أغلقت أماكن العبادة أبوابها، ومنعت الصلاة جماعة، وأغلقت كل الطرق المؤدية إلى “مكة المكرمة”. هرب الأطباء من القيام بواجبهم المهني الذين قام بتأدية عليه قسم “أبقراط”، وأقسموا أنهم لن يخونوا جسد المواطن كيفما كانت الأمراض التي تتربص به، وأغلقت المدارس والجامعات، حتى السرير الذي كان يجمع لحظات حميمية بين الأزواج، أعلن عن عدم قيامه بممارسة عادته اليومية، حتى المؤسسات الدستورية من سلطة تشريعية إلى السلطة التنفيذية مرورا بالقضائية، أعلنوا عن تعليق جلساتهم خوفا من مقصلة “كورونا”، التي لم تفرق بين الراعي والرعية، وبين صاحب السلطة والخاضع لها. فالكل أصبح يدلي بدلوه، هذا يتهم الأخر، والأخر يتهم القدر، والبعض يستنجد بالله أن يحفظ البلد من هذا الوباء اللعين. قديما وفي مطلع عام 1347 شهدت أوربا ما يسمى آنذاك ب “الموت الأسود” أو ما يسمى ب”الطاعون” والذي استمر إلى حدود عام 1352 وذلك بعدما إرتكب مجزرة في العالم بأسره، خاصة القارة الأسيوية والأوربية، هذا الوباء أدى إلى فقدان مجموعة من الأشخاص الذين كان ذنبهم الوحيد، أنهم ولدوا في زمن لا تتوفر فيه مقومات الوقاية، رغم أن في ذلك الوقت لم يكن العالم يشهد تطورا على المستوى الطبي والتكنولوجي كما يعرفه هذا اليوم، فهل “كورونا” أخطر من “الموت الأسود”؟ ف”كورونا” الذي إخترق إتفاقية “الجات” و كل المواثيق الدولية، وسيادة الدول، وأصبحت الدول منعزلة عن بعضها البعض، وجعل الدول التي كانت تحاصِر أمس مُحاصرة اليوم. جعل العالم يقف تحت مقصلته رافعا يده إلى السماء أن يرحمه الله من هذا الوباء، الذي هو من صنع البشرية، التي صنعت لنفسها مقصلة. هل كان المنتظم الدولي أو بعض الدول التي تحكم خريطة العالم بقبضة من حديد تعلم بأنها ستصبح يوما ما سجينة وباء فتاك يفتك بأسلحتها الفتاكة وبمواطنيها؟ *مدون وكاتب رأي في مجموعة من الصحف ، وباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية – المغرب جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة