يعيش قطاع الصحة ببلادنا اشكاليات عميقة واخرى معقدة راجعة لعدة عوامل منها ماهو حكامتي وتدبيري مرتبط بالسياسات والاستراتجيات المعتمدة ليس لانها معيبة بل لعدم ناجعة تنفيذها وتنزيلها على ارض الواقع ومنها ماهو مرتبط بالامكانيات المادية والبشرية والتحولات الديمغرافية وظهور امراض واوبىة جديدة . على مستوى السياسات والاستراتجيات والتوجيهات الاستراتجية، تعاقب عدة وزاراء بتلوين سياسية مختلفة، وزارء من داخل القطاع وخارجه واخرون غير منتمون او غير منتمون ظاهريا،كلهم اقترحوا وعرضوا استراتجيتهم و تقاسموا من خلالها مجموعة من المحاور والا جرءات همت مختلف المجالات والاشكاليات في تحدي صارح للنهوض بهذا القطاع الاجتماعي،لكن صعوبات التضاريس والمنعرجات والمسالك الصحية تحول دون تحقيق النتاىج المسطرة قبليا نظرا لضعف التمويل الصحي ونذرة بعض الاختصاصات والتوزيع الغير العادل للموارد البشرية والمؤسسات الصحية مما انتج تفاوتات مجالية في ظل غياب الخريطة الصحية والرسم الجهوي لعرض العلاجات فضلا عن غياب التنسيق بين القطاع العام والقطاع الخاص وظهور امراض واوبئة جديدة. ان التقييم الميداني للاستراتجيات الصحية يسفر عن تحقيق بعض المكتسبات والانجازات،ويقر بمجموعة من الاخفقات، في ظل غياب ميثاق وطني للصحة تتغير محاور الاستراتجيات الصحية من وزير الى اخر كل واحد له رؤية ومنهجية خاصة به،ليبقى قطاع الصحة ببلادنا يعيش على وقع منحى متذبذب يكون ضحيته المواطنين المغاربة، ويعد التمويل الصحي احدى الاشكاليات الكبرى التي تعيق النهوض بالنموذج الصحي المغربي نظرا لضعف وغياب التغطية الصحية حيث مازال ثلت المغاربة دون حماية اجتماعية واخرون يعيشون مشاكل جمة مع بطاقة الراميد التي وجب اعادة النظر فيها. اما الخصاص المهول للموارد البشرية خاصة في بعض المناطق التي تفتقد فيها المؤسسات الصحية الى بعض الاختصاصات كلما ابتعدنا عن محور الدارالبيضاء الكبرى قنيطرة حيث تتمركز ازيد من خمسون بالمىة من المؤسسات الصحية سواء بالقطاع العام او الخاص،في ضرب صارخ لمقتضيات دستور المملكة خاصة الفصول 31 و 34 و 154 التي تؤكد على المناصفة في الولوجية للخدمات الصحية ذات جودة عالية دون تمييز مع الحرص على عدالة توزيعها مجاليا واخد بعين الاعتبار ذوي الاحتياجات الخاصة. ان قطاع الصحة حقق مجموعة من المكتسبات والانجازات منذ فجر الاستقلال حيث تم القضاء على مجموعة من الاوبىة والامراض الفتاكة على سبيل الذكر، لكنها تبقى دونى تطلعات المواطنين المغاربة الذين اصبحوا يشترطون و يطالبون برعاية وخدمات صحية ذات جوة عالية دون اقصاء او تمييز. نظرا لادراكهم وبولغهم قدر ومستوى عالي من الوعي خاصة المتعلق بالجانب الحقوقي. ومن اجل النهوض بالقطاع الصحي بطريقة فاعلة وناجعة وجب التصريح عن الارادة السياسية اولا بتظافر الجهود بين مختلف القطاعات الحكومية من اجل تحسين وتطوير القوانين المؤطرة بالاسراع بتنزيل الجهوية الموسعة و اعتماد سياسة اللاتمركز،و العمل بالخريطة الصحية والرسم الجهوي لعرض العلاجات ( SROS )فضلا عن تنزيل ميثاق وطني ملزم للجميع والرفع من الميزانية المخصصة للقطاع طبقا لتوصية المنظمة العالمية للصحة التي توصي ب12 ٪ من الميزانية العامة من اجل حماية اجتماعية فاعلة و بلوغ اهداف التنمية المستدمة لسنة 2030،كلها اجرءات ترجع مسؤولية تنفيذها الى الحكومة المغربية خاصة تلك المعنية (بالسكن الاىق، والتغدية المتوازنة،والشغل القار). اما على مستوى قطاع الصحة يجب تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة باعتماد منطق عقدة البرنامج، والتخلي على منطق المحسوبية في اسناذ المسؤوليات والرفع من جودة التكوين والتكوين المستمر ومتابعة تنفيذ البرامج و مراقبتها وتقييمها، دون الاغفال عن مراقبة القطاع الخاص والموارد البشرية التي تشتغل به مع مجلس اعلى للصحة وهيىة وطنية للممرضين. ان قطاع الصحة ببلادنا يحتل مراتب جد متدنية على مستوى المؤشرات التي تعتمدها المنظمة العالمية للصحة والامم المتحدة مما يترجم فشل السياسات الصحية المعتمدة المتعاقبة التي تستدعي مراجعة عامة وجدرية كما جاء في الخطب الملكية السامية. ان اتخاذ القرارات هي اشكال متعددة تكون احادية او بالاجماع و التشاور والمشاركة، كما تكون بنقل التجربة الناجحة باحدى البلدان التي تخقق مؤاشرات ايجابية وتحتل مراتب محترمة ومشرفة بقاىمة ترتيب قطاعات الصحة ببلدان العالم، ولكل ماذكر ندعو وزارة الصحة الى اعتماد نقل التجربة الناجحة (benchmarking) من خلال توقيع شراكات تعاون في مجال التكوين ونقل التجارب بعد تكوين اطر مغربية لدى البلد او البلدان الناجحة في المجال الصحي. * حبيب كروم عضو الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة الحق في الحياة ورئيس الجمعية المغربية لعلوم التمريض والتقنيات الصحية.