في رسالة إلى ناصر بوريطة.. النيجر تشيد بالمبادرة المغربية لتعزيز الحوار والاستقرار في إفريقيا    بوركينا فاسو، الغابون، والنيجر يشيدون بالمبادرة "النبيلة" لتعزيز الحوار البناء والمستدام على مستوى القارة الأفريقية    في رسالة إلى بوريطة.. بوركينافاسو تشكر المغرب على دعمها في رفع تجميد عضويتها في الاتحاد الإفريقي    المنتخب المغربي يهزم تانزانيا … بدون إقناع … !    تنقيط أداء لاعبي المنتخب الوطني المغربي بعد الفوز المثير على تنزانيا    تصفيات المونديال.. فلسطين تهزم العراق وتعزز آمال الأردن    المغرب يتخطى عقبة تانزانيا ويقترب من مونديال 2026    الركراكي يعلن التشكيلة الرسمية للمغرب أمام تنزانيا في تصفيات المونديال    شكوى حقوقية حول إصابة طفلة بفيروس الإيدز إثر عملية أذن في مستشفى جامعي    الركراكي: التأهل للمونديال أصبح اعتياديًا.. وهذا دليل قوة الأسود    أمطار مارس تنعش زراعات الشمندر وقصب السكر بجهة الشمال وتغطي أزيد من 9 آلاف هكتار    بالأسماء والمسارات: هذه لائحة الطرق العامة التي ستُوسَّع بمدينة طنجة لحل مشاكل الازدحام (خرائط)    دراسة صادمة: العلكة تملأ فمك بالبلاستيك دون أن تدري!    المركز الثقافي الروسي يبرز نضال الجنود السوفييت والمغاربة ضد النازية    نشر القانون التنظيمي للإضراب في الجريدة الرسمية    المغرب بمجلس الأمن ينتقد انتقائية الجزائر بشأن المينورسو وحقوق الإنسان    المغرب وإسبانيا بينهما أفضل مناخ للتعاون على الإطلاق وفق وزير الخارجية الإسباني    تطوان: توقيف شخصين تورطا في نشر أخبار زائفة ومحتويات رقمية تحرض على تنظيم الهجرة غير المشروعة    الأرصاد الجوية: استقرار أجواء الطقس بالمغرب سيتم تدريجيا خلال الأيام المقبلة    تبرئة رئيس الفيفا السابق بلاتر وبلاتيني في قضية فساد    ميناء طنجة المتوسط يتقدم في الترتيب العالمي للموانئ    توقيف مواطن فرنسي مبحوث عنه دوليًا في طنجة    ألمانيا تسحب شحنة فلفل مغربي لاحتوائها على كميات مفرطة من مبيدات حشرية    بنموسى: المندوبية السامية للتخطيط ستجري بحثين وطنيين حول استعمال الزمن والأسرة في 2025    أداء سلبي ينهي تداولات البورصة    تعادل ثمين لمنتخب الأردن في كوريا    الدورة الثلاثون للمعرض الدولي للنشر والكتاب فضاء لمواصلة السعي الواعي إلى النهوض بالكتاب والقراءة (بنسعيد)    ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة إلى 792 قتيلا، والاحتلال الإسرائيلي يخطط لهجوم بري كبير    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    اكتشاف سلالة مغربية من "بوحمرون" في مياه الصرف الصحي ببروكسل    الدورة العشرون للمهرجان الدولي للرحل.. محاميد الغزلان تتحول إلى ملتقى عالمي يجمع الفنانين    الأطر الصحية بمراكز طب الإدمان بجهة طنجة تتخوف من عودة انقطاع "الميثادون"    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية اليونان بمناسبة العيد الوطني لبلاده    مشاهد جريئة تضع مسلسل "رحمة" في مرمى الانتقادات    عندما يعزف الشيطان: فصول الجابي !    بعد تداول تصريحات منسوبة إليه.. عمرو موسى يوضح موقفه من المغرب وينفي الإساءة    حوض سبو.. نسبة ملء السدود تفوق 50 في المائة إلى غاية 25 مارس    يا رب أنا جيتلك.. جديد سميرة سعيد    واشنطن تتباحث مع كييف في الرياض    الكوميدي "بهلول" يطلب دعم الفنانين لتسديد شيك بدون رصيد    دراسة: الخلايا السرطانية تتعاون من أجل البقاء على قيد الحياة    تركيا.. القبض على 41 متهماً ب"شتم أردوغان وعائلته"    الوزيرة السغروشني: التحول الرقمي في التعليم يحتاج إلى تعبئة جماعية وتنسيق فعال    أسعار الذهب تتراجع مع صعود الدولار لأعلى مستوى منذ أكثر من أسبوعين    "تراث المغرب".. سلسلة وثائقية لتثمين الموروث الثقافي للمملكة    زلزال عنيف بقوة 6,7 درجات قبالة سواحل الجزيرة الجنوبية بنيوزيلندا    الاتحاد الأوروبي يعزز الدعم العسكري لموريتانيا في إطار مكافحة تهديدات الساحل    الصين وتايلاند يجريان تدريبات بحرية مشتركة    أوراق من برلين .. رسالة فرانز كافكا: جروح قديمة ما زالت تنزف    اكتشاف جديد يحدد الأجزاء المسؤولة عن تذكر الكلمات في الدماغ    ملياري شخص غير مشمولين في إحصاءات عدد سكان الأرض    نهاية سوق پلاصا جديدة بطنجة    بعد 17 شهرا من الزلزال... النشاط السياحي في "الحوز" يتحسن ب48 في المائة بداية 2025    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    المجلس العلمي يحدد قيمة زكاة الفطر بالمغرب    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفلا قرآنيا لتكريم الفائزين بالمسابقة القرآنية المحلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النرسي: الحجر الصحي حوّل بعض البيوت من فضاء حميم إلى مصدر للألم
نشر في العمق المغربي يوم 30 - 06 - 2020

أشارت الدكتورة الباحثة نجاة النرسي في مستهلّ محاضرتها التي خصّت بها حلقات "أكورا للثقافة والفنون"، إلى أن موضوع العنف ضد النساء يشكل محور نقاش على المستوى الدولي خلال هذه الظرفية، إذ يكتسي هذا العنف صبغة كونية ويحضر بشكل قوي في الخطابين السياسي والإعلامي مؤخرا.
