إن من أغرب الغرائب في مغرب العجائب، مغرب المحظوظين ومغرب المحصيين فقط ، مغرب المتنفذين و مغرب المستضعفين أن يطلع علينا أحد ضحايا حرب الصحراء -في مغرب يدعي صون حقوق الشهداء- جاعلا من كليته مكرها، سلعة معروضة للبيع بأبخس الأثمان انقادا لحياة والدته أرملة أحد شهداء حرب الصحراء التي انهكها المرض بسبب تخلي الدولة عنها و أيتامها بعدما تم تناسي تضحية زوجها من أجل رفاهية و عيش الجميع خصوصا المسؤولين المدنيين و العسكريين أمنين مطمئنين داخل بيوتهم رفقة أسرهم و بمقرات عملهم، ومجالس مسامراتهم حيث يلتقون ليتفننوا في إلحاق مزيد من الآلام و المحن بأسرة الشهيد التي يعلمون علم اليقين حقيقة مأساتها و أنهم طرف أساسي في سيناريوهاتها، بل يتلذذون في الضغط على جراحها إطالة لأمد جحيمها الذي تعيشه منذ استشهاد ذويها من أجل استرجاع الصحراء ، البقرة الحلوب و التمسكبضرعها الذي لم و لن يجف… أرملة الشهيد والدة الشاب -الشيخ- المعني بالأمر التي بدأت معاناتها في صمت و أولى خيوط أمراضها تتناسل منذ اعلان استشهاد زوجها في غياب تام لأي جهة مدنية كانت أو عسكرية لمؤازرتها و مساعدتها تخفيفا لعبئها الذي تحملته لوحدها مع ما صاحبه من أمراض نفسية استحالت مع مر الزمن لأمراض عضوية تنخر جسدها المحطم بعد أن خذلها مسؤولو بلدها تاركين إياها في مواجهة الوحوش و الذئاب البشرية التي لم تحترم انسانيتها و هي ترتدي اللباس الأبيض حدادا على زوجها و هي تجوب مختلف المدن و الإدارات حيث تعرضت لصنوف التحرشات و… إنها الأمراض التي لم تجد إمكانية لعلاجها سواء بالمستشفيات العمومية، المدنية منها لقلة ذات اليد ، -بمعاش لا يسمن و لا يغني من جوع – أو العسكرية باعتبارها أصبحت حكرا على المتمتعين بالحصانة و ذويهم، زادتها حدة عطالة أبنائها الذين حرموا من ابسط حقوق المواطنة في العيش الكريم في بلد وعد فيه اباؤهم بالاطمئنان على أسرهم في حالة استشهادهم كما جاء على لسان الراحل الحسن الثاني ، هذا في الوقت الذي تغدق فيه العديد من الامتيازات على الخونة و أمثالهم ممن باعوا الوطن. فعلى الرغم بالفرق الشاسع بين شهداء الأمة الامارات نموذجا و شهداء الغمة يبقى ما قام به ابن شهيد حرب الصحراء ،و امثاله مستعدون للسير على منواله ،يبقى رسالة موجهة لعديمي الضمير، باعتبار أنه فضل التفكير بالتضحية بجزء من أعضائه البشرية مهما كانت الخسائر إنقاذا لأمه و لم يفكر في بيع نفسه و لا بيع الوطن للأعداء. في انتظار صحوة ضمير إذن: إليك نقول هنيئا لك “أمي” ارملة شهيد حرب الصحراء بابنك البار الذي لم و لن يتخل عنك و هنيئا لكم عديمي الضمير بحصانتكم التي زادتكم بعدا عنها وعن ايتامها.