على الرغم من وجود حالات من الانفلات في مجال الفعل السياسي، التي تعمل على تشويه صورة الفاعل السياسي، نظرا لخروجها على قواعد وضوابط الالتزام بالصالح العام، وانغماسها في تقديم المصالح الشخصية الضيقة، واتسامها بمواصفات الانتهازية والوصولية، إلا أنها لا ينبغي أن ترقى إلى مستوى التعميم لتبخيس الفعل السياسي برمته. فهناك استياء عميق لدى بعض الفاعلين مما أصبحوا عليه من معاناة تجاه العديد من الممارسات والسلوكات، التي وصلت إلى حد الطعن في مصداقية أدائهم. والأخطر من هذا، هو أن بعض الحملات وصلت إلى حد السب والشتم والقذف والتشهير، دون أدنى احتياط أو تثبت مما يروج حول هذا الشخص أو ذاك. بل إن الجهات الواقفة وراء مثل هذه الحملات – والأشخاص الذين انساقوا وراءها – غير عابئة لما يمكن أن يترتب على ذلك من خرق لأخلاقيات الاشتغال في المجال، ولا ملتفتة لمتابعات قضائية وعقوبات زجرية، وكأن لديها حماية قانونية من نوع خاص. فقد برزت في الآونة الأخيرة مظاهر وتجليات فاضحة لأساليب التحقير والتشهير بالفعل والفاعل السياسي، إما لأسباب موضوعية تكمن خلفياتها في الحد من القدرة على التأثير في المحيط من أجل التغيير، أو لأسباب ذاتية مرتبطة بمن يروم تعميم نظام التفاهة بغرض قضاء الأغراض والمصالح. والمطلوب من الفاعلين السياسيين المزيد من بذل الجهد والتفكير والعمل على المساهمة في استقرار وتطور أحزابهم ومجتمعهم، والخوض في قضايا تدبير الشأن العام وتفاصيل السياسات العمومية، للبحث عن سبل توفير الحاجيات والانتظارات والطموحات الخاصة بأفراد المجتمع، التي لا تخرج عن نطاق تمكينهم من حقوقهم وحرياتهم في إطار العيش الكريم والحياة المستقرة والآمنة. وهي مهمة شاقة ومضنية، تتطلب صبرا وطول نفس وتحملا للصعوبات والإكراهات والعراقيل، سواء تلك التي تعترض طريقهم لإنجاز وتحقيق الأهداف، أو تلك التي تستهدف شخصهم وسمعتهم ومكانتهم، من أجل ثنيهم عن الاستمرار في أداء أدوارهم ومهامهم تجاه مجتمعهم. وهي مهمة تفرض عليهم الانتباه إلى ضرورة إشراك طاقات الجيل الناشئ من الشباب، وتمكينهم من طرق وكيفيات استثمار قدراتهم وكفاءاتهم، لخدمة مجتمعهم والحد من السلوكات غير الصائبة وتعزيز الشعور بالرضى عن النفس والرفع من مستوى الحماس والنشاط في المجال السياسي، وكذلك من أجل العمل على أن يخفف الفعل السياسي من انتشار العدائية بين الأفراد في المجتمع. فالفعل السياسي الذي لا يسهم في تهذيب شخصية فاعليه ولا يساعدهم في تعزيز مفهوم العطاء والتطوع داخل المجتمع، لا يمكن تصنيفه في خانة الفعل السياسي المسؤول. وحرصا على التوازن المطلوب، ينبغي التفكير الجدي في حماية الفاعل السياسي من هذه الممارسات، التي لن تؤدي في نهاية المطاف إلا إلى هجرة جماعية من هذا المجال الحيوي بالنسبة للمجتمع والدولة معا. جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة