من باب شعوري بالتزام (واجب) أخلاقي نحو الشباب، وقّفْتُ أشغالي لبعض اللحظات و شرعت في كتابة التدوينة التالية، التي سأوجهها للشباب على وجه الخصوص، و تحديداً لتلامذتي بتاونات أو بأي مدينة أخرى عرفني معارفي فيها كأستاذ لمادة اللغة الإنجليزية. أفعل هذا لأنني أستطيع تصور حجم التحديات، و المخاوف، و الآمال، بل و حتى الانزلاقات التي قد تُكبل هذه الفئة العمرية، التي تعيش مرحلة انتقالية تبحث فيها عن معنى لذاتها، و تبني فيها تصوراتها و مثلاتها للمجتمع، و علاقتها بالغير كيف ما كان أصله أو وزنه، في انتظار امكانية الانتقال من هامش الحياة إلى مركزها، و الشروع في تدبير ، أو بالأحرى تشكيل، الحياة اليومية للمجتمع. سأكتفي هنا بتذكيرهم بالمبادئ الأربعة التالية: 1. من أجل النجاح، لا بد لنا من الإيمان: لو خُيرتُ بين أن أعيش عيشةَ البذخ و الشهرة و الثراء، و بين أن أعيش مؤمنا بسيطاً، لفضلتُ أن أعيش مؤمناً. أرى أن الإيمان يفوق كل هذه الإمكانيات المادية و الحدود الاصطناعية التي تكبل خيال الناس و قدرتهم على خلق ذاتهم بشكل يومي، أو على الأقل بعد كل عثرة أو صدمة. لا أحتاج أن أذكرك أيها الشاب أن الإيمان ليس مجرد كلمة أو ادعاء.. هو مبدأ دائم و غير قابل للتحطيم، و يستمد قوته من القوانين الكونية و الأبدية التي ظلت تحكم ليس كوكبنا الأرضي الصغير جدا الذي يبدو أنه أتعبنا، بل كوناً بملايين الكواكب الملموسة و الغير القابلة للمس. لذلك، لا تتصور أنه بوسعك أن تعيش عيشة ذات قيمة بدون إيمان يبقيك على صلة بالله في حياتك المحدودة طبعاً. 2. إعلم، عزيزي، أنه إذا تميزتَ بإيمانك، فحتما ستتميزُ بنجاحك. إيمانك سيلزمك أن تعتنيَّ بصحتك الجسدية و العقلية (التي هي نقطتي الثانية هنا). الخمول المُفضي إلى إهمال الصحة، و محاولة تعويض ذلك الإحساس باليأس و القنوط بنشوة السجائر و المخدرات، أو تقفي أثر التفاهات.. لا يمكنه إلا إن يزيد من سرعة و حجم تدميرك. عليك أن تستعمل صحتك لصالحك، أي أن تجعلها سيارتك التي تَقلُّكَ في كل الاتجاهات التي تريد الوصول إليها. إسأل نفسك إلى أين يمكنك أن تصل، إذا كان جسمك، معنوياتك، قلبك، ضميرك.. قد أصابه الدمار بنسبة 57% مثلا؟ 3. و اعلم كذلك أن الإيمان هو الذي سيجعلك أكثر حرصا على وقتك، و الأكثر إقبالا على استغلاله في كل مفيد، خاصة، خاصة، خاصة المطالعة، و الرياضة، و الكتابة، و خدمة المجتمع/المحيط وفْقَ مبدأ “الأقرب، فالأقرب”. 4. ختاماً إعلم أنه قبل أن نطالب الآخرين بالإحسان إلينا و الاهتمام بنا، علينا (كشباب) أن نعتني نحن أولا بأنفسنا. لا جدال في أننا (كأفراد) من صنع أيدينا. لا تسمح لأي مشكلة تُصيبُكَ أن تُحَطّمكَ، أو تتسلل كالسوسة إلى قلب إيمانك. لا تدع فساد القيم و “قربلة الشارع” تشوش على صفاء ذهنك وارتباطك بالقيم السامية و النبيلة. فالفشل و المشاكل، بل و حتى “الصراع” من طبيعة الحياة و كنه الإنسان. دائماً ضع نصب عينك، و أنت تنظر إلى الأمام، أنه بعد شهر—بل و حتى بعد سنة على أبعد تقدير – ستكون أحوالك قد تغيرت بقدرة القادر سبحانه عز و جل. فأنت مطالب فقط بأن تفكر، تتحرك، و تبادر.. قم بما هو واجب عليك و دع النتائج على من خلقك. تذكر أن الذي يسر لك سبل القدوم إلى هذا العالم، لن يعييه سبحانه أن يكرمك و يلهمك… جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة