قراءة في مشروع قانون المسطرة الجنائية من داخل مجلس النواب    حمولة كبيرة لواد النكور تنعش حقينة سد الخطابي (فيديو)    كارني: كندا لن تصبح جزءا من أمريكا    سيدي حمدي ولد الرشيد يشارك في أشغال الجمعين العامين للعصبة والجامعة ويُعزز حضور شباب المسيرة في المحافل الكروية الوطنية    جانح فار يقع في قبضة أمن طنجة    التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026: الركراكي يكشف عن لائحة المنتخب الوطني لمواجهتي النيجر وتنزانيا    المغرب يستضيف الدورة ال58 للجنة الاقتصادية لإفريقيا ومؤتمر وزراء المالية الأفارقة في مارس 2026    وسائل إعلام: ترامب يعين ديوك بوكان سفيرا في المغرب تكريسا لدبلوماسية "البزنس أولا"    "التوظيف الأخلاقي للذكاء الاصطناعي: بين الفرص والتحديات في ندوة فكرية بطنجة"    مندوبية التخطيط تسجل ارتفاع إنتاج الكيماويات والأدوية وتراجع إنتاج النسيج    الأمطار تنعش حقينة ‪سدود سوس    الركراكي: هدفنا تأهل مبكر إلى كأس العالم 2026    المجلس الأعلى للسلطة القضائية يشدد على ضرورة احترام الأجل المعقول في القضايا    هذيان في منتصف الطريق    ما يستطيعه التاريخ اليوم؟    عامل سيدي إفني يحذر رؤساء الجماعات من استغلال وسائل الجماعة لأغراض سياسية    جامعة الرباط تحتفي بالفيلم الجامعيّ    ترقّب لمآسٍ بعد محاولات شباب وقاصرين السباحة إلى سبتة خلال العاصفة    هذه مستجدات تحقيقات "نفق سبتة" لتهريب المخدرات    الرفع من قيمة إعانات "دعم الفقراء" في 2025 ينتظر قرارا حكوميا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    تفاصيل استماع القضاء لشقيق بعيوي    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    السعدي يرد على منتقدي الأداء الحكومي ويثمن جهود زميله برادة للنهوض بقطاع التربية الوطنية    الجولة 25 من الدوري الاحترافي الأول : نهضة بركان على أعتاب التاريخ وصراع المقاعد الإفريقية يشتعل    مندوبية السجون تكشف حقيقة حجز شحنة من مادة "الشباكية" كانت موجهة إلى السجن المركزي مول البركي بآسفي    الملاحة البحرية بين المغرب وإسبانيا تعود بحذر بعد توقف بسبب الطقس    سفراء الموسيقى الأندلسية المغربية في فرنسا يلهبون حماس الجمهور الباريسي خلال أمسية احتفالية وروحانية    مدرب المنتخب المغربي يوضح "تردد" لاعبين في حمل القميص الوطني    طنجة: توقيف شخص متورط في حادثة سير عمدية مع الفرار    المغرب ‬و ‬إسبانيا :‬ تفاهم ‬تام ‬و ‬تطابق ‬مصالح ‬أساس ‬لشراكة ‬استراتيجية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    بلباو ولاتسيو إلى دور الربع وروما وأياكس يغادران الدوري الأوروبي    المغاربة ‬يبدعون ‬في ‬أشكال ‬التصدي ‬للارتفاعات ‬المهولة ‬في الأسعار    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    شبهة تضارب المصالح تطيح بحكومة البرتغال    السلطات الموريتانية تتغلب على تسرب للغاز من حقل مشترك مع السنغال    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    منع مشجعي الوداد البيضاوي من التنقل إلى طنجة لمساندة فريقها    جماعة العرائش تنظم الدورة الأولى من رمضانيات السماع والمديح    نيويورك.. وقفة في برج ترامب تندد باعتقال طالب بجامعة كولومبيا مؤيد للفلسطينيين واعتقال 98 شخصا    الفرجة الرمضانية بين النقد السريع والنقد المدفوع    السلطات الصينية والأمريكية تحافظ على التواصل بشأن القضايا التجارية (متحدث صيني)    الصين تبدأ رسميا في انتاج هيدروجين عالي النقاء بنسبة 99,999 بالمائة    التحديات المالية للجمعيات الرياضية بطنجة: بين ارتفاع التكاليف والتسعير غير العادل    خبراء: تحديات تواجه استخدام الأحزاب للذكاء الاصطناعي في الانتخابات    "ألف يوم ويوم".. سيمون بيتون تحكي الحاج إدمون عمران المليح    سباق التسلح في مجال الطائرات المسيّرة.. المغرب ضمن تحالفات جديدة وتنافس دولي متصاعد    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    قالها ملك البلاد‮: ‬أحزاب‮ ‬تستعجل القيامة‮..!‬    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    عدوى الحصبة تتراجع في المغرب    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    









“ثقافة الأرشيف”.. الحلقة المفقودة
نشر في العمق المغربي يوم 18 - 02 - 2020

منذ الاستقلال، ظل “الأرشيف العمومي” خارج دائرة الاهتمام الرسمي والمجتمعي، فتكرس بذلك في مخيلتنا ووعينا الجماعي مفهوما للأرشيف، يقترن بمفردات “القبو” و”الرزم” و”الدهاليز” و”المكاتب المنسية” و”الرفوف المهجورة”، وبتمثلات سياسية وإدارية واجتماعية، تنظر إلى الوثائق الأرشيفية، نظرة الوثائق المنتهية الصلاحية والفاقدة للحياة، والتي لا تصلح، إلا للعبث أو الإقبار في الرزم أو الإتلاف، في ظل واقع سياسي وإداري، تحولت فيه مهنة “الأرشيف” إلى مهنة مرادفة للزجر والعقاب في عقليات العديد من المسؤولين الإداريين، وباتت “مكاتبها” بالنسبة لبعض المستخدمين أو الموظفين “المتهاونين”، أمكنة ميسرة للفرار من المسؤولية والاختفاء بين الوثائق المهجورة، إلى حين الإحالة على التقاعد.
ثقافة تجذرت في الأعماق على امتداد سنوات، ساد فيها فراغ قانوني ومؤسساتي، من شأنه تأطير “الشأن الأرشيفي”، وإعادة الاعتبار للأرصدة الأرشيفية، كرأسمال لامادي عاكس لما يجمعنا من “مشترك” تاريخي وتراثي وهوياتي وثقافي، وفي هذا الصدد، وفي سياق الدينامية الإصلاحية المتعددة المستويات التي برزت معالمها الأولى مع بداية “العهد الجديد”، كان من الضروري أن يتم وضع حد لحالة “التيهان” أو “الارتباك” الأرشيفي، بشكل يعيد ترصيع قلادة ذاكرتنا الجماعية، فجاءت قطرة الغيث عبر “هيئة الإنصاف والمصالحة” التي اصطدمت، وهي تنبش في حفريات ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بغياب الأرصدة الأرشيفية أو بعدم انتظامها، وهو واقع مكن من التوصل إلى “حقيقة مبتورة”، حاولت تعبئة فراغاتها وثغراتها عبر الروايات الشفهية وجلسات الاستماع التي تم عقدها في أكثر من مستوى، وفي ظل هذا الواقع، أوصت “الهيئة” من ضمن ما أوصت به، بحفظ التاريخ والهوية والذاكرة الجماعية، عبر الدعوة إلى إصدار قانون للأرشيف وتأسيس مؤسسة لتنفيذ أحكامه ومقتضياته.
وفي هذا السياق، تم إصدار قانون الأرشيف سنة 2007، في لحظة شكلت نقلة نوعية في تاريخ التشريع المغربي، باعتباره أول قانون منظم للشأن الأرشيفي، شكلت ليس فقط، مؤشرا من مؤشرات “الحداثة”، وما تقتضيه من قيم كونية مرتبطة بالحقوق والحريات والحكامة الرشيدة والمكاشفة والشفافية والمسؤولية والمحاسبة، ولكن “قاعدة صلبة” لبناء صرح قانوني ومؤسساتي، من شأنه حفظ وتثمين “الأرصدة الأرشيفية” باعتبارها قيمة علمية وتاريخية وهوياتية وتراثية وثقافية، بالقدر ما ترتبط بالماضي والإرث التراثي المشترك، بالقدر ما تسمح بالتعامل مع الحاضر بمسؤولية وتقيد بالقوانين، وتتيح المضي قدما نحو المستقبل، بثقة وثبات وبرؤى رصينة ومتبصرة، وبعد مضي حوالي أربع سنوات على إصدار القانون الأرشيفي، تم تأسيس “مؤسسة أرشيف المغرب” التي أعطيت انطلاقتها الفعلية أواخر شهر ماي 2011، كذراع قانوني ومؤسساتي، يعول عليه للتأسيس لثقافة أرشيفية، بعد سنوات من الإهمال والقصور والتهميش، ونرى أن اللحظة، تقتضي تثمين ما تحقق من مكاسب تشريعية ومؤسساتية أعادت الاعتبار للأرشيف العمومي، و التنويه بالمجهودات المتعددة المستويات التي باشرتها وتباشرها هذه المؤسسة العمومية “الفتية”، في شخص مديرها الأستاذ “جامع بيضا” ومستخدميها وموظفيها على قلتهم، في سبيل إرساء قواعد المؤسسة الناشئة، كواحدة من المؤسسات العمومية ذات “الطابع الاستراتيجي”.
لكن وبالمقابل، نؤكد إن “الأرشيف”، يتطلب “ثقافة” مجتمعية متعددة الأبعاد والمستويات، تقدر “الأرشيف العمومي” وتثمنه، كمرآة عاكسة لعمقنا التاريخي والحضاري، إذ، من الصعب الحديث – في الوقت الراهن – عن “ثقافة أرشيفية”، من منطلق أن “التجربة الأرشيفية” لازالت فتية، وفي طور البناء والتشكل، وهذه “الثقافة” لا تفرض من الفوق، ولا يمكن تحقيقها بمجرد إصدار قانون أو تأسيس مؤسسة، وكسب رهانها، يحتاج إلى “التراكم”، كما يحتاج إلى “استراتيجية تواصلية وإشعاعية” متعددة الزوايا، من شأنها مد جسور مستدامة بين “مؤسسة الأرشيف” و”المواطن”، وهي مناسبة، لتثمين ما تقوم به “المؤسسة”، من مجهودات تواصلية وإشعاعية، سواء من خلال الحضور الإعلامي الوازن لمديرها الأستاذ “جامع بيضا”، أو من خلال “الندوات” أو “المعارض”، أو من خلال “اتفاقيات الشراكة والتعاون” مع عدد من الفاعلين في الداخل كما في الخارج، وهي مجهودات، لابد من الحرص على استمراريتها وديمومتها، لأن “الثقافة الأرشيفية ” تبنى بالتشريع، وتبنى أيضا بالتواصل والإشعاع .. ويحتاج قبل هذا وذاك، إلى عناية “رسمية” مستدامة بالشأن الأرشيفي، في غيابها، يصعب كسب رهان “ثقافة الأرشيف”..
جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.