يعيش عشرات المهاجرين في مدينة مراكش وضعا صعبا بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، ولم يتم لحد الآن اتخاذ أي إجراءات لحماية الفئة من الإصابة بالفيروس، أو العمل على توفير فضاءات لإيوائهم وتقديم وجبات غذائية لأطفالهم بعد انعدام مدخولهم. معاناة البعض منهم كانت قبل إعلان وضع الطوارئ، وبطبيعة الحال ستتفاقم خلال هذه الفترة، لأن مخططات الدعم المؤقت المعلن عنه لا تشملهم، ولا توفر لهم الحماية الاجتماعية والعناية الصحية المطلوبة. أم رحيمة “لم يعد أحد ينزل زجاج سيارته لتقديم مساعدة مادية أو عينية لهم، فالكل متوجس من الكل، ولا أحد يستطيع الاقتراب من الآخر”، هكذا علق مواطن لجريدة “العمق” عن حالة المهاجرين الأفارقة بمدينة مراكش، وأضاف “تجدهم يتبعون السيارات وراكبيها بأعينهم دون حركة، خوفا وتحرجا من ردة فعل غير معروفة”. تقول إحدى المواطنات التي التقتها الجريدة، “وضعية المهاجرين الأفارقة تشغل بالي كلما تذكر أبنائي المقيمين بالديار الأوروبية، بل أتذكر أول أيامهم لما هجروا بشكل سري، لذلك أقوم كلما سمحت لي الظروف بجلب مأكولات لهم، أبحث عن تجمعاتهم وأقدم لهم أطباقا بسيطة تسد رمقهم، وهذا أقل واجب يمكن أن أقوم به كأم ومواطنة مغربية”. تجمع بشري كانوا سابقا يتفرقون بين إشارات المرور مستغلين وقوف السيارات لثوان معدودة، لعلّ قلوب الناس ترأف لحالهم. ربما كثير منا ندم بعد تجاوزه لإشارة المرور على تجاهل تسولاتهم. وآخرين تجدهم في الأسواق وبعض أوراش البناء يشتغلون مقابل أجرة يوم قد لا تتجدد. الآن، وبعد أزمة كورونا، عدد كبير من مهاجرين جنوب الصحراء رفقة عائلاتهم، نساء وأطفال صغار، يتجولون بأهم شوارع جيليز، بل منهم من اتخذ من جنبات المعهد الفرنسي مكان للإيواء، بدون مأكل ولا مشرب، لأن ظروفهم أصبحت مزرية بعد توقفها عن العمل وتوقفت معها الأيادي الرحيمة عند إشارات المرور. مطالب بالتدخل من جهتها طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة، كل الجهات المسؤولة بالتدخل الفوري والعاجل لوضع حد لمعاناة المهاجرين الأفارقة بمراكش، عبر تمكينهم من الإيواء والتغذية والمراقبة الصحية، وإخضاعهم للحجر، في شروط تصون كرامتهم الإنسانية وحقهم في العيش بأمان. وقالت الهيئة الحقوقية المذكورة، في بلاغ لها حول وضعية المهاجرين الأفارقة، “إنه ومع سريان حالة الطوارئ الصحية، فالعديد منهم بدون مأوى وبدون عمل، ولم يعد بامكانهم توفير أدنى شروط العيش”. واجبات كونية ذات الهيئة دعت جميع المتدخلين من سلطات محلية ومنتخبين ومؤسسات رسمية، إلى الإسراع باتخاذ ما تمليه القيم والواجبات الإنسانية، تماشيا مع التزامات الدولة في مجال حقوق الإنسان خاصة بالهجرة واللجوء، ومع الخطابات الرسمية، لإيجاد حل استعجالي لاخوتنا المهاجرين الافارقة جنوب الصحراء، حفاظا على سلامتهم وأمنهم من الجائحة. وأضافت، يجب تمتيعهم كذلك بخدمات الحماية من فيروس كورونا عبر إدماجهم في كل مخططات الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية، دون تمييز أو وصم بظروف الحماية الانسانية في هذه الظرفية العصيبة، ضمانا للحقوق تفعيلا لإنجاح الحجر الصحي السليم والوقائي من انتشار الفيروس”.