ما الذي دفعنا إلى قول بأن “المسؤولية حقيقة خالدة”، يمكن القول أن هذه الأخيرة هي التي تضمن لكل المجتمعات الاشتغال المنظم والوازن رغم انحلال هذا الانزيم في بركة مليئة برواسب فكرية حملتها مجاري متعددة من ثقافات مندمجة حالت في اندماجها دون بناء نموذج موحد للبشرية يكون الفاصل والمسؤول لكل التدخلات غير اللائقة واللامسوؤلية في تاريخ البشر، فما يعرفه تاريخ البشرية من تراجع في القيم نتيجة مجموعة من التحولات التي عرفتها المجتمعات منذ نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر مع انبثاق المجتمعات الصناعية القائمة على مبدا الرأسمالية والتصنيع الذي انتج القيم المادية المسيطرة على عقلانية الفاعلين بالتالي تراجع القيم المعنوية والمحفزة التي تضمن توازن الافراد من الداخل ومن الخارج لتنتشر مجموعة من الظواهر الجديدة التي لم تكن المجتمعات البشرية تعرفها من قبل، وتراجع حس المسؤولية بالذات وبالآخر وبالمجتمع وبالعالم عامة من بين هذه الظواهر الجديدة التي انتجتها هذه التحولات وهو الشيء الذي يهدد استقرار وتوازن الوجود البشري على وجه الكرة الارضية، ان هذه الاخيرة تعتبر كذلك كقيمة عليا كانت من ضمن الاولويات في المجتمعات السابقة كعلاقتها الطيبة مع الطبيعة وتقديس محيطها ورغم كل هذه التحديات والتحولات التي نشهدها فيجب أن لا نستغني على القيم التي تضمن التوازن في المجتمعات كما انه ينبغي تطويرها وتدعيمها لتكون الحل الامثل والمثالي للأفراد، انها الشرط الاساسي لضمان سيرورة الجنس البشري وبقائه، كما انها الفلسفة الحقيقية التي ينبغي البحث فيها بلى توقف، لأننا في أمس الحاجة إلى هذا السحر النبيل هذا السحر يأتي من قدرتها على اختراق المشاعر، وإلهام النفوس، وإدراك القلوب والعقول سواء بسواء. إنه يأتي من قابليتها على الفعل المباشر والغير المباشر، ومن درجة نفادها إلى مخيال الفرد والجماعة، فيصبح ترديدها تلقائيا، وشيوعها عفويا، وقوتها على التجنيد عابرة للحدود. الم يحن الوقت بعد أن نهتم بهذه المواضيع نظرا لأهميتها من داخل وخارج المجتمعات؟ اليس هذا هو الدواء الشافي للبشر؟ ، الا ينبغي أن نكون مسؤولين لأن اللامسوؤلية جعلتنا في محل جر أو بالأحرى لا محل لنا من الاعراب. ما المسؤولية؟ انها ذلك الاحساس الذي يشعرنا بوجود الاخر ،ذلك الشعور الذي يولده القلب والعقل ، إنها السلوك الذي يجعل الأفراد يعيشون منسجمين ومتضامنين وتمنحهم ذلك الشعور بخدمة الناس وتقديم المساعدة دون أي شرط او حساب أو انتظار، مقابل لذلك سنحاول الكشف عن أهمية المسؤولية في مجموعة من الجوانب حيث لا يمكن اغفال اي جانب من الجوانب لكون هذه الاخيرة تمس كل الجوانب السوسيو ثقافية. بالتالي سينتج عن ذلك، التعامل السوي بين افراد المجتمع لان كل فرد يصبح مسؤولا من ميدانه وبالتالي سيصبح المجتمع كله مسؤول عن وطنه وبيئته ومجاله الذي يعيش فيه، والمثال الذي جاء اعلاه ينطبق على جميع المجالات الاخرى. فاهمية الموضوع تتجلى في تكريس الفكر المسؤول في تفاعلات الافراد في حياتهم اليومية” كمبدأ وكمنطلق في كل سلوك فردي وجماعي.