لما بدا وباء كوفيد 19 ظهوره ، بدا كداء غامض وقاتل وجد حصريا في منطقة ووهان الصينية ثم بعد ذلك انتشر كالنار في الهشيم فغزا واستولى على كل دول وقارات العالم فأصاب الملايين من البشر بعدواه وقضى على حياة عشرات الالاف منهم لحد الساعة ، كما فرض الحجر والسجن المنزلي على ما يقارب من اربعة ملايير من ساكنة الارض ، ونسبة مهمة من هذه الكتلة البشرية تعاني من اثار نفسية مدمرة…نساء واطفال وشيوخ يشعرون بانهم قد يموتون بسبب هذا الوباء . وبعد مرور ازيد من ستة اشهر من ظهور فيروس كوفيد 19مايزال اصل هذا الفيروس سرا من اسرار المختبرات العلمية والطبية في الصينوالولاياتالمتحدةالامريكية و فرنساوالمانيا… ووكالات المخابرات للدول العظمى ؟ لأنه لا يهدد السلامة الصحية للبشر- فقط – بل يهدد العمران البشري . فمن يملك التفسير العلمي الكامل لهذا الوباء ويملك علاجه قد يملك مصير العالم وقد يغتني من الوباء ؟؟؟ هناك حقائق وهناك مغالطات وهل هناك ” اصول سرية ” لكورونا مع شكوك عن نظريات المؤامرة جعلت العالم كله يطرح تساؤلات محيرة ومقلقة: هل هناك علاقة بين هندسة الجينات ووباء كورونا ؟ هل كورونا الصيني من نفس شاكلة كورونا الامريكي والاوربي …وهل لهذا الفيروس بصمات خاصة في كل بلد وقارة ؟ ما العلاقة بين التجارب الطبية والحرب البيولوجية ؟ ان الخلط بين الحقائق والمغالطات عن هذا الفيروس كان ظاهرا منذ البداية خصوصا وانه جاء في عز الازمة الاقتصادية والديبلوماسية بين النسر الامريكي والتنين الصيني فتصاعد العداء واعادت الحرب ” الباردة ” في ثوبها الاقتصادي والتجاري بين القوتين العظمتين لتشمل الحرب بين الشركات (هواوي) والمؤسسات والمختبرات وتوالي الاتهامات والاتهامات المضادة بالسرقة “الموصوفة” للمنتجات الامريكية مع استنساخها واعادة تسويقها عالميا “بشهادة ” ملكية ” صينية ، لكن حين ظهر فيروس كوفيد 19 لأول مرة في احدى مقاطعات الصين قامت الولاياتالمتحدةالامريكية بحملة مسعورة ضد خصمها الاقتصادي واعتبرت هذا الوباء نتاج البحث السري في الحرب البيولوجية وارجعت – صناعته – الى احدى المختبرات في ووهان ، واسقطت عليه اسما مقرونا ببلده الاصلي ” كورونا الصيني ” ؟؟؟؟ ان ما يحصل اليوم كان قد حصل بالأمس القريب مع امراض واوبئة جائحة ( الايدز بين رواية المنشأ الإفريقي و رواية المنشأ الامريكي او المنشأ المختبري ؟؟) ، وما يحصل اليوم كان قد حصل بالأمس في صناعة التقنية الحيوية وصناعة الادوية و الصراع من اجل السبق التجاري في انتاج اللقاحات … لا يمكن ان ننسى ان نقول بان هناك صلة وثيقة بين ظهور الهندسة الجينية وعملية خلط الفيروسات في اوائل السبعينيات من القرن العشرين وبين تفشي فيروس نقص المناعة في الثمانينيات، هذه الصلة التي تتكرر فتشكل العديد من ” الامراض المستجدة ” تسببها ” فيروسات جديدة ” مازالت مستمرة حتى وقتنا الحالي ولن تكون كورونا اخرها . ان فكرة صناعة الانسان لمرض كورونا تبدو على انها اعتقاد خاطئ وغير سليم وناجم عن نزعة من جنون الشك والارتياب فما المبرر للعلماء للإتيان بفيروس يقتل الملايين من الناس ؟ في الماضي هناك من قال بوجود صلة للتلاعب المخبري بالريتروفيروسات عند الحيوانات في سبعينيات القرن الماضي مع تفشي مرض الايدز ؟ ولوحظ ان هذه الريتروفيروسات موجود عادة في جينات الكثير من الخلايا الحيوانية كما ان باستطاعة المختبرات التلاعب به لتنتج تأثيرات ضارة على نظام المناعة ، وتصنع بالتالي لقاحات وادوية قد تجني منها فوائد مادية واقتصادية وسياسية وعسكرية . ولقد اشارت العديد من الصحف الامريكية نقل الرئيس الامريكي نيكسون جزءا من وحدة الحرب البيولوجية من مدينة فورت ديتريكFort Detrick بولاية ميريلاند MaryLand الى معهد السرطان الوطني مما سمح لتجارب الحرب البيولوجية السرية ان تتم تحت غطاء بحث سرطان حقيقي وهذا ما سبب في توتر وقلق بين المؤسسات الجامعية ومعاهد البحث العلمي من جهة وبينها وبين المختبرات التابعة للقطاع العام او الخاص من جهة اخرى وسمح بعقد مؤتمر تاريخي في اسيلومار بكاليفورنيا عام 1973تحت عنوان ( المخاطر البيولوجية في البحث البيولوجي) لقد استقطبت صناعة التقنية الحيوية منذ نشوئها استثمارات بملايير الدولارات ، كان الدافع وراء الكثير من هذه الاستثمارات هو ان التقنية الحيوية يمكنها ان تغير وجه الرعاية الصحية وكان المأمول منذ البداية ان هذا الفرع الجديد من العلوم – الموظف في الاشكال الجديدة من المشاريع التجارية الاستحداثية التي كانت تسهم بصورة كبيرة في تقدم العلوم الاساسية – سيطلق ثورة في العلاج بالعقاقير ولأنها لم تكن تعاني من اعباء التقنيات والاشكال التنظيمية التقليدية الخاصة بعمالقة شركات الصيدلة القائمة ، فان هذه المشاريع التي تتميز بالمرونة والتركيز وتضع العلم في صلب عملها سترفع الحواجز الفاصلة بين العلوم الاساسية والعلوم التطبيقية وستولد جملة من العقاقير الجديدة هذه العقاقير ستولد ارباحا كبيرة وسيحصل المستثمرون على عوائد مجزية . تجارة العلم – غاري بيسانو – ترجمة محمد مجد الدين باكير فهل بمقدور المؤسسات التي يحفزها دافع الربحية وارضاء حملة اسهمها ان تنجح في اجراء البحوث العلمية الاساسية جاعلة منها نشاطها الاساسي ؟ في السنوات الماضية ولفترة طويلة كانت مشاريع البحوث الاساسية بيد الجامعات والمعاهد العليا ومؤسسات الابحاث العلمية غير الربحية – هذا في نظر البعض- مما يحد من الاكتشافات وبالتالي يعيق التقدم العلمي وليطرح سؤال اخر لقي تجاهلا واسعا من طرف القائمين على المشاريع البحثية ولا يزال مطروحا وهو: هل يمكن ان يتحول العلم الى تجارة رائجة ؟ ان مشهد واقع الصناعة اليوم يبشر بان ثورة صناعة العقاقير ستصيب نجاحا هائلا ، اذ على امتداد السنوات الماضية اجريت بحوث مكثفة على استراتيجيات التقنية الحيوية وحدث تطور هائل على قطاعات الصيدلة وهياكلها وادائها وتطورها . لكن الية تمويل المشاريع في الصناعة الدوائية تتعارض مع الجدول الزمني الطويل الامد الذي تستغرقه عمليات البحوث والتطوير اللازمة لإنتاج لقاحات و عقاقير جديدة … وعلى سبيل المثال تجرى الان اختبارات سريرية على مرضى كوفيد 19 وكل مختبر او مركز بحث يبشر بإيجاد دواء او صناعة اللقاح الذي سيقضي على الوباء في اقرب الآجال اما عند نهاية السنة الحالية او بداية السنة المقبلة ولذا تجرى الاختبارات السريرية على متطوعين لتجريب هذه اللقاحات والامصال والعقاقير على اجساد هؤلاء المرضى المتطوعين و تتم هذه العمليات بسرعة فائقة بعد ان وضعت لها حكوماتها ميزانيات ضخمة حتى تفوز بصفقة القرن وببراءة الاختراع إإإ؟ ان المختبرات العالمية في المانياوالولاياتالمتحدة وروسيا والصين وغيرها في سباق محموم والعالم ينتظر بشوق ولهفة من سيفوز ومن سيستحوذ على السوق … وهل هذا يعني ان العلم سيتحول الى تجارة ؟ وهل سيفرغ هذا العلم والاختراع الذي تنتجه المختبرات العلمية الجامعية والاكاديمية في شكل سلع تجارية ؟ ولقد اكد الكثير من العلماء والباحثين والمفكرين ان الاكتشافات العلمية في مجال الطب والصيدلة وفي مجالات اخرى ( يمكن ان يساء استخدامها .. وسيترتب عليه دمار كبير للإنسان . وتستحيل الحيلولة دون استفحال هذا الخطر طالما ظلت المصالح الصناعية مطلقة الحرية في استخدام الاكتشافات النظرية الجديدة كما تشاء . ويجب ان يتوقف الربح المادي عن تحديد المجالات التطبيقية للبحث العلمي ..) اريك فروم . انه يجب فصل البحث العلمي في المجلين الطبي والصيدلي عن تطبيقاته في الصناعة وعدم تسويقه كسلع تجارية حتى لا يتحول الوباء الى تجارة وتتحول التجارة الى وباء .