بعيدا على السياط والتماطل في أداء الواجب . رغم أن محاسبة المقدمين على تصرفاتهم ومختلف التجاوزات التي يقدمون عليها تقتضي أولا وضع المجهر وتسليط الأضواء على الوضعية المهنية والاجتماعية لأعوان السلطة لان رقصهم فوق المبادئ والقوانين قد لا يكون طربا، فالطير المذبوح كذلك يرقص من الألم. ردادات بشرية حينما نقول ردادات بشرية، فإننا نقصد إلى توظيف استعارة بلاغية تقوم على أساس التناظر بين الرادار بما يتميز به من خصائص ومقومات كينونته الآلية . والإنسان (المقدم) بما تستلزم طقوس عمله، فمن طبيعة الآلة قوة التحمل،العمل المستدام دون تعب أو كلل، ومن طبيعتها أيضا قدرتها الفائقة على التقاط وتسجيل كل المعلومات والأحداث الصغيرة منها قبل الكبيرة. ومن طبيعة الإنسان العجز ونسبية المعرفة، لكن حينما يندرج بعض الآدميين إلى إن يكونوا آلات أكثر من الآلات ورادارات أكثر من رادارات،يشتغلون على مدار اليوم والليلة وطيلة الأسبوع، دونما كلل أو تعب . يقومون بكل الأعمال مراقبيه،تبشيرية، إخبارية ويقدمون مختلف الخدمات سواء منها ما يدعم التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بالمملكة أو ما يقف في طريق تحقيقها من عراقيل وحواجز .... ساعتها فقط تشتغل في دواخلنا هواجس السؤال، وتنفتح في النصف ملامح الدهشة. يتواجد أعوان السلطة في حياتنا اليومية بشكل قوي يساهمون في صياغة الكثير من ملامحها وتوجيه اختياراتها. فلا بد أن تنظره عيناك صباحا وهو يقوم بإحدى المهام المنوطة به، وهو آخر ما تنظره مساءا وهو يتجول لتأكد من أن الأمن يسود منطقته، فالمهام العديدة التي يقومون بها ليل ونهار تجعلنا نتسأل على مدى تناسب وضعيتهم الإدارية و الاجتماعية مع ضغط المهام ؟ نظام الموظفين المعينين بالمقاطعة تحكمه مقتضيات المواد 123 إلى 130 من الميثاق الجماعي لسنة 2002 والتي تقضي بما يلي: إن تحديد عدد المناصب المخصصة للمقاطعة وتوزيعها حسب الفئات يتم باتفاق بين رئيس المجلس الجماعي ورئيس مجلس المقاطعة وعند عدم الاتفاق يتولى تحديد عددهم وتوزيعهم بتداول مع المجلس الجماعي . أما عن قرارات تعيينهم فيصدرها رئيس المجلس الجماعي لدى رئيس مجلس المقاطعة ويتم إلغاء تلك التعيينات طبق نفس الشكليات بعد أخذ رأي رئيس مجلس المقاطعة، أما بالنسبة لرواتبهم وأجورهم، فتلحق كل سنة بمشروع ميزانية الجماعة، وتعرض على دراسة المجلس الجماعي وفيما يخص موظفي وأعوان الجماعة المكلفين بتدبير التجهيزات والمرافق التي تدخل ضمن اختصاص المقاطعات، فان المادة 125 من الميثاق الجماعي تجعلهم في وضعية مؤقتة في وظائفهم إلى أن يتم اتحاد القرارات الفردية لتعيينهم ما يجعلهم خارج إطار الوظيفة العمومية إذ يخضع جميع الموظفين العاملين في الدولة بالمغرب للقانون الخاص بالوظيفة العمومية المؤرخ في 24 فبراير 1958 بالإضافة إلى النظام الأساسي العام هناك نظم أساسي خاص بمختلف موظفي الإدارة العمومية لكن هذا النظام لا يخرج عن الإطار العام للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية . ولتحديد أولئك الذين يدخلون في هذا الإطار فالقضاء الإداري المقارن عرف الموظف بأنه كل شخص يعمل في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو احد أشخاص القانون العام بطريقة مباشرة، بصفة دائمة، وبشرط أن يصدر في تعيينه قرار من السلطة