نصت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية (أحكام المواد 127 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات و121 من القانون التنظيمي 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم و129 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات) على خضوع الموارد البشرية العاملة بإداراتها لأحكام نظام أساسي يراعي خصوصيات الوظائف بهذه الجماعات ويحدد حقوق وواجبات الموظفين والقواعد المطبقة على وضعيتهم النظامية، وبالرغم من التزام الوزارة الوصية على القطاع بإصدار قانون بمثابة نظام أساسي للموارد البشرية بالجماعات الترابية في ظرف30 شهرا، ابتداء من سنة 2015 فلحدود اليوم لازالت الجماعات الترابية تعيش وضعية فراغ قانوني ينظم الوظيفة الترابية. وها هي اليوم وبعد طول انتظار تكشف عن الصيغة النهائية لمشروع هذا القانون في غياب مشاركة جل الفاعلين والمعنيين وعلى رأسهم ممثلي الموظفين، فوزارة الداخلية تعلم أكثر من غيرها أن معظم أعضاء اللجن الثنائية مستقلين، وأن استشارة النقابات بمفردهم غير كاف، حيث كان من المفروض أن تنظم لقاءات ومناظرات تشاورية موسعة إقليمية وجهوية ووطنية، وينجز المشروع بناء على ما أثمرته المشاورات. أكيد أن إقامة إدارة جماعية تتسم بجودة التدبير ونجاعة المردودية وحسن التسيير والتدبير…. يحتاج لإصلاح شمولي لأجهزتها الإدارية، مما يستدعي سن نظام خاص بالموظفين العاملين بالإدارة الجماعية يراعى فيه إكراهات وإشكالات الوظيفة الجماعية. انتظر موظفو الجماعات لعقود مضت، نظام أساسي خاص بهم يتسم بالعدالة والإنصاف، ويعمل على فك الارتباط بين ما هو سياسوي وما هو إداري بتقوية مؤسسة مدير المصالح وبإفرادها لكل شؤون الموظفين، ويضمن نظام تعويضات يقطع مع استبداد الرئيس ومزاجيته وينهي كل أشكال المحسوبية والزابونية، ويحفز على المردودية، ويفتح أفاق الترقي وتسريعها لجميع الفئات…. لكن وللأسف الشديد تمخض الجبل فولد فأرا، وتأكدت ما صرح به وزير الداخلية في البرلمان أن النظام الأساسي لن يكون فيه أي جديد، وسيكون عاما ويعتمد في مرجعيته القانونية على قانون الوظيفة العمومية. للأسف القانون المعروض اليوم للمصادقة لم يأتي بميزات يستفيد منها الموظف الجماعي كما كان منتظرا، وكما كنا نأمل، ولم يراعي خصوصية القطاع الذي يتسم بتردي الأوضاع المادية والمعنوية للموظفين، وبتدبير عشوائي للموارد البشرية وعدم احترام القوانين والأنظمة. نتساءل كيف استساغ للمشرع أن يقفز على أهم مطالب الشغيلة الجماعية؟ كيف تم تجاهل إنصاف كل الفئات المتضررة وعلى رأسهم حاملي الشواهد العليا؟ فبدل التنصيص على الإدماج المباشر وبعد تسع سنوات عجفاء يخضعهم القانون قصرا للمباراة وبشروط. كيف تصاغ كل المسائل المصيرية بشكل فضفاض ومبهم ويترك التفصيل فيها إلى حين إصدار نصوص تنظيمية (في المادة 9 لم يفصل في التعويضات المراد إحداثها وكيفية المماثلة – في المادة 10 لم تحدد الوضعيات الإدارية الخاصة – في المادة 12 لم يقرر إلزامية التكوين والتكوين المستمر وإمكانية فتح مراكز التكوين الإقليمية – في المادة 13 لم تحدد كيفية المغادرة الطوعية ومقدار التعويض، …. ) كيف تم إقرار صنف المتعاقدين ضمن الأربع فئات المكونة للموارد البشرية (الموظفون النظاميون، الموظفون الملحقون، الموظفون الموضوعون رهن إشارة الجماعات الترابية والمتعاقدون)رغم الجدل والرفض الواسع الذي لاقاه هذا الشكل من الوظيفة، وتم تجاهل الأعوان لغرض في نفس يعقوب. كيف غط الطرف عن معانات الموظفين مع إشكالات الترقية وعراقيل الكوطا، وشرط وجود المنصب المالي الشاغر في المباريات وضرورة توفر الاعتماد المالي… كيف لم يستجب لمطلب تبسيط مسطرة الإلحاق والشروط التعجيزية في حركية الموظفين وإعادة انتشارهم. على العموم إذا قارنا النظام الأساسي الخاص بموظفي الجماعات الترابية المقترح والذي يحتوي على 18 مادة، بالنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية مثلا والذي يحتوي على 118 مادة، فهذا كاف لنقول أن وزارة الداخلية تمعن في إذلال الموظفين الجماعيين وتصدر نظاما أساسيا لا يليق حتى ليكون أرضية للنقاش. * عضو المكتب الوطني للقطاع النقابي لجماعة العدل والاحسان