أصبحت حرية التعبير تشكل خطرا كبير في البلدان العربية وأصبحت مادة محظورة في الإعلام العربي وهي التي تعتبر حقاً من الحقوق الأساسية للإنسان، وذلك باعتباره جزءاً أساسياً من المجتمع ومكلفاً ومسئولا فيه،ومن المواد التي تنص على حق الإنسان في التعبير المادة رقم 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تنص على أن لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير، والذي يتمثل في تلقي الأفكار والآراء واستقصائها وإذاعتها دون أدنى تدخل أو تقيد بالحدود الجغرافية، وإن الحق في حرية التعبير يشتمل على عناصر عديدة مثل حرية الصحافة وحرية الإعلام بشكل عام، فقد ورد عن إيرينا بوكوفا؛ وهي المديرة العامة لليونسكو أن الصحافة تزدهر وتتطور عندما تتمتع وسائل الإعلام المختلفة بالحرية والاستقلال، وعندما يُمنح الصحفيون الأمان في كتاباتهم للتقارير المختلفة، وعندما يكون الإفلات من العقاب هو الاستثناء وليس القاعدة، حرية الصحافة ووسائل الإعلام جاءت أغلب الدساتير الدولية على ذكر أهمية حرية الصحافة في نصوصها، حيث إن حرية الصحافة والإعلام تعتبر من أهم صور حرية التعبير وأقواها. واقع يكاد يكون حلما في بلداننا العربية التي تحارب حرية التعبير. ومن منا لم تستوقفه الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة الدولية والحديث هنا عن شهيد حرية التعبير الصحفي جمال خاشقجي : الذي عنون آخر كتاباته ب “أمس ما يحتاجه العالم العربي هو حرية التعبير” كانت هذه الجملة آخر ما أسال حبر الصحفي السعودي المغتال قبل أن يسال دمه؛ والحديث طبعا عن الصحفي السعودي المشهور جمال خاشقجي، حيث قامت صحيفة “واشنطن بوست” التي كان يشتغل فيها قبل اختفاء آثاره منذ دخوله قنصلية بلاده في 2 اكتوبر/تشرين الاول 2018 بنشره تحت عنوان :” أمس ما يحتاجه العالم العربي هو حرية التعبير”.. وقالت محررة صفحة الرأي في الصحيفة كارين عطية في بداية المقالة: “تلقيتُ مقال الرأي هذا من مترجم ومساعد جمال في اليوم الذي تلا الإبلاغ عن فقدانه في إسطنبول. صحيفةال”بوست” كانت قد قررت تأجيل نشره لأننا أملنا أن يعود جمال إلينا كي نستطيع نحن الاثنان تحريره سويًا. الآن عليّ أن أتقبل أن ذلك لن يحصل. هذه هي آخر مقالاته التي سأحررها لل”واشنطن بوست”. يجسّد هذا العمود تمامًا التزامه وشغفه بالحرية في العالم العربي. حرية ضحّى بحياته في سبيلها. وسأكون ممتنةً دومًا أنّه اختار ال”بوست” ليكون آخر بيت صحفي له قبل عام ومنحَنا الفرصة للعمل معًا”.. كانت هذه أبرز المعطيات التي أحاطت بمقتل : ” شهيد حرية التعبير في العالم العربي “جمال خاشقجي”. الذي تناول من خلاله(مقاله) قضية حرية التعبير في الدول العربية والرقابة التي تفرضها حكومات المنطقة على وسائل الإعلام والقيود المتزايدة والمشددة التي تفرضها الأنظمة العربية حتى على الإنترنت. حيث أشار الكاتب السعودي إلى حرمان أغلب مواطني الدول العربية من حق ممارسة النقد ومناقشة القضايا التي تهم حياتهم اليومية ومصادرة الحكومات العربية لوسائل الإعلام التي لا تسايرها.. حالة لا تختلف كثيرا عن نظيراتها في الدول العربية التي تقتل وتنفي وتسجن بل تقطع وتذوب من تجرأ عليها وحاول كشف النقاب على الفساد والتضليل.. غير بعيد عن ذلك تلوح قضية الصحفي المغربي الذي أصبح ولا يزال مادة دسمة للصحافة والإعلام بالمغرب طيلة الأيام والأشهر الماضية؛ حيث أنه توبع بتهم أبرزها الاغتصاب والاتجار في البشر ؛ وفي كلمته التي ألقاها خلال مثوله أمام هيئة الحكم بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء قال بوعشرين : أن “القضية الأكبر في هذا الملف الذي يتابع فيه هي سوء الفهم بين الصحافة والسلطة”. واعتبر أن “النيابة العامة تغولت وكنت ضد استقلاليتها عن سلطة الوزير”، مضيفا أنه “لا بد أن يتم ربطها برابط قضائي؛ لأن النيابة ليس لها أي رابط سياسي” ،الكلام لبوعشرين. ولفت الصحافي نفسه إلى أن متابعته بهذه التهمة تأتي في “مناخ يعادي حرية الصحافة، والسلطة اعتقلتني لجرأتي”، مضيفا “أنا ضحية حرية التعبير، وأنا صحافي ولن أبيع ضميري ونفسي”.. تستوقفنا كذلك حالة أخرى للصحفي لا يقل جرأة عن أسلافه والحديث هنا عن الصحفي والإعلامي المصري المشهور”معتز مطر ” والذي ذاع صيته بعد الثورة المصرية عبر برنامجه مع معتز على قناة الشرق، واشتهر بنقده اللاذع للحكومة المصرية بعد الانقلاب العسكري وللوضع العربي المتردي عامة. كان أيضا ممن دافعوا وناشدو بحرية التعبير في الوطن العربي؛ حيث أنه تعرض لمجموعة من التهديدات بالقتل و التهديد بالسجن وعائلته كذلك. حيث أنه في 8 يوليوز 2015، قضت محكمة جنح الدقي المصرية بحبس معتز مطر وزميله الإعلامي محمد ناصر علي غيابيا عشر سنوات، لاتهامه بمحاولة “قلب نظام الحكم والتحريض ضد مؤسسات الدولة، والترويج للقيام بأعمال عنف ضد رجال الجيش والشرطة” كما أنه في الخامس من يونيو 2016، أصدرت نفس المحكمة حكما غيابيا بالسجن عامين، وكفالة 5000 جنيه مصري على الإعلامييْن محمد ناصر وزميله معتز مطر، بتهم التحريض وبث الشائعات ضد القوات المسلحة والشرطة ومؤسسات الدولة، والسخرية من عبد الفتاح السيسي. ورغم كل ذلك ما زال معتز مطر يحمل لواء الدعوة نحو الحرية و محاربة الفساد واستبداد الأنظمة العربية كما دافع وبشراسة عن الثورات العربية(الربيع العربي ) ودعا إلى ضرورة نشر قيم الديمقراطية وتكريسها. هم فقط أمثلة من بين أخرى كثيرة لمن سلبت منهم حريتهم أو حياتهم ويتمت أقاربهم ليس إلا لقلم يحرر بحرقة مداد الغيرة على الوطن الأم. مجسدين العبارة الشهيرة للحجاج بن يوسف الثقفي [والله إني لأرى رؤوسا قد أينعت وقد حان قطافها]… بقلم: م. أشرف أبوموسى.