المختصة ، في حين يعرفه القانون المغربي بأنه يعد موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة و يرسم في إحدى السلم الخاص بأسلاك الإدارة النابعة للدولة . والقانون المغربي يضفي دلالة أكثر ضيقا من تلك التي يضفها عليه القانون المقارن، ما يجعل الأعوان العموميين خارج مفهوم الموظف وان كان يعمل في كثير من خصائصه من حيث علاقته بالدولة، أو خضوعه للقواعد الأساسية التي تحكم سير المرفق العام. فهو مثل الموظف لا ينشىء له مركز تنظيمه ولا قرارات تعيينه مركزا ذاتيا خاصا فالمركز موجود بمقتضى القوانين واللوائح وسابق على قرارات التعيين كما أنهم يخضعون لقواعد معينة سلفا، ليس لهم أي دخل في وضعها أو تحديد مضمونها، فالسلطة العامة وحدها تملك الحق في وضع هذه القواعد وتحديد ما تمنحه لهم من حقوق، وما تفرضه عليهم من التزامات، وليس لهم الحق الاعتراض أو الاحتجاج بحقوق مكتسبة أو المطالبة بتعويض عما أصابهم من ضرر، وذلك تطبيقا لمبدأ المشروعية، لأنهم ملزمون بتحقيق مبدأ سير المرافق العامة بانتظام أو اطراد مع ما يتأسس عليه هذا المبدأ من قواعد منها قاعدة تحريم الإضراب على عمال المرافق العامة، تجاوبا مع اختيارات السلطة . وإذا نظرنا بكل شفافية وبدون حقد إلى وضعية المقدم بين القوانين و القرارات الإدارية فانه لا يحظى بأية التفاتة قانونية من طرف المسؤولين ، فالمقدم يتعامل بالدرجة الأولى وبشكل مباشر مع القايد، فنجدها علاقة تتخللها اجتماعات دورية وضرورية وأخرى تعقد بشكل استثنائي ويخضع لإملاءات من سلطات عليا،أو نتيجة لظروف أمنية أو سياسية،كالانتخابات أو لتشديد المراقبة والمتابعة لبعض الأفراد المشتبه في سلوكهم، بالإضافة إلى الاجتماعات اليومية في آخر كل يوم والتي تعقد بشكل سري مع القايد، في حالة ما إذا كان الظرف طارئا، وكل هذه المهام تدخل في إطار المجهودات الكثيرة التي يقوم بها بعيدا عن مقر العمل، وفي المقابل لا يتقاضى إلا راتبا هزيلا يتحدد في 1700 درهم شهريا فوضع حجم المهام والراتب في كفتي الميزان سيرجح كفة المهام بشكل كبير، فهل هزالة الراتب ترجع إلى علم المسؤولين بالطرق الغير المشروعة التي قد يلجأ إليها المقدم لزيادة دخله؟ أم هي مجرد تهاون وتقصير وإهمال في حق هذه الفئة المواطنة العاملة ؟ فربط هزالة الراتب بالرشوة التي قد تخفف من حدة هزالته لا يبرر ذلك، فالمسؤولين الكبار لا يخلو تاريخهم من تجاوزات رشاوى بسيطة لا تسد ولا تغني من جوع ومع ذلك لم يتم تقليص رواتبهم بل على العكس فهي في ازدياد مضطرد. في حين المقدم ومنذ عهد الاستعمار إلى الآن في أدنى مراتب التشكيل التراتبي لموظفي الجماعات، فالمقدم باعتباره عون السلطة يقوم بمهام كثيرة في إطار مساعدة الهيئات القضائية، فإذا كان يعتبر أداة لينة ووسيلة فعالة بين رجال السلطة والمواطنين، فانه بدوره يعاني من مشاكل إدارية واجتماعية وقانونية، فمن خلال الأعمال التي يقوم بها والأوامر التي يجب أن ينفذها يتعرض لإهانات واشتباكات مع المواطنين بحكم الحساسية التي يتعاملون بها مع المقدم. وقد يتعرض أعوان السلطة أحيانا لمواقف حرجة لا يحسدون عليها حينما يطلب منهم الإدلاء بالبطاقة المهنية التي تؤكد صفتهم كأعوان لسلطة رغم أنهم من أكثر الأشخاص حاجة إلى هذه البطاقة . ومن حق المواطنين مطالبتهم بذلك خصوصا وأننا في عصر كثرت