بكل نفاق و “قسوحية” وجه توجهت يومه الخميس جحافل لجان وزارة ما يعرف بالتربية الوطنية و التعليم تجوب المؤسسات الخاصة بحثا عن أساتذة “عمومي” يشتغلون بالخصوصي رغم خوضهم إضرابا وطنيا. و كم كنا سنشجع الخطوة لو كانت دائمة و لا تأتي تحت بند “لي الذراع” بين الوزارة الوصية و أطر التعليم العمومي. وزارة ما يشبه التعليم مستعدة لغض الطرف و البصر عن كل تجاوزات مدرسي العمومي إن هم استمروا في قبول المجزرة المرتكبة في حق قطاع مسيروه يدرسون أبناءهم في معاهد ماما فرنسا و لا يجمعهم بالمغاربة سوى” بلتان دو بييييي”. وزارة التربية على المواطنة مستعدة لقبول أن يتحول من تبقى من مدرسي الدولة ل”عمال مياومين” يقضون ساعات طوال في مدارس خاصة على حساب جودة و كم المعارف المعطاة لأولاد الشعب بشرط صمت المدرسين على تحويل القطاع العام لقطاع خاص مقنن، حيث المدرس يتحول لعبد بالعقدة ما إن يمرض أو يئن حتى يجد نفسه في الزاوية ليأتي عبد آخر تعويضا له. دولة ترغب في تحويل أهم قطاعاتها و عصب الحياة و خارطة الطريق لقطاع مهمات خاصة، يشتغل ب”البوانتاج” في العمومي كما الخصوصي تحت شعار كاذب “العمل مقابل الآجر”. شعار مشوه يعيش تحته المدرس كثير ضغط و قلة كرامة، بلا ضمانات تطبيقا لتعليمات صندوق النقد الدولي. الهدف أن يتحول الوطن لضيعة للقطاع الخاص، رهين تقلبات الأسواق دون قدرة للدولة على التدخل، حيث يقتصر دورها على حراسة الأغنام و مصالح رجال الأعمال بوزارتي الدفاع و الداخلية. و لو أرادوا الإصلاح لتركوا الوزير محمد الوفا يكمل ولايته على رأس القطاع حين طلق الشعارات و المؤتمرات و المليارات ثلاثا و نزل للميدان يفتش في أدغال الأطلس و صحاري زاكورة و فيلات أحيائهم الراقية. وزير اشتغل سفيرا في الهند و البرازيل و إيران، حيث الكفاءة معيار العمل الوحيد لمن يشغل منصب السفير، لا اتفاقات إكس ليبان مع المستعمر و لا تفاهمات محاربة الإرهاب مع واشنطن مقابل الصمت في مجلس الأمن. وزير خارق الكفاءة جاء ليضع حدا للتسيب داخل قطاع التعليم، قبل الانطلاق في إصلاح المناهج، فزاد من معدل دراسة أبناء الشعب من 50 يوم في السنة لأزيد من 150 يوما. وزير وقف بالمرصاد للوبيات القطاع الخاص و طالبهم بالجلوس على طاولة النقاش مانحهم مدة ثلاث سنوات لتكييف الأوضاع و تكوين الأطر قبل أن يحرموا بصفة نهائية من خدمات أطر الدولة. بتصريح ست ساعات في اليوم كمرحلة انتقالية بدأ الوفا حرب الريع ضد من يهمشون مستقبل أطفال الشعب جريا وراء “الكرمومة”. و بسياسة شاملة و متوازنة، أحال على التأديب و العزل خلال سنة عشرات أطر كانت تسجل شواهد طبية بالثلاث و الستة أشهر للغياب عن تدريس أبناء الشعب و الجري وراء ساعات عصابات القطاع الخاص. سنته اليتيمة عرفت تنظيم أجود مباراة لولوج التعليم، سمتها تبسيط المساطر و رفع نسب تكافؤ الفرص. الوفا حارب ريع مساكن الموظفين المتقاعدين حيث طالب و أرغم بقوة القضاء العشرات على إخلاء المساكن الوظيفية بعد التقاعد لمنح الفرصة لمن لا يزال بحاجتها، و الاقتصاد في بناء مساكن جديدة. و لكم من مرة وصلت أصداء عمله للبرلمان ليس تشجيعا بل نقدا و تنديدا من دمى تدافع عن منطق الوزيعة و كبار لوبيات المدارس الخاصة و شركاءهم من تجار ورق و مطابع و شركات تأمين ووووو. و كما تحرك الوزير أخنوش لإخراج “وزيرة جوج فرنك” من الحكومة لتعاطفها مع سكان زاكورة ضد عمالقة الدلاح، من يستنزفون فرشات مياه درعة مسببين العطش للساكنة مقابل جني المليارات، فأخرجها صاغرة بحجة ترشيد تسيير قطاع الماء بالتنسيق مع حبيبه الوزير “عمارة”…تحركت التقارير و رفعت لرئاسة الدولة بذريعة أن الوفا يبخس عمل المخطط ألاستعجالي، توازيا مع تحرك الجوكر “شباط” لإخراج فريقه الوزاري من الحكومة حرصا على “صيانة المنهج الديمقراطي”. و قد أحيانا الله حين رموا بالشُّباط لمزبلة التاريخ بعد أن قضوا منه وترا، لدرجة أن الرجل خاف على حياته و بدأ يهمهم بالخشية من التعرض لمصير باها و الزايدي، و صرح لقناة فرنس 24 أنه مستعد ل”الشهادة في سبيل الوطن”، و أن أعضاء جسده هدية بعد شهادته! كما أحيانا الله لنرى بديل الوفا يحال للإعفاء بداعي التقصير في آداء المهام، كما أحيل خلف خلف الوفا لذات التقاعد بمناسبة موضة ربط المسؤولية بالإعفاء…فكم هي مضحكة حد البكاء طريقة تسيير أجمل بلد في العالم! اليوم بعد استبدال الوفا و إعفاء من أعقبوه بحجة التقصير، جاءت حكومة أصرت أن تحول قاعدة تستعمل للطوارئ و في المهام الصعبة أو العاجلة أو المحددة (التعاقد) لسياسة دولة، في قطاع يئن منذ أن رأت الدولة أنه خطر وجودي على من يسيرونها لما بدا من جيل السبعينات خريجي المدرسة العمومية في أوج عطائها : معارضين و علماء سياسة و كتابا و فلاسفة و جنرالات شباب… اليوم أصبح التعليم حجة دائمة للرغبة في الإصلاح…كل ينادي بضرورة إصلاحه و كل مشارك في قتله…و الويل كل الويل لمن يصلحه! شيزوفريني.كوم