أرقام وتقارير
وأوردت الأكاديمية المغربية المهتمة بالعلاقة بين المؤنث والمذكر والمسألة النسائية والجندرية، معطيات وتقارير توضح حقيقة العنف الممارس على النساء خلال الحجر الصحي دوليا، قبل أن تنتقل إلى الشأن الوطني، مستندة في البداية إلى نداء الأمين العام للأمم المتحدة الذي دعا فيه إلى إرساء السلم في البيوت، وحماية النساء من العنف المنزلي.
كما ذكرت الكاتبة والمترجمة أنه في كندا مثلا، تلقت إحدى الجمعيات النسائية الكبرى 40 مكالمة خلال يوم 16 أبريل مقابل 170 مكالمة خلال شهر مارس بأكمله، وفي فرنسا تصاعد الإبلاغ عن حالات العنف المنزلي خلال الحجر الصحي، وهو ما ينطبق على إيطاليا، حيث أحصت وزارة الداخلية 11 جريمة قتل في 11 أسبوعا من الحجر، وقد ازداد هذا العنف في بعض الدول الأوربية بنسبة 30% تقريبا.
وأضافت الباحثة والمترجمة أنه على الصعيد العالمي، كان للحجر الصحي الفضل في فضح العنف الذي تتحمله العديد من النساء في منازلهن، مشيرة إلى أن ذِكرَها لهذه الأرقام المرتبطة بدول غربية ليس عبثا؛ دولٌ من المفترض أنها قطعت أشواطا طويلة في حماية حقوق النساء، ما يبرهن على كونية هذه الظاهرة وتجدرها في الممارسات اليومية للمجتمعات.
ثم انتقلت الدكتورة النرسي إلى الحديث عن المغرب، حيث أصدرت رئاسة النيابة العامة دورية ذكرت فيها تسجيل ما مجموعه 892 شكاية تتعلق بالعنف ضد النساء في الفترة ما بين 20 مارس و20 أبريل، في حين تم تحريك الدعوة العمومية في 148 قضية فقط، وخلُصت الدورية، حسب النرسي، إلى أن عدد المتابعات من أجل العنف ضد النساء، قد انخفض عشر مرات مقارنة بالأيام العادية.
بالمقابل، توضح مؤلفة كتاب "تحولات أسطورة أونمير: الإنتاج، التلقي والتخييل"، أن للجمعيات النسائية المشتغلة بالميدان رأي آخر، إذ سجلت مثلا إحدى الجمعيات النسائية في بلاغ لها، أنها استقبلت عبر الخطوط التي وضعتها رهن إشارة النساء المعنفات خلال الفترة الممتدة بين 15 مارس و15 ماي، 514 اتصالا هاتفيا للتصريح بالعنف.
واستشهدت الباحثة بمعطيات البلاغ الذي صنف أشكال العنف المصرح به كالآتي: العنف النفسي 49%، العنف الاقتصادي 27,3%، ثم العنف الجسدي بنسبة 16,5% بالإضافة إلى بعض حالات العنف الجنسي والاغتصاب والطرد من بيت الزوجية، ما تطلب التدخل لتوفير خدمة الإيواء لتجنيب بعض النساء المبيت في العراء.
ونبّهت عدة جمعيات، تقول النرسي، في رسالة إلى وزيرة المرأة والتضامن و وزير الصحة، إلى أن معدل العنف ضد النساء جد مرتفع ومن المرجح أن تزداد وتيرته تصاعدا بسبب التوترات التي بدأت تظهر جليا داخل الأسر نتيجة الضغوطات النفسية المرتبطة بالحجر الصحي.