فيه الإحتيالات والإنتحالات . زيادة على أنهم قد يتعرضون للطرد لأدنى سبب ولمجرد غضب مرؤوسهم منهم ما يؤكد من الناحية القانونية أن هذه الوظيفة غير مقننة وغير معترف بها. ويشتغل المقدم بحسب التركيبة الجغرافية والحضارية للمملكة في مجالين جغرافيين، مجال المدينة، ومجال القرية. فيصطلح على الأول مقدم حضري والثاني مقدم قروي ويمتاز الحضري عن القروي ببعض الامتيازات الطفيفة كحصوله على مبدأ التقاعد . إن الوضعية الإدارية للمقدم وحجم المهام والخدمات الملقاة على عنقه وهزالة التعويضات الشهرية إن لم نقل انعدامها رغم ساعات عمله الطويلة ليل نهار، بحيث تكون له مداومة نهارية في نهاية الأسبوع وأيام العطل ومداومة ليلية مرة في الشهر و عدت مرات داخل المقاطعة، وعدم إدماجه في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إضافة إلى تعامل السلطة القاسي معه ونظرة المواطنين الحذرة منه، يجعله رغم ما يقال عن استنزافه لجيوب المواطنين واستغلاله لآلامهم ومحنهم ، واسترزاقه من دموع بعضهم يظل مواطنا يحتاج إلى الرحمة والرعاية بمعناها المطلق ماديا وروحيا. فأمام الأدوار الخطيرة التي يقوم بها أعوان السلطة في حياتنا الفردية والجماعية ووعيا بوضعيتهم الغير المستقرة والمهددة تجعلهم يفكرون في ضمان مستقبلهم بأية طريقة كانت والأسهل لهم الطرق الملتوية والغير المشروعة .ففي ظل هذه الوضعية وفي إطار السياسات الرامية لتخليق الإدارة ولإخراج أعوان السلطة من كنف الممارسات التقليدية المتوارثة، وكما تم رفع العديد من الرهانات لخلق مجتمع ديمقراطي ينبغي على كل مشروع لإصلاح الاداراة إن يتم اعتبار المقدم عنصر أساسيا بل وقطب الرحى في بلورة عملية الإصلاح لأنه وجه السلطة الذي يسكن أزقة المدن ومنعرجات شوارعها للرقي به إلى مقدم معاصر يواكب التطورات التي عرفها ويعرفها المغرب في العديد من المجالات، فهذا البنك من المعلومات الخاصة بالمواطنين لازال يعتمد الوراقة والقلم رغم كثرة ودقة المعلومات أو حتى على ذاكرته في حالة تصنيفه في دائرة الأميين هذه الذاكرة التي لم تتمكن من استيعاب كل المهام،فهذه المهنة أكثر إلى استخدام الحواسيب لجعلها أكثر فاعلية وجعل ممتهنيها أكثر خلقية لتخفيف بعض الأعباء عنهم خصوصا وأننا في عصر تحكمه العولمة وتؤطره التكنولوجيا ما يحتم علينا التفكير في أساليب جديدة لممارسة مهنة المقدمين بدءا بتحسس وضعيتهم المالية والوظيفية وإدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية وتعويضهم عن ساعات العمل الإضافية والإجازات السنوية وتمكينهم من الاستفادة من نظام التامين فضلا عن إدماجهم في نظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومنحهم بطاقة عمل تثبت انتماءاتهم لتسهيل وظيفتهم. كما ينبغي العمل على إدخال هذه المهنة في إطار الإصلاحات الإدارية والتطورات الراهنة كجعل المنصب يخضع لشروط إدارية واضحة مثل توفر مستوى معين من التعليم، والاستفادة من دورات وإدخال آليات التشغيل الحديثة كالإعلاميات التي أصبحت مهمة وناجحة في تحقيق التواصل وتسهيل الخدمات لاسيما وأننا في عصر سمته الأساسية أن الكون أمسى بلا حدود، حيث انتشرت الطفرة المعلوماتية، وارتسمت بين أعين الآدميين، في كل الأقطار ملامح الكونية ومخايل العالمية بما تنتظمه من قيم روحية ومادية وما تحتويه من تجارب ومعارف