يَرغب الإنسان بطبيعته في الانتقال والتِّرحال من مكانٍ إلى آخر سعياً للبحث عن أماكن أكثر جودة للعيش والسكن والأمن أيضاً ممّا هو فيه، حتى أصبحت الهِجرة ظاهرةً متفشّيةً بين بني البشر، فينتقل الناس فرادا وجماعات من المَوطن الأصلي إلى أماكن أخرى في الأرض بحثاً عن مأوى جديد يُوفّر لهم ما يحتاجونه من مُتطلّبات وما يفتقرون له من حاجيات معيشية في بلدانهم. فمنذ عقود خلت هاجر عدد كبير من المغاربة نحو بلاد كثيرة أوروبية وأمريكية وإفريقية وغيرها، تعددت أسباب هجرتهم، فمنهم من هاجر من أجل استكمال دراسته، وأغلبهم هاجر بحثا عن حياة معيشية أفضل مما كان عليه. وإذا اقتصرنا الحديث عن المهاجرين المغاربة الذين اتجهوا نحو إيطاليا، فقد كان الوصول إليها بالنسبة لعدد كبير منهم بمثابة ولادة جديدة بعد “موت سريري”. حقا لقد عاش الجيل الأول الذي دخل إيطاليا حياة سعيدة من الناحية المادية، إلا أن هذا الأمر بدأ في التراجع خصوصا مع الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلد سنة 2008، فجل المغاربة الذين حصلوا على الجنسية الإيطالية وأغلبهم من الجيل الأول هاجروا نحو بلدان أوربية أخرى كفرنسا وبلجيكا..، بحثا عن فردوس منشود بعدما فقدوه بإيطاليا. هذه الهجرة الثانية التي “فرضت” على الجالية المغربية المقيمة بإيطاليا “أخرجت” مجموعة من الأسر من حالة الأزمة المالية التي كانوا يعيشونها حسب قول بعضهم، إلا أنها جلبت لعدد غير يسير منهم مشاكل أسرية وثقافية وهوياتية، والأخطر من كل هذا الطلاق وتشتيت الأبناء بين من يريد البقاء بالبلد المهاجر إليه، وبين من يريد العودة إلى إيطاليا باعتبارها بلده الأصلي. اليوم وأمام هذا التحدي الخطير الذي يواجه عددا كبيرا من الأسر المغربية المقيمة بإيطاليا وإن كان الأمر بدأ بالتعافي. إلا أن السؤال يظل مطروحا، هل لهؤلاء المهاجرين مكان في بلدانهم بعد تأزم وضعياتهم المادية ببلدان المهجر؟ وماذا تقدِّم الدولة الأم لهم من أجل مساعدتهم على تربية أبنائهم والحفاظ على استقرار أسرهم؟ أسئلة وغيرها كثيرة تظل حبيسة الأفواه إلى أن تجد من يسمعها ويعمل على العمل على الإجابة ولو على عدد قليل منها… 1. وسوم