كما أشارت إلى تسجيل عدة حالات استغل فيها بعض الأزواج هذه الظرفية من أجل ممارسة الضغط النفسي والإكراه الجسدي لإجبار زوجاتهن على التخلي عن حقوقهن.
يحتوي البيت، وفق رأي الأستاذة النرسي على الشحنة العاطفية الضرورية لتوازن الإنسان، إنه مكان للاستثمار النفسي، هذا الفضاء الحميم، تحول خلال الحجر إلى مكان للتهديد واستهداف سلامة بعض النساء الجسدية والنفسية، يُنتهك فيه حقهن في الاحترام والكرامة والحماية. وبالتالي يتحول الفضاء الحميم إلى مصدر للألم عند بعض النساء.
شرعنة الهيمنة ولغتها
أكدت الدكتورة نجاة النرسي في عرضها الذي لقي تفاعلا من المتابعين، أن التطلع إلى مجتمع العدالة والإنصاف، حيث الحميم لا يشكل موقع تهديد للنساء، يستلزم إرادة سياسية يرافقها عمل تربوي عميق، يقوم على إشراك المجتمع بأكمله في إحداث تغيير في لغة الهيمنة، والربط بين اللامساواة في العمل واللامساواة في البيت، إضافة إلى الاشتغال على العدة المفاهيمية للهيمنة، وإلى لغتها التي تخترق المقررات الدراسية والمواعظ الدينية ووسائل الإعلام والأفلام والمسلسلات والإعلانات وشبكات التواصل الاجتماعي...
في هذا الإطار، عادت المحاضِرة إلى نظرية "التباين التفاضلي بين الجنسين "La valence différentielle des sexes لصاحبتها فرنسواز إيريتيي _وهي النظرية التي تؤسس التراتبية بين الجنسين منذ العصر البدائي_كأفق للإجابة عن هذه الأسئلة وتفسير ظواهر استمرارية الهيمنة الذكورية التي تبرر العنف وتشرعنه.
"فمنذ العصر الحجري القديم، تم وضع ثلاث قواعد كبرى، تسندها قاعدة رابعة تتعهد بإحكام إغلاق النسق، وهي الأسس التي تشكل خلفية تنظيم العلاقة بين المؤنث والمذكر" تقول الباحثة.
وهذه القواعد هي: الحيلولة دون تمتع النساء بالحق في حرية التصرف في أجسادهن ومنع النساء من الوصول إلى المعرفة ومنعهن من الوصول إلى السلطة. والرابط بين كل هذا هو الإرساء التدريجي للغة الهيمنة التي تمر عبر الازدراء والتحقير والتنقيص، أي ما يطلق عليه عموما الصور النمطية، أو الأحكام المسبقة، أو الكليشيهات، وهي صور نمطية لا تنمحي لأنها بنيوية ومهيكلة لتفكيرنا في المذكر والمؤنث وخصائصهما، إنها لغة الهيمنة عينها.
وأشارت الباحثة إلى أن كل المجتمعات الإنسانية قدمت تعريفا للمذكر والمؤنث في النظام المفهومي، بالاستناد إلى مقولات ذهنية ثنائية ومتباينة، مثل: الأعلى والأسفل، الحار والبارد، الجاف والرطب، الثقيل والخفيف، الخشن واللطيف، القوي والهش... هذه المقولات المجنسنة هي، علاوة على ذلك، تراتبية، بحيث إن المقولة الإيجابية، في جميع الثقافات، هي تلك التي تناسب المذكر، أما المقولة السلبية فتفرد للمؤنث. ويمكن أن نضيف هنا ما اصطلحت عليه فرانسواز ايريتييه كذلك باللغة الثنائية أو ثنائية اللفظ langage dualiste، هذه اللغة التي اعتبرتها إيريتييه في كتابها "الذكورة والأنوثة، فكرة الاختلاف"، أساس كل منظومة للتمثلات.
إن التباين التفاضلي هو نموذج معرفي قوي للغاية، توارثته الإنسانية بواسطة التربية عبر الأجيال، وتشبعت النساء طريقته في التفكير، وأصبحن يسهمن في استدامته واستمراريته، وهنا يمكننا أيضا أن نُدرج مبدأ التعود habitus بتعبير بورديو،حيث يرى هذا الأخير أن "بنيات الهيمنة هي نتاج لعملية إعادة الإنتاج بشكل لا يتوقف، يساهم فيها مختلف الفاعلين: الرجال (بأسلحة كالعنف الجسماني والرمزي) والنساء اللواتي هن ضحايا لا واعيات بتعودهن (leurs habitus) ، ثم المؤسسات، وهي الأسرة، المدرسة والدولة.
يشار إلى أن المحاضرة المذكورة، ألقتها نجاة النرسي الأستاذة بجامعة الحسن الثاني ومنسقة ماستر النوع الاجتماعي، الخطاب والتمثلات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، في إطار حلقات أكورا للثقافة والفنون، مساء الثلاثاء 23 يونيو الجاري، عبر منصة الفيسبوك، وحملت عنوان: "الحميم والألم: تأملات في العنف ضد النساء خلال الحجر الصحي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.